الشيخ محمد الربيعي ||
[ ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضلّ عن سبيل الله بغير علم ويتّخذها هزواً اُولئك لهم عذاب مقيم ]
(( اذا أردت شيئا بشدة فأن الكون كله يتضافر معك لتحقيق ماتريد ))
الذي دفعنا الى التوغل في هكذا موضوع هو اننا لمسنا من خلال الاحتكاك ببعض الشباب وجود ظاهرة غريبة نستطيع ان نسميها ( اللاهدفية ) ...
أن ما يؤسَف له حقاً أن يعيش البعض اللاهدفية المقيتة، فيعيش حياته بصورة عشوائية وكيفما اتفق دونما تخطيط أو شعور بالمسؤولية وبلا موبالاة بسنيِّ عمره التي يهدرها الواحدة تلو الأخرى دون تقدم ملحوظ في الجانب الروحاني أو الخُلُقي أو العبادي -أي في الجانب التكاملي عموماً.
إن من الناس من يحرق زهرة شبابه، ويهدر سنيَّ عمره، ويفوِّت على نفسه الانتفاع بما يمتلك من جهد وطاقات، مكتفياً بتدخين السكائر والأركيلة، أو مستريحاً لأن يجوب الشوارع والأسواق ذهاباً وإياباً دون ضرورة، أو متمتعاً بالمبالغة في التنزه في المتنزهات ومدن الألعاب.
محل الشاهد :
اقتضت حكمة الله تعالى أن تكون أفعاله تعالى محكومة لمصلحة وهدف وغاية ، ولذا قالوا في علم الكلام:
إن أفعال الله تعالى معلّله بالغايات، فكيف بخلقه الإنسان الذي سخر له السموات والأرض!
قال تعالى: [ أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ]، ولذا فقد تكرر ذكر هدفية خلق الانسان في القرآن الكريم في مواضع عديدة منها قوله تعالى : [ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ]
لم يقتصر القرآن الكريم على بيان هدفية خلق الإنسان بل بيّن ذلك الهدف أيضاً إذ قال تعالى: [ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ] . فالعبادة والطاعة إذن هما الهدف الأساسي والرئيسي من خلق الإنسان، وكل ما في الوجود وما يدور فيه من أحداث إنما رتبها الله تعالى على نسقٍ يحقق ذلك الهدف بما فيها المغريات والفتن والابتلاءات التي تغربل الناس جميعاً فتميز المطيع الحقيقي عمن سواه.
ومن هنا وجب على كل إنسان الشعور بهدفية وجوده في الحياة، من خلال وضعه أهدافاً متوسطة وأخرى صغيرة، ومن ثم توظيف ما يتمتع به من إمكانيات وقدرات لأجل تحقيقها والذي يصب في النهاية في دائرة تحقيق هدفه الأسمى المتمثل بعبادة الله تعالى وطاعته والفوز برضوانه.
محل الشاهد :
بعد هذه المقدمة التي اردنا منها ان الله تعالى كان موجه الانسان ان خلقه كان بهدف وان الحياة لا بد ان نعيشها بهدف من اجل الشعور باستقرار و اطمئنان ، هنا يطرح سؤال
ماهي الاهداف ؟
الاهداف مجموعة من الطموحات والامال والافكار والاحلام التي يسعى الانسان جاهدا في الحاضر من اجل تحقيقها مستقبليا ، فقط يكون الهدف ثراء او التعليم او السفر او الشهرة او المنصب الى غيرها من الاهداف
إن اغلب أهدافنا لا تتحقق خلال يوم أو يومين .
الأهداف تنقسم إلى قسمين:
▪️أهداف قصيرة المدى
▪️ وأهداف بعيدة المدى.
وكمثال مبسط على ذلك ، قد يكون هدفك هو قراءة القرآن الكريم خلال شهر و هذا ( هدف بعيد المدى ) ، ولكن لكي تنجزي ذلك عليك وضع أهداف قصيرة ، كان تكون ، قراءة عدد من الأجزاء كل أسبوع ، وصولاً في النهاية لختم القرآن الكريم.
إن الأهداف التي تتم مناقشتها مع الآخرين تكون أكثر فعالية في شحذ طاقة الشخص واستثارة حماسه لإنجازها مهما واجه من متاعب في ذلك، ومن صفات هذه الأهداف أنها: ▪️تشجع على الإبداع ،▪️تعزز المشاركة ،▪️ يتم الالتزام بها ،▪️تعزز الثقة ،▪️ تشجع على تحمل المسؤولية ،▪️ تزيد من التأثير الفردي، تُعزز من الاستقلال الفردي.
لذا ولكي تتمكني من تحقيق أهدافنا، حتى وإن شُغلت بالتفكير بقضايا أخرى ، يجب أن تكون الأهداف التي نختارها :
▪️فيها نوع من التحدي بحيث تشعرك بالحماسة للقيام بها .
▪️موثقة بشكل مكتوب في مفكرتك .
▪️محددة بوقت، إن تحديد الوقت يُضفي نوعاً من الإحساس بالأهمية ولا يدع مجالاً للتوقعات .
وانتبه من أن يداهمك الموعد النهائي فيتحول من كونه هدفا يجب أن يُنجز إلى "فرض" يجب الالتزام به، لذا عليك أن تكوني مرنة عند تحديد وقت تحقيق الهدف .
▪️قابلية الأهداف للتحقيق، فلا تضعي أهدافاً صعبة تفوق قدراتك وإمكانياتك، وبنفس الوقت يجب ألا تكون الأهداف سهلة لدرجة ينخفض معها مستوى الإنجاز لحد غير مقبول.
▪️فيما يلي مجموعة من الإرشادات العملية، التي تساعدنا بمشيئة الله على إدارة الوقت والأهداف: -
1 / عليك بحسن إدارة طاقتك لا وقتك.
2 / يجب ان تكون صارم في قول "لا" لكل ما من شأنه أن يهدر وقتك.
3 / المداومة على وضع قائمة بالأعمال والمهمات التي ستقوم بها بإنجازها بحيث لا تتجاوز عدد معين في اليوم الواحد.
4/ ضع حدا للفوضى، وتجنب كل ما من شأنه أن يراكم عليك الأمور.
5/ التفكير الإيجابي و العقلاني بمشاكلك اليومية يجعلك توازن بشكل أكبر بين "المهم" و "الأهم"، وتصبح أكثر قدرة على تحديد "ما يمكن تأجيله"، و "ما عليك فعله الآن". وفقكم الله لما يحبه ويرضاه.
ــــــــــ
https://telegram.me/buratha