قاسم سلمان العبودي ||
لا يخفى على المتلقي أن العداء بين أربيل والسليمانية متجذر وموغل بالقدم ، وقد شهدت ساحات الصراع بين الحزبين الكرديين الرئيسيين مختلف أنواع القتال بسبب التشدد القومي الصلب للحزب الديموقراطي الكردستاني الذي تتتزعمه عائلة ملا مصطفى البرزاني في أربيل ، وبين الأتحاد الوطني الكردستاني والذي تتتزعمه عائلة جلال طالباني في السليمانية . وقد عمد مسعود البرزاني في فترة من فترات الصراع مع الإتحاد الوطني بالإعتماد على حكومة صدام حسين والأستقواء بها على أبناء جلدتهم ، وما قصف مدينة حلبجة بالسلاح الكيماوي ألا أرتداد لعربدة مسعود وأثارته لحكومة صدام كي يضعف أبناء السليمانية ويستقوي عليهم فيما بعد .
هناك محاولات من قبل حزب مسعود البرزاني للأستحواذ على مقدرات الأقليم الأقتصادية وحرمان شعب السليمانية من الأستحقاقات المكتسبة وهذا ما أجج الصراع مره أخرى ، وأن لم يصل الى حد الأقتتال بالسلاح ، كما كان سابقاً . نرى أن الهيمنة ( البرزانية ) أوصلت الأمور الى نقطة اللاعودة بعد أن همش قادة الأتحاد الوطني من قبل قادة الحزب الديموقراطي .
أنفصال السليمانية أصبح قاب قوسين أو أدنى عن الأقليم الشمالي بسبب سياسة حكومة أربيل التي سمحت لقوى خارجية بالدخول للأقليم في محاولة منها الى دعم تلك القوى للحزب الديموقراطي الحاكم من أجل الأنفصال عن العراق في مرحلة لاحقة. لكن رهان الحزب الديموقراطي الكردستاني على الأجندات الأجنبية أثقلت قيادات حزب الأتحاد الوطني في السليمانية وعملت بالضد منها وبالضد من متبنياتها الأيديولوجية التي تتعارض مع جعل الشمال العراقي مباحاً للقوات التركية ومحطات التجسس الصهيونية التي تعمل هناك .
يوماً بعد آخر تتعمق الخلافات الكوردية بين الفرقاء السياسيين وهذا قطعاً لن يصب في صالح الدولة العراقية الناشئة حديثاً بعد حقبة سوداء بسبب سياسات البعث ورئيسه المجرم صدام . نرى أن تدخلاً واضح من قبل الحكومة المركزية في الملف الكوردي كفيل بأن يقطع دابر الخلاف أولاً ، ومن ثم الألتفات للشعب الكوردي الذي أستضعفته سياسات الحزب الديموقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني . نعتقد أن التدخل الحكومي سيغلق الباب أيضاً بوجه القوات التركية التي تغزو شمال العراق ووضع حد لتلك الاعتداءات التي تطال أبناء الشعب الكوردي في كل يوم تقريباً ، فضلاً عن تحجيم سلطة الحكم في أربيل بأتباع سياسة خارجية تتناغم مع السياسة الخارجية للحكومة المركزية التي تعتبر إسرائيل عدوًا لها .
كبح جماح قيادات الحزب الديموقراطي الكردستاني أصبح ضروريًا للحد من صناعة الأزمات مع جيران العراق بسبب التناغم الكبير بين الحزب والسفارة الامريكية في العراق ، والتي تدفع بأتجاه أن يكون الشمال جزء من اللعبة الامريكية في منطقة الشرق الاوسط . تبقى الخلافات الكوردية صداع دائم للعراق ، ويجب أن لا تؤثر تلك الخلافات الكوردية على مستقبل العملية السياسية العراقية وضرورة ردم الهوة بين الحزبين الكرديين حتى تقطع دابر اللجوء الى الخارج الذي بدأ تدخل كثيرًا في الشأن السياسي العراقي .
ــــــــــ
https://telegram.me/buratha