كوثر العزاوي ||
سُئِلَ أمير المؤمنين"عليه السلام": {أَيُّ شَيْءٍ مِمَّا خَلَقَ اللهُ أَحْسَنُ ؟ فَقَالَ "عليه السلام": الْكَلَامُ ، فَقِيلَ أَيُّ شَيْءٍ مِمَّا خَلَقَ اللهُ أَقْبَحُ؟ قَالَ: الْكَلَامُ، ثُمَّ قَالَ"عليه السلام" بِالْكَلَامِ ابْيَضَّتِ وُجُوهُ وَبِالْكَلَامِ اسْوَدَّتِ وُجُوهُ }
تحف العقول عن آل الرسول ٢١٦ .
وممّا ورد عن المعصوم نفهم: أنّ الكلام الوارد في قول سيد البلغاء" عليه السلام" هو ذات ما نقول في الواقع خلال حركتنا في الحياة الواقعية اليومية وهو أيضًا ذات مانكتب ونقول ونُعجَب ونشير وندعم في المواقع الافتراضية عبر التطبيقات المتنوعة في الفضاء المجازي وعليه: لانقول أعرِض وقل سلام! أبدًا إنما نقول: ينبغي التأمّل واليقظة وتوخي الحذر، فعندما نهمُّ بالكتابة والتعليق وغير ذلك، علينا إحضار ميزان التقوى، واستشعار عين الله الناظرة، لنَعي ضرورة الحرص على الاستفادة من هذه التّقنية التي وُجِدت بهدف تخريب المنظومة القيَميّة عبرَ تسويق المنكرات ونشر الفواحش والرذائل بين الناس بشكل مبطّن مزوّق، والدعوة الناعمة إلى بث سموم الثقافات الدخيلة التي لاتتلائم مع قيمنا وتقاليدنا، وبما نملك من مقدار بصيرة كنا قد واجهنا ذلك الإستهداف السيبراني بسلاحٍ يحبِطُ المخطط الملموس لنحوّل تلك التقنية الخارقة إلى أدوات ومهارات تخدم المجتمع لتواجه الرياح الصفراء الآتية التي تسعى لتدمير البنى الأخلاقية لمجتمعنا.
وها نحن قد دخلنا في حصن الله وضيافته "سبحانه وتعالى" ما على ذوي البصيرة إلّا اليقظة والتذكّر، بإنّ كلّ مشاركة أو نشرٍ أو دعمٍ لمحتوى هابط أو فارغ لافائدة منه، إنما هو بمثابة توقيع منّا شخصيًا بالموافقة والدعم لذلك المضمون الأجوف، لتكون شاهدة علينا يوم تُنشر الصُحُف ويُلزَمُ كلّ واحدٍ طائرهُ اي كتابه في عنقه!!
{وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِه وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا *اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا} الاسراء ١٣-١٤
فلا تفرح كثيرًا بحجم تواجدك، وكثرة متابعيك على الفيسبوك او السناب شات او على قناتك في اليوتيوب والتليگرام، ولابحسابك على تويتر والأنستگرام والتيك توك، فكل ذلك ممكن ان يتبخّر من هذا العالم الإفتراضي بكبسة زر واحدة من الجهات مالكة تلك المواقع والمتسلطة على خصوصياتك! ومعرفة توجّهاتك ومعتقداتك،
وبالتالي، فهو عالَمٌ بسلاح ذو حدّين وتأتي نتائجه سلبًا وإيجابًا حسب استخدام الفرد لتلك المواقع، ويبقى الإنسان مسؤولًا عن تحديد مايناسبه من حركة ليساهم في صناعة الأثر والمؤثّر في العالَم الإفتراضي، ليجد نتائجه حاضرة في كتابٍ لايغادر صغيرة ولا كبيرة الا أحصاها، كما أكدّ الباري"عزوجل" ذلك في قوله تعالى:
{هَٰذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} الجاثية ٢٩.
٢-رمضان١٤٤٤هج
٢٤-آذار ٢٠٢٤ م
ـــــــــــــ
https://telegram.me/buratha