مانع الزاملي ||
عنوان موضوعي هذا هو عجز بيت شعر ينسب الى ابو سفيان الثوري الذي يقول فيه (يا رجال العلم ياملح البلد ،،مَن يصلح الملح اذا الملح فسد)
يكاد يكون موضوع الفساد وذكره في كل نادي وموقع اذاعي وتلفزيوني وقنوات التواصل ( سيشيل ميديا)يفوق عدد اي موضوع آخر بأضعاف مضاعفة ، بحيث نسمع الشكوى من الفساد والفاسدين من كل لسان ومن كل المستويات الرسمية والشعبية ومن كل الطبقات ، والقاسم المشترك واللافت ان الكل يلعن الفساد والفاسدين حتى الفاسدون ينتقدوا الفاسدين ، حيث يخيل لنا ان الفساد مخلوق في عالم غير عالمنا وفي نادي غير نادينا وهو ليس كذلك ،
وللفساد تعريفات كثيرة ، تشترك في وصفه بأنه اساءة استعمال السلطةالعامة او الوظيفة في كسب خاص ولعل ابرز اسبابه يمكن تلخيصها بمايلي :
اولا: ضعف الايمان وتدني الوازع الديني في النفوس ،فالنفس التي لاتخشى الله ، ولاتراه رقيبا ، او تشكك بوجوده او تؤمن باللسان فقط ، وعدم الخشية من عذاب الله وانتقامه ،وتزيين الشيطان ، وتسمية الامور بغير مسمياتها ، حيث يسمي السرقة هدية والرشوة تواصل ، والاستحواذ على ممتلكات الشعب حسن ادارة وهكذا تسمى كل حلقة فساد بما يزينها من الفاظ وتعابير لاصدق ولا حق فيها،
)واذا قيل لهم لاتفسدوا في الارض قالوا إنما نحن مصلحون )
وترك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي هو صمام امان ضد الانحراف والفساد بعمومه ، بحجج منها عدم التأثير ، او قول القائل هذا لايعنيني ! وهذه سلطة والسلطة مخيفة ، تجعل مواجهة الفساد والفاسدين غير فعالة وتؤدي قهرا بأستمرار الفساد وتعاظمه. وكذلك انعدام الدور الاسري لان الذي يلاحظ خصوصا في السنوات الاخيرة عدم اهتمام الاسر بأبناءها ، وكذلك عدم انصياع الابناء صغارا وكبارا لنصائح الاهل مما ادى الى خروج اكبر رادع من دائرة التأثير
ثانيا : غياب الحزم في تطبيق القانون .
الخطوة الاولى في علاج اي مشكلة هو التعرف عليها وتحديد اسبابها ونوعها ، والفساد تم التعرف عليه وعلى انواعه فهناك فساد اخلاقي وفساد مالي ، وفساد اداري ،وفسادأمني ، وووو، واقبح انواع الفساد هو عدم تطبيق النص القانوني عمليا بحق الفاسدين ، حيث تفتقد آلية اخضاع الفاسد للعقوبة لأسباب اولها الفساد في الانصياع للقانون وهذا فسادفاحش ، ان الاستقواء بعوامل واجندات غير اجندات الحكومة تعد من اخطر الامور ، حيث توجد امكانات لوجستية وتسليحية عند بعض الفاسدين تضاهي الحكومة احيانا، ان الفاسدين وصلوا حدا يشتبكون مع القوات النظامية الرسمية بالسلاح لتمرير صفقات تهريب او غيره ، وهذا مرده لضعف القانون في حماية من يقوم بتطبيق القانون !
يضاف الى ذلك استغلال الفاسدون لأسماء محترمة وشريفة لتمشية صفقات فسادهم بعلم او دون علم اصحاب هذه الاسماء التي يخلع عليها الناس صفة الاحترام والهيبة ، وهنا تكمن الخطورة ، ان الفاسد ضعيفا وهذا هو ديدن الشيطان ( ان كيد الشيطان كان ضعيفا) لذا نراه يتشبث بالاقوياء ولو ظاهريا !
ثالثا :
انعدام التوعية الدينية والسياسية .
ان انشغال الحكومة في ملفات خاصة تفرضها طبيعة التحديات ، تجعل من الالتفات لنشر الوعي المنظم والمنهج في غاية الصعوبة ، فالاهتمام بمعالجات الوضع الامني الذي اصبح عمره موازيا ومساويا للحكم الجديد بعد انهيار الحكم المركزي المنصرم ابان الديكتاتورية الصدامية !جعل كل ميزانيات وطاقات واهتمامات وقوات الدولة متوجهة للصراع ولاتزال قضية داعش ومخرجاتها وحوادثها مستمرة ،مما ساهم في تدني التوعية الرسمية والشعبية ،
ثالثا : تطور وسائل الترويج للفساد هو على رأس اسباب الفساد ، حيث تنقل لنا قنوات التواصل الاجتماعي آلاف الحالات التي تروج للفساد والفاسدين ونشر المحتويات الهابطة التي تم الالتفات لها مؤخرا ، مما جعل الانحراف في متناول كل نفس لاتتسلح بالتربية والتدين والايمان ، صحيح ان هناك وعيا شبابيا كبيرا ضد الانحراف وهذا لاحظناه من خلال الممارسات الايمانية العبادية في المراسيم الدينية والحضور في ساحات مواجهة الاعداء ومثال تواجد الشباب في صفوف تشكيلات الحشد المقدس شيء عظيم وكبير لكننا بحاجة لحشد مكافحة الفساد والفاسدين ايضا.
ان تصدي الجمهور للفسادوالفاسدين ودعم المؤسسات الدينية المؤثرة لمثل هكذا تصدي يساهم في القضاء على كل ما من شانه ان يطيل عمر الفساد ،واتمنى ان يبقى الملح ملحا واعيذه بالله ان يفسد .
ـــــــــــــ
https://telegram.me/buratha