كوثر العزاوي ||
إنّ من طبيعة النفس الانسانية التي جُبلت على العزّة والكرامة، لا تميل إلى من ينال منها ويحتقرها، بل العكس فإن السخرية تهيج الضغينة والكراهية، وإنّ الحطّ من مقام الإنسان كونهُ إنسان، تدفع المجتمع نحو هوّة سحيقة من التصارع والأحقاد، وهذه ظاهرة يمقتها الإسلام.
وفي خضم تداعيات المرحلة وما أثارتهُ اليوم بعض قنوات الفتنة من عملِ دراميّ هابط يهدف إلى الفتنة والمساس بشرف الهوية وذلك عِبرَ الإساءة إلى{العگال} الذي تتسنمهُ رؤوس خِيرَة العشائر العراقية في الجنوب والفرات الأوسط وشريحة كبيرة من الملل الخيّرة في محافظات أخرى عراقية، وهذا الرمز الهيبة- العگال- الذي ينسجم شكلًا ومضمونًا مع القيم والأخلاق وتقاليد مشفوعة بأروع وأنصع صور الغيرة والرجولة والتمسك بالدين والثوابت،
وإذ يشهد له التاريخ ماسطّر من ملاحم بطولية وتضحيات ماضيًا وحاضرا.!
ثم يأتي من لابصيرة له ولاضمير، متجرّدًا عن قَدْرهِ ليتجاهل ثقلهُ القيَمي، وعمقهُ الحضاري، لينال منه بسوء أدبه وهو يدسّ السمّ بالعسل بحجة الدراما والتمثيل وفي شهر الله الفضيل، وقد ظنّ ان لارادع له حينما يستغفل العقول وقد باع مِقداره وشرفه بحفنة دولار وعَفَنِ الشهرة المقيتة!
إذ لاتفسير لهذا التجرؤ ولامبرر له إلا كونها حرب تندرج ضمن الحروب المتنوعة، ومنها الحرب على الهوية الشيعية! وكما قيل: لو كان أهل الجنوب وَهابيّة لما أساء لهم أحد، نعم!
وبهذا يتجلى رفض الإسلام الصريح لأي نوع من أنواع التعاطي بكرامة ومكانة المؤمن، وإن الحطّ من قَدْرهِ هو بمثابة التحدّي والعناد لله ومبارزته" عزوجل" وهو الخالق الذي كرّمَ الإنسان وفضَّلهُ على جميع خلقه، من خلال ماورد في أكثر من مورد في القرآن منه قوله تعالى:
{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} الاسراء ٧٠
فيما ذكر موارد الذمّ والعتاب والتي من أبرزها السخرية بالمؤمنين فقال تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} الحجرات ١١
فالبيئة التي تسود فيها السخرية والتنابز والاعتداء إنما هي بيئة فارغة المحتوى لا تحمل هدفًا ولا قضية، بل هي أبعد ما تكون عن الواقع والهموم التي يعيشها المسلمون من حولها، فضلًا عن كونها مورد شبهة تهدف إلى تفجير الاحقاد وخلق العداء بين الملل في البلد الواحد، ولايُستَبعد، أنه عمل مدفوع الثمن من بين عشرات الخطط المُعَدّة لاثارة النعرات الطائفية المقيتة، ولابد من التصدي والمواجهة!
وكما يقول الشاعر:
وعينكَ إنْ أبدَتْ إليكَ مساوِئًا,, فَصُنها وقل: يا عينُ للناسِ أعينِ!!.
٣-رمضان١٤٤٤هج
٢٥-آذار ٢٠٢٣م
https://telegram.me/buratha