كوثر العزاوي ||
الفهم الصحيح لمسألة الأنتظار، هي ان ننتظر الأمام الموعود "عجل الله فرجه"رجالًا ونساءًا وحتى الأطفال نُهيأهم لمعرفة إمامهم، وأنه في الطريق إلينا ونحن جميعًا كالجنود على السواتر المختلفة رهن طاعة القيادة النائبة عنه بوجود نوّابهِ الدّالين عليه، فيجب ان نمشي معهم ونأخذ بتوجيهاتهم، فهم الأعلى مرتبة ومقامًا، ونحن الجنود الذين يفعلون أيّ شيءٍ لإلفات نظر قائدهم بأنّنا ياقائدنا جاهزون، وهذا السلوك يأتي على نحو التزلّف والإرضاء طمعًا في الحظوة والقرب!
وبانتظار الإشارة، علينا أن نستشعر وجودهُ في كل لحظة، ونتدرّب كلّ يوم في ساحة الحياة المتنوّعة الأدوار والأعمال والحركات، وأن ننتظرهُ في طريق الصّواب الذي نلتقيهِ فيه ، ولك أن تتخيّل، ايّ الطرق تتمنى ان يلتقيك فيه إمامك المنتظَر على الأحرِّ من الجمر؟!! ونحن نؤمن أنهُ "أرواحنا فداه" لايأتي الى بيوتنا ليدعونا، بل سيأتي الى الطريق والحياة العامة والى موارد الخدمة وأداء العمل، وعلى سواتر التصدّي وحيث تُدعى فتُلبّي الدعوة ومن ذلك الذي تلبّي دعوته؟، بل حتى حيث تحطّ رحالك في خلوَتك، فتأمّل تلك السبل! وكيف يجب أن تكون حركتنا في ساحة الحياة، وأيّ الأعمال والأدوار أجدر، وايّ الأماكن أَوْلى في الإرتياد؟!! فهل كلّ عمل أو مكان أو دعوة أو أجتماعٍ يصلح ان أكون فيه ونحن في كل لحظة نتوقع ان نجده ونراه بجانبنا" فإنَّ ظهوره "عجل الله فرجه" خفيٌّ في توقيته كخفاء يوم القيامة، وسرعة ظهوره ومفاجأتهِ للناس كسرعة حدوث يوم القيامة، فقد قيل لرسول الله:
{يا رسول الله متى يخرج القائم من ذريتك؟ فأجاب : مَثَلهُ مِثل الساعة التي "لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَ بَغْتَةً" ولكَ أن تتخيّل!
ومن هنا علينا أن نبقى على أهبة الاستعداد واليقظة، حتى يجدنا قد هيّأنا الأجواء ، نعم : يجب ان نهَيّء أنفسنا لنكون أهلٌ لتهيئة الأرض، أن تكون ثمة أرض طاهرة يُعبَد الله فيها حقَّ عبادته، أرض خالية من أدغال الشبهات والفساد، وثمة أمّة وجماعات رجالًا ونساءًا شيبًا وشبانًا تتحرك من خلال خط اللهِ ورسوله وأوْلي الأمر أئمتنا "عليهم السلام" في حركةٍ تمتاز بالعفة والطهر والتقوى، حركة لاتخلط بين المفاهيم ولاتعتمد الرؤية الضبابية، فالحق حق والباطل باطل والصلاح صلاح والفساد فساد وليس مابينهما سوى الاشتباه والاهواء وإيحاءات الشيطان والنفس الأمارة وأدواتهما عبر إشارات ناعمة تدعو إلى التوريط والانزلاق!
"اللهم أرنا الحق حقًّا لنتّبعه والباطل باطلا لنجتنبه ولاتجعله علينا متشابها.
ولكي يكون الانتظار إيجابيًا، لابد ان نعطي كل قوّتنا وطاقاتنا والكثير من وقتنا وحتى راحتنا،ضمن المنهج الإلهي الأصيل{النظيف}المكلّل بقوة القلب وطهارة المحتوى، واليقظة والبصيرة، وكثير من الإيثار ونكران الذات والبعد مااستطعنا عن سبل الشيطان وأدواته مهما قربت، والقرب من الله بأخلاص النية وتحديد الهدف واتخاذ الوسائل الحقّة مهما بعدت، وهذه بعض مقوّمات حقيقة الانتظار الايجابي في سبيل التمهيد وتهيئة الاجواء لاستقبال القائد الذي ننتظر، فكلّنا مكلّفون بالتبيين لمشروعه المقدّس وكلّنا مسؤولون عن الإسلام والمذهب، حتى يأذنَ الله لوليّه "أرواحنا فداه" باستلام الحكم الإلهيّ العالميّ بإقامة دولة الحق والعدل ولو كره الكافرون.
"اللهم عجل لوليك الفرج"
٢٤-شعبان١٤٤٤هج
١٧-آذار ٢٠٢٣م
ـــــــــــــ
https://telegram.me/buratha