قاسم الغراوي ||
بدا البيت التشريعي العراقي مُغلَقاً أمام المرشّحين المستقلين والأحزاب والقوى السياسية الصغيرة منذ تأسيس النظام السياسي الجديد الذي أعقب احتلال العراق في نيسان / أبريل 2003
ولكون قوانين الانتخابات يصب في مصلحة هذه الاحزاب لذا تمكّنت هذه الأحزابَ والتحالفاتِ الكبيرةَ والمتوسّطةَ من الفوز على حساب المرشحين المستقلَين، والقوى والأحزابِ الخارجة عن دوائر النخب السياسية المُعتادة واحكمت تواجدها واستمرار ديمومتها في السلطة.
وحتى في عام 2013 شهد العراق آخر انتخابات لمجالس المحافظات ، وظلّت القوى السياسيّة تماطل في إجراء الانتخابات المحليّة، لكي تضمن عدم وجود رقابة محليّة على المحافظين الذين ينتمون إلى أحزابها لتمرير فسادهم وسرقاتهم بعيدا عن الأنظار.
يُعد قانون الانتخابات الاخير بفتح 83 دائرة انتخابية بدلا من 18 دائرة انتخابية تحوّلاً في عمليّة حساب الأصوات والفوز للمرشحين، إذ إنه يُحدّد الفائز بأعلى الأصوات بدلاً من اعتماد طُرق حسابية معقّدة تجعل دخول المستقلين إلى مجلس النواب مُهمّة شبه مستحيلة.
المهم في القانون الاخير لايتم توزيع الفائض من الاصوات على مرشحين في حزبٍ ما، أو القائمة الانتخابية ذاتها، الأمر الذي سهّل صعود نواب يمثلون أحزابهم وليس جمهورهم مما سهل الاحتفاظ بجميع الأصوات لصالح المرشح الفائز .
اما طريقة "سانت ليغو" الذي يعاد طرحه في البرلمان فهو يمثل نظام التمثيل النسبي في توزيع المقاعد النيابية وفيه تقلّ حظوظ الكيانات الصغيرة بالفوز، بينما تزداد مقاعد الكيانات الكبيرة مما يعيد للمشهد السياسي عودة نفس الاحزاب الكبيرة لإعادة إنتاج نفسها وتمكنها من صناعة القرار السياسي تحت قبة البرلمان.
أن إقرار قانون الانتخابات بدوائر متعدّدة وبترشيح فردي تمّ لأنه مطلب أساسي للمتظاهرين برز في تظاهرات العام 2019، إما قبول الكتل السياسية الكبيرة المهيمنة على السلطة بالقانون الجديد الذي افرزته التظاهرات فهو لمصلحة كبيرة في محاولة منها لاستعادة شرعيّتها السياسيّة التي تزعزعت في الانتخابات النيابية العامّة عام 2018 والتي شهدت عزوفاً كبيراً من قبل الناخبين، علاوةً على عمليات تزوير كبيرة للنتائج.
وجاء إقرار القانون الاخير للانتخابات تحت ضغط الشارع العراقي الذي شهد تظاهرات هي الأوسع والابرز في تاريخ العراق الحديث، والتي طالبت بإصلاح سياسي واقتصادي شامل. وكانت من أبرز مطالب المتظاهرين الأساسية، سنُّ قانون عادل للانتخابات، يخفّف من احتكار الأحزاب المشاركة في السلطة المقاعد النيابية، ويسمح بدخول مستقلين وأحزاب صغيرة وحديثة النشأة إلى مجلس النواب.
وكان لدعم المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني ووقوفه مع مطالب المتظاهرين في إقرار القانون بشكله الاخير مهد لصعود تيارات ناشئة وشخصيات مستقلة وفاعلة تحت قبة البرلمان .
ــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha