سامي التميمي ||
حرب قاسية دامت لثماني سنوات مع أيران ، راح ضحيتها الكثير من الشباب العراقي وخسارة كبيرة للأموال والثروات ، أنتهت الحرب وأستبشر العراقيون خيراً ، لكن لم يدم الحال كثيراً ، حتى أدخل العراق بحرب أخرى مع الكويت وبغزو أستباح به كل شئ ، قتل الكثير من الأبرياء وسجن الكثير من الرافضين لمبدأ الغزو من العراقيين والكويتين وهجر وشرد الكثير.
وغزو آخر لمدينة الخفجي السعودية ، أستطاع تدمير المدينة ونهب وسلب ممتلكات عامة وخاصة ، كان كالثور الهائج يهرب يميناً ويساراً ، لايعرف بماذا يفكر وأين وجهته وماذا يريد.
ورغم كثرة المطالبات والمناشدات العربية والدولية للحكومة العراقية ولصدام حسين بالذات بالخروج من الكويت ، إلا أن جميع الوفود والوساطات باءت بالفشل .
حتى أستنفذت كل الأماني والأمال ، فكان اليوم الأسود صواريخ كالحمم البركانية تنهال على كل المدن العراقية وأنواع الطائرات لأمريكا ودول أوروبا وأفريقيا وأسيا وأخرى عربية تقصف ليلا ونهاراً ، كان العراق ملعبا ومسرحاً جربوا به كل أنواع الأسلحة ، أنه يوم القيامة ( عاصفة الصحراء ) .
صدام وجلاوزته لم بعطوا أذناً لقوات الجيش العراقي بالأنسحاب ، فكانت تلك المأساة ، تم أستهداف كل قطعات الجيش العراقي داخل الكويت وكانوا صيداً سهلاً للطائرات والأسلحة الثقيلة والخفيفة ، حتى هرب القادة ولم يستطيعوا أن يرسلوا أخر رسالة سريعة الى الجنود عبر للا سلكي بأمر الأنسحاب ، لأنه ببساطة تقطعت كل أوصال القيادة والأستخبارات وأجهزة الأتصال ، أضطر بعض الجنود للهرب مشيا على الأقدام ولساعات وأيام طويلة من الكويت والى العراق وعلى الشوارع العامة ، فكانت الطائرات تتفنن وتتصيد تحركاتهم وتقتلهم بالجملة .
الشعب العراقي ضاق ذرعاً بتصرفات صدام وجلاوزته ، فكانت فرصة ثمينة بأن ينتفض ويثور على تردي الأوضاع وكثرة الحروب والموت بالجملة ، فكانت الأنتفاضة الشعبانية هي الخلاص الوحيد من تلك الزمرة الحاكمة التي تسلطت على رقاب الشعب ولفترة طويلة ، فكان الثوار الأكراد من أبناء المحافظات الشمالية قد بدأوا بالنزول الى الشوارع والأستيلاء على المعسكرات والأسلحة والأعتدة ودخلوا الى مديرية أمن ومحافظات سليمانية وأربيل و أسقطوها ، حتى وصولهم الى مدينة جمجمال ، فكان الهروب الجماعي للقيادات العسكرية والأمنية الصدامية الى مدينة الدور وتكريت .
ومن الجنوب كانت ثورة عارمة وسريعة أستطاع الثوار السيطرة على كل مقار الأمن والأستخبارات والمخابرات والحزب والجيش الشعبي ودوائر المحافظات حتى الوصول الى مشارف بغداد .
لكن كانت الصدمة مفاجئة وغريبة ، بتوفير غطاء جوي من قبل أمريكا ودول التحالف للطائرات العراقية والجيش العراقي ، بسحق تلك الأنتفاضة وبطريقة جنونية ومجرمة هو حرق الأرض ، فكانت صواريخ أرض - أرض والراجمات والمدفعية والدبابات تدق المدن والقرى والشوارع والأزقة والمساجد ومراقد الأئمة الأطهار .بلا هوادة ولارحمة ولا أنسانية ،
أحرقوا كل شئ وأستباحوا كل شئ ، وقتلوا الكثير من الثوار المنتفضين بدون محاكمات ، رجال ونساء ولم يسلم منهم حتى الأطفال الرضع وكبار السن والعجزة ، وأثقلوا السجون بألاف الأبرياء بمجرد الإشتباه .
أستخدام القوة المفرطة ، أثقل وأثخن الجراح ، فكان هول المصيبة أعظم وأقسى ، والفزع الأكبر لمشاهد الدمار والقتلى من الناس الأبرياء وووهي مرمية على الطرقات والأزقة والساحات مؤلم ، لم يكن هناك خيارات أخرى فأستطاع الكثير من الشباب والعوائل الهروب بسياراتهم أو بسيارات كبيرة ينقل جماعي الى مدن حدودية مثل أيران أو تركيا أو السعودية
تاركين وطنهم وأحلامهم وآمالهم ، لفرصة أخرى أو موت قد تختاره الغربة .
أستنتاجاً لما تقدم يتبين لنا ، بأن أغلب الثورات ومنها ثورات الربيع العربي التي تفتقر الى القيادات الواعية والحكيمة والمدربة والتي لاتمتلك خطط وبرامج وأهداف وتكتيك فكري وثقافي سياسي وأقتصادي وأمني وأجتماعي ، تكون خاسرة أمام السلطة الفاسدة والظالمة أو أمام الأحزاب الراديكالية التي غالباً ماتكون منظمة . فتقوم بالإستيلاء والأسحواذ في النهاية على نتائج ومقدرات الثورة .
الثورة هلي ليست مجرد خروج للشوارع وحرق الأطارات وغلق الشوارع وأستهداف المقرات العامة والخاصة ، هي فكر وتنظيم وخطط وبرامج وأهداف وأعداد وتمكين .
ــ
https://telegram.me/buratha