د.مسعود ناجي إدريس ||
نهى القرآن في عدة آيات عن اتباع الإنسان للشيطان، وحذر من المنكرات، ونص على ذلك بهذه الآية: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ) لان في اتباعه سيهيأ الظروف التي تجره إلي أصل وأسباب الاضرار الاجتماعية. (البقرة 21)
وفي الاية 169 من سورة البقرة يقول : (إِنَّمَا يَأْمُرُكُم بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) ومن جهة ثانية يقول في سورة الاعراف الاية 33 : (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) اي ان الله سبحانه وتعالى حرم الفواحش لانها تسبب الافات الاجتماعية.
وكما نعلم فإن الشيطان يجتذب هؤلاء الذين بسبب غفلتهم عن ذكر الله وضلالهم واتباع أهوائهم إلى حزبه وبذلك يصبحون من حزب الشيطان، كما قال الله تعالى في سورة المجادلة الآية 19:اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَٰئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ
السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: إذا كان أحدهم لأي سبب من الأسباب بسبب اتباع الشيطان أو أهواء النفس أو غير ذلك من العوامل، وبسبب هذا العصيان أصيب بهذه الأضرار، ثم عرف ذنبه وأدرك أنه ذهب في الطريق الخطأ وسعى للحصول على ما يليق به ما هو حل للتعويض عن الضرر الناجم عن فعله.؟
في موضعين من القرآن الكريم، وضع الله الرحمن الرحيم وصفات للتخلص من الأضرار الاجتماعية وتقليلها وعلاج لمن وقع فيها، مما يمكن أن يكون مثمرا للغاية ومصدرا للتغيير، التحول والإصلاح والتحسين للناس. أولا: في الآية 135 من آل عمران قال بصراحة:﴿ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾
في هذه الآية الشريفة ذكر الله تعالى ثلاثة عوامل (الذكر والاستغفار وعدم الإصرار) للشفاء من الآفات الاجتماعية. لأن ذكر الله يجلب السلام والطمأنينة (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) الرعد 28
كما اشار سابقا اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ . لذلك، في الوصفة العلاجية الأولى يعتبر ذكر الله هو العامل الأساسي لتأسيس الدين على الإصلاح والإحسان. وبعد ذلك الاستغفار الذي يصقل القلب من صدأ المعصية. وأخيرا، لا يجب أن نصر على عمل مخالف لأمر الله، بل نصر على أداء الواجبات والتخلي عن المحرمات. كما ورد في الآية 201 من سورة الأعراف قوله: إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ.
سننهي هذه المذكرة بتحديد وشرح عامل الذكر. الذكر يعني تذكر الحق وتجد نفسك أمام الله والاستماع إليه. الذكر يعني التخلص من الانشغالات التي تجعل الإنسان أسير الإغراءات، أو الرغبة في التفوق، وإشباع رغبته في التميز، والترك والصلاة كل ذلك مزيج متناغم للقلب واللسان، ويعتبر أنقى وأكمل مثال على وسائل الذكر.
الإنسان في حياته الشخصية، بسبب المصاعب والشدائد في حياته الاجتماعية يواجه أحداثا تحويلية مثل التحرك نحو الجهاد أو الصدقة، وأحيانا تحركه نحو لذة الشهوة، والغرق في السعادة، مما يبعده عن الباري تعالى. هنا تكون الصلاة العنصر الوحيد الذي يقربه نحو الجنة رغم كل هذه الأحوال. لذلك الصلاة أفضل علاج ووصفة للآفات الاجتماعية التي يواجهها لإنسان في حياته.
https://telegram.me/buratha