محمد الهاشمي ||
كما المؤمنين لهم قرآنهم ، يتلونه في كل صلاة ، فأنا لي قراني الذي حفظته عن أمي …
كانت فاتحة قرآنها تعويذة من وحي الإله : ( ســـور ســــور ..ابوالحسنين ناطور .. واليقره أية الكرسي .. أله معاضد وقصور ..)
مذ كنت طفلاً ، وهي حانيةٌ على سريري الخشبي ، تهزه ذات اليمين وذات الشمال ، يمتد عنقها نحوي ، تستنشق انفاسي مبتهجةً ، تهمس في أُذني بآيٍّ من ذكرها الحكيم : ( لوليله ، فتح طفل .. يا دنيا عشگي الراح .. دمع التبرزل عسل .. وعثوگه ما تنلاح .. يا دنيا كبر الوكت .. فتح عشگنا ورود.. يالشاتل العودين .. خضر فرد عود.. )
تحملني بين احضانها ، وهي تسوِّرُ ذراعيها حولي ، مباهيةٌ بي الدنيا ، رافعةٌرأسها ، وتتلو ما تيسر لها من كلمات :( ام الــولــد مــدت ذراع
.. مثــل السفينه الشالت شراع
.. والماعدها ولد دنجت للگاع )
ثم تهدهدني بترنيمتها الأزلية ، وهي تحني عليَّ ظهرها كجسرٍ يتيح لك العبور الى الجنة من غير حساب : ( دلول يالولد يابني دللول .. يمه عدوك عليل وساكن الچول.. يمه ما اريد من جدرك غموس ..
والله ولاريد من جيبك فلوس..
ردتك يالولد هيبة او ناموس..)
كبرت انا ، ولا زالت هي تردد على مسامعي شيئاً من مصحفها : (ردت الولد من بعد العيون .. بعد العمام الما يحنون .. ردتهم بالعمى ودومن يونون..)
ونكبر ، وتكبر معانتاها وصبرها معاً ، كقديس آثر على نفسه أن يصلب فداءاً للخلاص : (گلبي امعلگ من اعروگه.. وعيني تبوگ النوم بوگه
..وريگي صبر يامن يضوگه..)
هكذا هي امي ، صفات نبي ، وصبر نبي ، وكرم نبي ، ورحمة نبي ، وفداء نبي …
النبي يحمل رسالة ، وأمي رسالة ، يوحى لها كما يوحى للنبي ( وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه ) .
امي : سأبقى في محرابك اصلي واتلوا آياتي …
realpressfreepress@gmail.com
https://telegram.me/buratha