مانع الزاملي ||
الثقافة السياسية هي مجموعة القيم والمعايير السلوكية المتعلقة بالافراد في علاقتهم مع السلطة السياسية التي تحكمهم او التي ينتمون اليها ، وهي جزء من الثقافة العامة المتعارف عليها في المجتمع
ظهر مفهوم الثقافة السياسية في اواسط القرن العشرين، وجذورها ترجع الى اواسط القرن التاسع عشر،
والثقافة السياسية هي مجموعة معارف مكتسبة وليست فطرية ، وهي ثقافة تحتلف من نظام سياسي لنظام سياسي آخر ، فثقافة النظام الاسلامي تختلف عن ثقافة النظام الرأسمالي او الدكتاتوري وهكذا تتعدد بتعدد الانظمة السياسية ،
ان النظام السياسي يستمد استقراره وعمله ونجاحه في تطبيق اهدافه من خلال وعي سياسي ناضج للجمهور الذي يستهدفه النظام وكذلك الجمهور المؤيد او المنخرط في دعم ايديلوجية هذا النظام ،ان عدم الاستقرار السياسي وحالة الفوضى والتخبط الذي يعيشه اي نظام وفي اي دولة كانت مرده للوعي السياسي الذي يتمتع به جمهور هذا البلد،فممارسة الحق في ابداء الافكار او الانتقادات الهادفة تكون مخرجاته تمكن الطبقة المتصدية لقيادة البلد من تطبيق او تصحيح مسارها ، لان الشعب المثقف سياسيا يشكل ضغط ايجابي على القائد ويساهم في ترشيد بوصلة العمل الحكومي والحزبي ،
واذا اردنا ان نعرج على الوضع السياسي العراقي منذ انتهاء حقبة الدكتاتورية البغيظة من 2003الى اليوم ، نلاحظ هناك تفاوت واختلاف وتنوع في الثقافة السياسية للقادة من كل الاطياف، والطبقات وكذلك تصادم بعض المواقف مع بعضها، لظروف بيئية وسياسية واجتماعية ساهمت في عدم تحقيق اهداف الحكم اضافة لضبابية الاهداف ، فما اصطلح عليه بالفسيفساء السياسي في العراق ، لم يفضي لانضاج خطة واحدة متفق عليها لأنقاذ البلد من التدهور الحضاري والعمراني ،والاقتصادي والاجتماعي، والاخلاقي ! فما يحسبه جمهور معين هدف يضحي من اجله يصطدم بثقافات وافكار مضادة تصل لحد التقاطع ، لنأخذ مثلا معاصرا وهو الترويج لشخصية تاريخية مضى عليهاقرون تسوق على انها الشجاعة والحكيمة والمؤمنة ويعمل لها مسلسل يعرض في شهر رمضان مع ان الشريحة الاكبر تعتقد ان امتداح هكذا شخصية فاسدة ومنافقة وربما عدها البعض كافرة ، مما يتسبب في اعادة بعض خطوات العجلة الامنية الى الوراء ، لان الذي يعتقده البعض بطلا ، تعده الاكثرية طليقا وظالما ومنافقا ولايستحق الاشادة ان لم اقل يستحق اللعن ، اذن الوعي السياسي المتنوع والمتضاد في جسم دولة واحدة يجعل بلوغ اهداف الطبقة الحاكمة المرتقب ضرب من المحال ،
ان التأسيس لثقافة حب الوطن قضى عليها النظام السابق ، لان الحكام اسقطوا اي شعور بحب الوطن ودفعوا البلاد في اتون صراع مذهبي خفي تحت يافطة مزورة اسموها الفرس المجوس التي يقصدون من اطلاقها الاساءة لاناس ليسوا فرسا لكنهم تربطهم علاقة مذهبية بالمستهدف من الكناية اعلاه.
ان المواطن الذي يتعرض للتخوين من اعلى سلطة في البلاد تجعل الدافع للاخلاص والدفاع عن الوطن فيه مسحة من التراخي واللامبالاة ، والقياس ايضا يصح ضد الطرف الاخر، ان المتتبع للخطوات السياسية لايجد برنامجا تثقيفيا صادرا من الدولة ويطبق برقابتها الصارمة كباقي الدول ، فالحكومة والقيادات السياسية تسعى لتطوير وعي جمهورها كله لكي ينخرط في البناء وتعويض الحرمان الذي لحق البلد واهله ,فالعراق ليس شعبا مظلوما وانما البلد هو بكل مكوناته كوطن تعرض للهدم والابتزاز والتخلف ، فلابنى تحتية ولا مؤسسات رصينة ولا خطة خمسية ولا سنوية تعتمد وتقيم من اخصائيين لكي تكون لدى القيادة قاعدة بيانات من خلالها تعرف هذه القيادة اين نجحت وفي اي مفصل تخلفت وماهي خطط الاصلاح المفترضة، ان الوعي السياسي المعتد به هو ان تطرح افكار وتنتظر مدى مقبوليتها شعبيا ، اما وجود شريحة تعتقد انها وحدها هي الحق وماعداها عملاء واتباع آخرين ووضع العصي في عجلة حركة الاصلاح او الشروع بالخدمات هي من اخطر وادنى درجات الوعي ولا يمكن وصفها بالمثقفة سياسيا ، لان الوعي والثقافة السياسية هي طرح افكاروتحشيد كل الوسائل المتاحة لبلوغ الهدف من خلال محاكمة الخيارات ،علينا ان نسعى لايجاد وعي وثقافة سياسية عامة وبأسلوب بعيدا عن الطرح المعقد حتى نتمكن من بلوغ الغاية التي من اجلها قدم الاسلام دماءا غالية وطاقات لاتعوض وهدر مادي مزلزل ، والامة التي تنهض ستجد ان هناك يد تنصرها وهي يد الله جل علاه .
ان مجتمعنا الحالي بحاجة الى وضع نظرية سياسية جامعة لكي يتطور البلد ويحتل مكانته بين الامم وهذا لايمكن مالم يخطو الفرقاء جميعا خطوة نحو الاخر ولا استطيع تسميتها بالتنازلات المبدئية وانما استطيع ان اطلق عليها مفهوم التأجيل لحين استتباب الوضع واستقراره عندها يخطو لجميع للتثقيف نحو تحقيق طموحاته في اي هدف متاح في فترة الرخاء لانك لاتستطيع ان تكلف جائع مثلا لكي يشيد لك صرح من البناء ، اذن نحن امام خطوات كبيرة ولاتحتمل التاجيل لكي نخطو نحو الافضل ، وربما تكون المراوحة وعدم وضع الحلول ان تبرر لظهور تيارات عابثة لكي تطيح بكل شيء ، ان التعكز على مقولة المحتل هو سبب كل تخلف وانهيارلاتدوم طويلا ، لان حسم كل الامور السياسية واجب القيادات المتصدية وليست واجب الجمهور كله دون ان يصارح بحقيقة مايحصل ، ان تحكم وتدخل سفيرة امريكا في كل شيءمثلبة كبيرة ومزرية ومخجلة بحق شعب عرف ببطولاته وما ملحمة دحر دولة الخرافة ببعيدة عنا نحن صانعي الامجاد ، قد يصعب على قيادة ما اتخاذ قرار بحكم ظرف خاص ، لكن الشعب اذا اراد سيحقق كل محال والتأريخ قديما وحديثا اثبت بكل صلابة قدرة الشعوب على الخلاص من الظلم ان توفرت قيادة حكيمة وشجاعة ونزيهة وهذا الطموح والامل لابد ان يعمل عليه من خلال ثقافه سياسية هادفة وتدعم بجهد صلب ان اقتضت الضرورة ولكن بمشورة من يملك حق التصرف بالارواح .
ــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha