مازن الولائي ||
١٧ شعبان ١٤٤٤هجري
١٩ اسفند ١٤٠١
٢٠٢٣/٣/٩م
ليس مستغربا أن تجد حداثوية القرآن الكريم "المعجز" في مواكبته كل مراحل الوجود الإنساني في نشأة الدنيا، فهو كل يوم يبرهن على أنه صيدلية وطبيب دوار بطبه ينتج آمصال ما تحتاجه البشرية في كل أزمة، أو ظرف، أو علة يعّتل بها المجتمع كثير الحاجات والبلاءات! ما يجعل المرء يتوقف بدهشة مما يراه من دقيق مواكبة مثل القرآن لنا وفي كل ما هو متوقع سلفا في آيات واضحات الدلالة والقصد، نعم قد تختلف المصاديق وقتها وكل يعبّر عن آية ما في محل ما عن نوع مصداق بعينه يظهر للعيان على أنه معظلة ومشكلة تبحث عن حل في الوقت الذي يختزل القرآن الحل الأمثل حال الرجوع له! والأمثلة كثيرة جدا في إثبات ما نخوض غماره الآن، واختيار هابط المحتوى الاجتماعي الذي هو سبيل نيل الظالمين والطواغيت من رقاب الأمة حينما ينزعون منها قدرتهم على التفكير والثقة في أنهم يمّلكون حالة التغيير في حال الوثوق في امكاناتهم والقدرات! ولعل ما ورد كشاهد حال في القرآن يعضد الفكرة ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ ) البقرة ١٧٠ ..
القناعة في المحتوى الفكري الذي تصدّر عندهم على أنه حقيقة مسلّمة ولاجل كونها حقيقة تمت محاربة كل الرسالات! بل وازهقت انفس الكثير من المؤمنين بشكل فردي قبل أن يوجد الحل لهذا المحتوى الهابط والمنخفظ في بلوغه مرام الإله الذي يجد كمال السعادة في ترك الجمود على نهج اتسم بالتخلف والجهل والراحة في زيادة مؤمن الفرد الذي لم يبلغ من خلال محتواه الجامد السلبي فكرة المسؤولية التي تضعه في أوج المبادرة والتضحية وإشعال الدماء منارة تغيير تسّحر وتجتذب الكثير نحو التغيير وإسقاط حجية التقليد الاعمى وهدم نظرية التقليد السلبي الذي على طول تأريخ طويل أصبح مطية الفاسدين والمسلطين على رقاب البشرية حتى بلغ بالبعض أن يتصور نفسه إله يعبد من دون الله الخالق الحقيقي إذ ليس لأحد الخروج من سياج حُدد فيه حتى التفكير وحديث النفس الممنوع خروجه عن سلطان ما يراه الحاكم! ( قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ ) غافر ٢٩ .
وهذا المحتوى الهابط والمنخفض من التفكير هو أول نجاح الطغاة في إستمرار تغييب الوعي ومنع المحاولات لكشف زيفه وبطلان القناعة فيه! ولعل ما تزخر به البشرية اليوم من حرب شرسة وضروس تستهدف وتريد إرجاع ذات البيئة التي تنكرت للانبياء والمرسلين والمعصومين عليهم السلام من جر العقول لتلفظ منطقها وتعقّلها لتجري خلف قناعة مشوهة مشلولة يقف خلفها الإعلام الاستكباري الذي وجد التنوير والتبيين وما تمتلكه الامة الاسلامية من حلّول وقدرة على تجاوز المنعطفات والتكيّف معها تحت أي درجة انجماد او حرارة أريد لها أن توقف حركة البصيرة وشيوعها على أنها ثقافة لابد من سيادة قانونها، إذا مثلما عالج القرآن نظرية المتخمين بالتقليد والقناعة بأن الأهل والقوم ومذاهبهم مقدسة لا أحد بقادر على تحريكها، لابد من استنطاق القرآن الذي نبه سلفا عن هبوط المجتمعات بوجه الأنبياء والمرسلين والمعصومين الذين كانوا قناديل مضيئة في وجه كل الجهل والتخلف والاتباع الاعمى ..
"البصيرة هي ان لا تصبح سهمًا بيد قاتل الحسين يُسَدَّد على دولة الفقيه"
مقال آخر دمتم بنصر ..
ــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha