بدر جاسـم ||
اللباس بمثابة البيت الأول للإنسان، ورفيقه الدائم، كذلك صورته الثقافية، علاوة على أنه مرآة تعكس نظرة الفرد إلى الكون، إن الزي أو اللباس بمثابه علم البلاد، لذا هو متباين من منطقة إلى آخرى.
اللباس متباين من مجتمع إلى آخر، فهو يعكس ثقافة المجتمع ورؤيته إلى الكون، هنالك نموذجين من الملابس، فأحدهما فضفاض وطويل، والآخر ضيق وقصير، إن الأول يمثل الحضارة الشرقية التي لها رؤية معنوية، أما الأخير يمثل الحضارة الغربية التي لها رؤية مادية بحته للعالم، لذا فهي لا تؤمن بكل شيء أبعد من المادة، فهي تعيش في ليلٍ دامس خالٍ من الله، أذا هي تسعى بكل قوة لغرض الاستمتاع، وإشباع اللذات والانغماس فيها؛ فهنا اللباس هو ليس لأجل الستر وحماية الجسد، إنما لغرض الزينة والتجمل، وزيادة الإثارة، ففي هذه الحضارة الإنسان ليس سوى جسد وعين ويد، فيتم تقييم المرأة حسب جسمها وفستانها، وهنا يصير الإنسان سلعة تزيد من حركة السوق. بيد إن اللباس هو البيت الأول للإنسان، وليس جلده الثاني.
الحضارة الشرقية التي تؤمن بالله تعالى، تمتاز باللباس الفضفاض والطويل، الذي يستر معالم الجسم، فهي تسعى نحو المعنوية والكمال، الذي يأتي من خلال الجهد والمراقبة الدائمة، كذلك لا تبحث لأثارة الغريزة الجنسية، لأنها لا تستخدم في أي مكان وأي زمان ومع أي شخص؛ إن الدين لم يأتي ليفصلنا عن الواقع المادي، كما إن المعنوية لا تتنافر مع المادية، إنما جاء الدين ليكون مقياساً للتوازن والاتزان، كي يحافظ على الإنسان ويبعده عن التطرف.
اللباس ليس مسألة بسيطة، لتخضع للذوق الشخصي، إنما بصمة لهويته الثقافية، لكل مجتمع له زيه الذي يعكس ثقافته، فعندما يلبس شخص زي مجتمع أخر، إذا هو متأثر بثقافة ذلك المجتمع، كما ورد في حديث "من تشبه بقوم فهو منهم" إذاً ارتداء زي مجتمع أخر هو إذاعان لتلك الثقافة، كانت وما تزال هناك محاولات لتغريب المجتمعات الشرقية، فكما حصل في اليابان حيث الزي التقليدي( الكيمونو) الان يحتضر، أما في العراق مساعِ لتغيير لباس المجتمع، وبالأخص المرأة، حيث بدأت تنزع الحجاب بدوافع خداعة، باسم الحرية والتطور، لكن عندما تم إجبار الإيرانيات على نزع الحجاب، فلم يتكلم أحد بالحرية! بالتبيين الحقيقة وإبعاد التغيير الثقافي، سوف تبين الأثر البليغ لهذا التغيير.
الزي ينبئ بإيمان الشخص وتوجهه، كذلك عن مدى رؤيته للواقع، إن من يسعى خلف اللباس الغربي والموضة، بالتأكيد هو يبتعد عن الحشمة والعفة، بالإضافة لاستمراره بالعدو خلف الموضة دون اللحاق بها، بالنتيجة اللباس الإسلامي هو إخفاء لمظاهر الجسد، وتأدية الغرض منها، أما الزي الغربي هو وجد لأجل بروز مفاتن الجسد، وعرضها لسوق الأعين للمشاهدة، وجعلها في استهلاك مستمر لغرض تحريك السوق.
ــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha