الشيخ محمد الربيعي ||
لطالما شغل هذا الموضوع حيز في دائرة تفكيري و اهتماماتي ، لماذا نسامح؟ ومتى نسامح؟ و كيف نسامح ؟
لم أجد سبب يجعل الاخرين يتوقفوا عن مسامحة من أخطأ في حقهم .
قد يعتبره البعض سذاجةً أو ضعف أو حتى نوع من أنواع الغباء الاجتماعي .
والراي السديد ان مسامحة الآخر هو أحد أهم أسباب السعادة في حياتك...
محل الشاهد :
إن التسامح يفهم بمعنى التحكم الذكي في حجم و مساحة المشكلة دون أن تكبر أو تتمدد في الموقعية النفسية فيقبل على كل إساءة بالعفو ، و العفو هذا بند من بنود التسامح .
و المتسامح قوي الأمل كثير الترجي بعيد التمني في الطرف المواجه له و بذلك يصبح صبورا على الآخر .
أن التسامح تطبيق لفكرة الإحسان فإنه عملية اختراق للنفسيات المأزومة دون الغفلة عن كونها مأزومة [ وَ لَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ] .
فمع الاطلاع على الخائنة منهم و قلة الموفين حمل و بلسان مولوي على العفو و الصفح لأن العفو والصفح إحسانا[ إن الله يحب المحسنين ].
وقد جاء كل ذلك في سبيل أن ندرك من هذا النوع للتآلف و التسامح أمرين: -
1 ــ ان الصفح و العفو إحسان يحمل السقيم على الصحة و الفاسد على الصلاح ولو في طول أمد و هذا ما يتحمل الصبر عليه الأنبياء عادة .
2 ــ أن لا ينشغل ولا ينصرف فيما لا يكون ضرره ظاهر أو يكون ضرره عليه خاصة [ لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ] .
فإذا كنت إنسان سَمِح سيمنحك ذلك أمور جوهرية لراحة البال والسعادة:
▪️أولهم: سلامٌ داخلي، فلست بانتظار إعتذار من هذا أو ندمٌ من ذاك.
▪️ثانيهم: محبة الناس لك، فعندها سيرتاح بالتعامل معك أي شخص بغض النظر عن عمرهم وجنسهم
وآخرهم وأهمهم: رضا الله سبحانه وتعالى .
أما سؤالي الثاني "متى أسامح" .. فافعل ذلك ما دمت حيًا ترزق وما دمت قادرًا .
وكيف تسامح؟
فهو أمرٌ مكتسب عليك فقد أن تجرّد نفسك من الناس، فعوّد نفسك على توقع كل شيء من أي شخص.
سيربي ذلك في نفسك أنك لست بحاجة لأي إنسان ما دمت في رعاية الله
ودائما ما أكرر هذه الجملة لنفسي ...
إن كان رب العباد تعهد على نفسه الرحمة والمغفرة
فمن نحن حتى لا نسامح ونغفر!!
ايها الاحبة ....
ان دائرة الاصلاح في منظومة الفكر الاسلامي هي عالمية حتى يلاحظ انها توسعت جدا في موضوع الاصلاح بين للناس وبينت، أن الإلفة وما يلحقها خطوط عريضة في هذه الحياة التي يجب أن لا تخلو من القانون الذي يرتفع بها عن مشابهة حياة الغابة ، [ وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ ] .
فكأنه يخاطب كل مؤمن بالقول:
أن الالفة و التسامح و العفو ليس قضية خاصة فيما تجده علاقة فعلية بالنسبة لك و فقط.. بل هي قضية الإنسانية الأهم و الأعم من بين قضاياها فأن مسؤوليتك لا تقف عند الرابطة بينك وبين الآخر فيما جمعتكم عليه الحياة من أمر معنوي «كالنسب» أو و اقعي مادي.. بل ستبقى مخاطبا بالمسؤولية عن روابط الآخرين فيما بين بعضهم البعض إذا آلت إلى الخراب و الاضطراب فيجب أن تتقدم من باب الهم الإنساني و تقوم بدور الترميم والتوضيب .
فأنت جندي يخلص لوظيفة الإصلاح، و العدل ، و القسط، بغمض النظر عن أطراف الخصومة إن كانوا يعنونك أو لا يعنونك [ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَ أَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ] .
فلهي مهمة تـَـطردُ في كل أشكال الخلل في العلاقات وإن لم تكن في بُـعدِ الحربِ و القتال فلا يصح الاعتذار من أحد عن دور الوساطة و ترميم العلاقة المتأثرة بأنها صغيرة أو أنها من الشأن الخاص ، كيف وإن من هتافات دستور الاسلام القرآن الكريم [ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ] .
فالصلاح والإصلاح وظيفة شاملة لكل حالات الفساد .
بقى الاجدر بنا ان نجيب عن سؤال يطرح انه لماذا الخاتم محمد ( ص ) واهل بيته الطيبين الطاهرين في بعض المواقف لم يسامحوا ؟!
الجواب :
عدم السماح لانه لاتوجد في ذلك مصلحة للاسلام و الثبات الدين ، واننا
نستطيع القول ان الائمة قد بدأوا بالمسامحة بدرجة من الدرجات ، ولكن القوم كانوا منحرفين عقائديا بكافة الاتجاهات ، ولم يكونوا في مقام الخلاف ، فالمقام مختلف بين الاختلاف المؤدي الى هتك بيضة الاسلام وثباته و كمال رسالة كدين سماوي للعالم ، وبين من قد يقع خلاف بيني وبينه على نحو الشخصي ...
فاكيدا لو كانت القضية بين الامام علي ( ع ) ، و معاوية مثلا شخصية و على نحو الشخصي لسامحه الامام ( ع ) ، والا موقفه على نحو الشخصي واضحة ، فخذ اصدق مثال اتجاه ضاربه بالسيف وكيف صرح بالعفوا ان عاش ، و كيف اوصى بمداراته .
بل كان مساهم في نصرة الاسلام و المسلمين اتجاه من سلب حقه في تصدي امر المسلمين ، كل ذلك لان مساحة بتقدير الامام لها الحكم الشخصي و الحكم العام
نسأل الله حفظ الاسلام و المسلمين
نسأل الله حفظ العراق و شعبه
https://telegram.me/buratha