منهل عبد الأمير المرشدي ||
اصبع على الجرح
ليس بعيدا عن السياسة وليس قريبا منها اتحدث عن معادلة الإمتحان والممتحن . كلنا ممتحنون ولكل منا امتحانه الذي اما ان ينجح فيه او يفشل . هكذا الحياة في جميع حيثيات من يحيا فيها شاء من شاء وأبى من أبى . فقير كان ام غنيا ، جاهلا كان ام متعلما ، بسيطا كان ام وجيها ، عالما كان ام لا يعلم . رئيسا كان ام مرؤوسا ، في الأسرة والبيت والمدرسة والدائرة وحيثما كان في رحاب الوطن . كلنا ممتحنون وسعيد الحظ حسن الطالع ويستحق الفخر من ينجح في الإمتحان .
المسؤول في الدولة وبأي درجة كان وبما يملك من صلاحيات وامتيازات وما تحت تصرفه من مسؤولية افراد واموال هو ممتحن فيها من الله في نزاهته والحفاظ على الأمانة والمال العام والاخلاص في خدمة الصالح العام . العامل والموظف هو ممتحن في اداء واجبه بعيدا عن التسويف وعدم الالتزام في ضوابط العمل والابتعاد عن الابتزاز وكسب المال من السحت الحرام . كل مسؤول ممتحن ويأتي الإمتحان على قدر الممتحن كما هو سر البلاء . كلما كبرت المسؤولية كلما ازداد الإمتحان صعوبة وكلما زاد علم الشخص وكفاءته كلما كان الإمتحان اصعب .
كما هي أسئلة الامتحانات في الدراسة فأسئلة السادس الابتدائي تؤتى لطلبة السادس الابتدائي واسئلة المتوسطة لطلبة المتوسطة وهكذا .
كلنا ممتحنون . ربما يكون البلاء هنا بمثابة الامتياز وفق درجة ايمان الشخص حيث يقول الله عز وجل ( الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ) .فنرى بعض المؤمنين معرضين للمصائب والنكبات وفق قدرتهم على الصبر والتحسب لله العلي القدير . لكن الجميع رهن الإمتحان فالاغنياء فينا ممتحنون في اين ينفقوا أموالهم وكيف جاؤا بها ومن اين ،
كما هم الفقراء ممتحنون فيما سيفعلوا وكم سيصبروا وماذا يفعلوا ، حتى في عالم السياسة المنتمي فينا لحركة او حزب او لم ينتم . من يؤيد زعيما او قائد او يناصر رئيسا او غيره الكل ممتحنون في ان يتحروا ويدققوا ويتيقنوا من صلاح ذاك الحزب او تلك الحركة واستقامة ذاك الزعيم او القائد او الرئيس . حتى في عالم الدين والعقيدة والفقه والشرع بل حتى في اقامة الصلاة في مسجد مأموما خلف الإمام فنحن ممتحنون امام الله قبل انفسنا في اختيار رجل الدين الأتقى والأعلم والازكى والأبصر في الدين والحياة ( يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ ) . كلنا ممتحنون . في كل ما قلنا وسوف نقول وفي كل ما عملنا وسوف نعمل .. ممتحنون في اختيار طعامنا ومفردات كلامنا ونوع لباسنا وما يعلم الله مما تخفي صدورنا وما توحي عيوننا .
ليس هناك من ينجوا من التعرض للامتحان على الإطلاق لكن هناك بكل تأكيد من ينجح وهناك من يفشل . في توجيه أبنائنا واختيار شركائنا وتحديد مسارات حياتنا ، في مواقفنا وكلماتنا وارائنا وصمتنا وايحاءاتنا وهمسنا ، كلها حلقات متصلة في سلسلة امتحان لا مناص منه سيكون نتاجه ما يؤول اليه الحال يوم لا ينفع مال ولا بنون . حكاية سمعتها على لسان احد الأفاضل من مشايخ المنبر الحسيني ان احد الأنبياء كان مغادرا للحقل فشاهد رجلا ساجدا يدعوا الله في طلب حاجة تخصه .
بقي ذلك النبي حتى المساء فعاد بنفس الطريق فوجد نفس الرجل لم يزل ساجدا يدعو الله بذات الطلب فرق قلبه عليه وتوجه الى الله داعيا له متسائلا يا إلهي الم تقل
(وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ } فجاءه النداء من ربه بما معناه . نعم قلت ذلك وانا أقرب اليه من حبل الوريد ولكني لا اجيب دعوة من يدعو وفي بطنه لقمة من الحرام .
ــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha