د.إسماعيل النجار||
عندما شعرَت أميركا وأوروپا بعجزهم عن إحكام قبضتهم طويلاً حول أعناقنا أكثَر مِما مضىَ أشعلوا النار فيما بيننا وتركونا نتقاتل ونتناحر حول الماضي، وأنطلقوا هُم نحو المستقبل الطويل يبحثون عن آفاقٍ أوسَع وأفضل لمواطنيهم،
كُنَّا أُمَم وشعوب مُستَعمَرَة نقاوم لإزالة الإحتلال الجاسم على صدورنا وعندما تراخت قبضاتهم عن بلداننا منحونا ما يسمى إستقلال الكذبة بعدما أدخلوا إلينا الفساد السياسي عبر الحكام الذين دعموهم وأوصلوهم إلى رأس هرَم السلطات وقاموا بتزكية فريق ضد آخر،
طيلة فترة سبعين عام عَمَل الأوروپيين والأميركيين على زعزعة إستقرار بلداننا إقتصادياً ومالياً عبر إيصال عملاء لهم إلى كل مفاصل الدولة التي يستهدفونها ومنهم لبنان الذي كرسوا فيه الطائفية والمذهبية ورفعوا فيه من عُلُو أعتاب البيكوية والمشيخات والأمراء كمجموعة مختلفة التوجهات الدينية يسيطر كل طرف منها على مجموعة من السكان تدين له بالولاء وتلتف حوله حسب العصب الطائفي والمذهبي حتى فقد اللبنانيون حِسَهُم الوطني الجامع وإيمانهم بهويتهم الوطنية وأصبحت الطائفة هي ملاذهم وبيتهم الكبير يغضب الشعب لغضب الشيخ او المير او البيك ويرضىَ عند رضاه!،
هكذا تَكَوَّن لبنان وبُنِيَ نظامهُ السياسي على المحاصصة والستة سِتَة مكرر فوصلنا إلى ما وصلنا إليه،
بلدان عربية أخرىَ تسكنها مكونات مجتمعية عربية ذات ألوان طائفية ومذهبية كالبحرين والسعودية والكويت والعراق وسوريا بعضها خاضع للحمايه الأميركية والبعض الأخرىَ عُرضَة للمؤامرات،
لكن بعد إنتصار الثورة الإسلامية الإيرانية أصبحت الامور مختلفه تماماً خيث بدأ الغرب ومعه أميركا خصوصاً بعد فشل كسر إرادة طهران في حرب الثمان سنوات وانتشار الفكر الجهادي لدى الشيعه ضد إسرائيل ومناداتهم لإزالتها من الوجود ووصفهم إياها بالغدة السرطانية في المنطقة حيث تركزَت الحركات الجهادية في كُلٍ من لبنان والعراق واليمن،
بدأوا بمحاولات شن حروب من نوع آخر على هذه البلدان فكانت داعش أحد أكبر أدواتهم وسلاحهم الطائفي الفتَّاك فغزا العراق واتخذت المعركة فيه طابعاً طائفياً رغم نكران الشيعه لذلك وانتهت بإنتصار القوة العسكرية الشيعية وإنكسار وهزيمة الذراع العسكري الضارب لإسرائيل والسعودية (داعش) التي تمثل الفكر الوهابي المصطنع، شنت إسرائيل ثلاثة حروب شرِسَة على حزب الله في لبنان إنتهت بهزيمة إسرائيل وانتصار المقاومة وتثبيت معادلة قوة وردع هاجمَ الغرب ومعه السعودية وقطر سوريا بكامل قوتهم العسكرية الوهابية العقائدية، فتدخلت إيران وحزب الله وانهزمَ إرهابهم في سوريا،
شنُّوا حرباً على اليمن ولا زالت مستعرة نارها، موازين القوى فيها تحولت لصالح أنصار الله والجيش اليمني!
إذاً أميركا والغرب ومعهم إسرائيل ودوَل التطبيع (العربي) جميعهم حاولوا وبكل الوسائل وفشلوا،
جَرَّبوا الحرب العسكرية وفشلوا،
جَرَّبوا بالحصار والتجويع وفشلوا،
لَم يبقى وسيلة إلَّا وأستخدموها من أجل خلق فتنه بين السُنَة والشيعه لكي تسيل الدماء بينهم وترتاح إسرائيل،
فكانت آخر براءآت إختراعهم إنجاز فيلم موَّلتهُ السعودية بقيمة ١٠٠ مليون دولار بعنوان معاوية بن أبي سفيان يُظهِر فيه هذه الشخصية الكافرة اللئيمة بمظهر أمير المؤمنين، الأمر الذي أثار حفيظة الكُتَّاب والمفكرين المسلمين من كل المذاهب وقامَ كثيرون منهم بمهاجمة الفيلم ومنتجهِ ومُمَوُلِهِ،
في الوقت نفسه الذي أحدثَ فيه فيلم معاوية بن أبي سفيان اللعين ضجة كبيرة، كانت بريطانيا تمول تصوير فيلم محسوب على الشيعة يجسد شخصية أبو لؤلؤة المجوسي (فيروز) "الكاشاني" حسب وصفهم المتهم بإغتيال الخليفه عمر بن الخطاب في المسجد، لتصوير الأمر بأنه رد على فيلم معاوية مع العلم أن منتج وممول الفيلمين هما جهة واحدة تقف خلفها إسرائيل،
حركات ومشاريع فتنوية أخرجتها لنا أميركا وبريطانيا وإسرائيل من بطن الزمن الغابر وجائت لتحيي من خلالها فتنةً لعينة بين المذهبين الإسلاميين الأساسيين في العالم،
ومع الأسف أبواق العلماء المسلمين المفتوحه لأكل اللحوم والمناسف وأموال المسلمين أُطبِقَت تماماً ولم نسمع صدى صوت واحد منهم لا من الأزهر الشريف ولا من أي مكان في العالم يعترض على مثل هكذا فيلم فتنه، في الوقت الذي تتحدث فيه مراجع وكتب الكثير من العلماء عن كفر معاوية بن أبي سفيان وولده وأبيه ووصفهم بأنهم كانوا أكثر مَن آذوا النبي محمد صلى الله عليه وسلم وحاربوه،
دائماً تنجح أميركا وإسرائيل والغرب في إذكاء الفِتن بين المسلمين ودائماً ما تكون السعودية هي الأداة الممولَة لإزهاق الأرواح والدماء ولا أحد يعترض على ما تقوم به مملكة المنشار،
للأسف البعض مسلمون في التسمية فقط.
بيروت في...
7/3/2023
ــــــــــــ
https://telegram.me/buratha