نرجس التميمي ||
دائماً فالنسأل انفسنا ما الذي يجعل الامام عج يغيب كل هذه المدة التي تجاوزت الالف سنة؟
الكثير من قد سبقونا في ازمان عدة قد كانوا متشوقين لمجيء الإمام عج منتظرين لقدومه، لِمَ لم يظهر الامام عج في زمنهم مع ان ذكره في السنين السابقة فقد فاق اليوم، وها قد جرت السنين والايام ولم يظهر الإمام، ماذا نفعل ؟ ما الغاية من الغيبة كل هذا الوقت؟ هل بسبب تقصيرنا؟ ام هناك حكمة؟
في رواية ان الإمام محمد الجواد عليه السلام سُئل عن سبب تسمية الامام المهدي بالمُنتظر، فقال: "لان غيبته يكثر أيامها، ويطول امدها، فينتظر خروجه المخلصون،…."1
وعن امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام أنه قال:
"أحب الأعمال إلى الله إنتظار الفرج" 2
وعن الرسول الأعظم صلى الله عليه واله انه قال : "افضل جهاد امتي إنتظار الفرج"3وفي حديث آخر :(افضل عبادة أمتي انتظار الفرج)4 وفي آخر : أفضل اعمال أمتي إنتظار الفرج من الله عز وجل .5
إذن نحن مطالبين بالإنتظار، وليس كأي إنتظار بل هو إنتظار بإخلاص وتفاني، بدون كلل أو ملل الذي يمثل افضل عملٍ وجهادٍ وعبادة! فمعنى الإنتظار في اللغة هو الترصد والترقب، والانتظار هو حالة نفسانية ينبعث منها التهيؤ لما تنتظره، فكلما كان الانتظار اشد كان التهيؤ اكثر.
فإذا كنا جميعاً منتظرين لظهور الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف ،هذا يعني اننا مستعدين لنصرته ومترصدين لخروجه. فنسأل انفسنا هل نحن بهذا الوضع من الاستعداد ؟ هنا السؤال ومفصل الكلام .
إذن احد اسباب الغيبة هو عدم توفر الانتظار الحقيق المطلوب منا، فهناك من ينمي مفهوم خاطئ عن الانتظار ، وهو الاكتفاء بالصلاة والصيام وغيرها من الاعمال العبادية وحدها التي تحقق معنى الانتظار، والحقيقة ان هذا لا يكفي، فلا شك ان هذه الاعمال العبادية مهمة وهي التكليف الاساسي للمؤمن التي لابد من ادائها ، لكن الاكتفاء بذلك لا يحقق معنى الانتظار المطلوب، ان تكون منتظر للامام عج اي انك تنتظر قيامه بالثورة التي تهدف الى تأسيس دولةٍ عادلةٍ في هذا العالم، تتبنى تطبيق القوانين الالهية، ومجتمع تحيا فيه سُنّة الرسول الأعظم صلى الله عليه واله وسلم.
هذا يعني ان علينا ان نكون أنموذجاً مصغرا عن هذه الدولة ومجتمعها ، لذا من واجبنا بإيجاد هذه العوامل المفقودة فينا و في المجتمع و نبدأ بالعمل على وتطبيقها، فالامام يحتاج لارضية مهيئة لاستقبال حكومته وقوانينها، كما يعتبر هذا من التمهيد لظهور واحد انواع الانتظار المكلفين به من قبل ائمة الهدى صلوات الله عليهم.
أيضاً لا نجعل الافكار الخاطئة تسيطر علينا والتي تعرقل مشروع الانتظار، كقول مثلا لا داعي للعمل الان فهناك وقت طويل لمجيء الامام، ما الفائدة من التمهيد والعمل و غيبة الامام طويلة ولن يظهر في زمننا هذا فقد يأتي بعد مئة عام !
هذا الفهم خاطئ طبعاً، فلا نستبعد بل لا يدخل الشك قلوبنا بأن الامام يمكن ان يظهر في زمننا هذا وأيامنا هذه، لان الامام الصادق عليه السلام يقول :"توقعوا الفرج صباحاً ومساءً"6
هذا التوقع ليس مجرداً من دون عمل شيء، فإذا كنا نتوقع الفرج كما اشار الإمام عليه السلام ، اي اننا يجب ان نكون في وضع الاستعداد صباحاً ومساءً، فلا نستبعد بل لا يدخل الشك قلوبنا بأن الامام يمكن ان يظهر في زمننا هذا وأيامنا هذه.
فنحن في زمن غيبة الإمام عليه السلام يقع على عاتقنا تكاليف، فإذا ما وعينا تكليفنا وعملنا به في واقعنا ومجتمعنا، كنا قد قمنا بواجبنا تجاه إمامنا صلوات الله وسلامه عليه، والنتيجة أصبحنا من المنتظرين لإمام زماننا ارواحنا له الفداء .
١-العلامة المجلسي،بحار الانوار، ج51،ص30
٢-العلامة المجلسي، بحار الانوار، ج52، ص123
٣-م.ن، ج٧٧، ص١٤٣
٥-البحار، ج52، ١٢٢،١
٦-الغيبة للنعماني، ج١، ص١٦٣
ــــــــــ
https://telegram.me/buratha