قاسم سلمان العبودي ||
في سابقة جديدة لم تعهدها الحكومات الصهيونية المتعاقبة ، نزلت الى شوارع تل أبيب وغيرها من المدن المحتلة من قبل الكيان الغاصب تظاهرات عارمة منددة بسياسات اليمين المتطرف الذي يقودهُ زعـيم الليكود المتشدد بنيامـين نتياهو الـذي ( أفتى ) بتقليص صلاحيات المفصل القضائي للحد من سلطات المحكمة العليا في اصدار أحكام ضد السلطتين التشريعية والتنفيذية ، ومنح النواب سلطة أكبر في تعيين القضاة . فما الذي أغضب الشعب الصهيوني في ذلك ، ووحدهُ في عملية التظاهر ضد رئيس الحكومة ؟
من خلال متابعاتنا للحراك الحكومي الصهيوني ، وأيضا الشعبي نرى بأن القاسم المشترك بين جميع المتظاهرين هو الخوف المطلق من السلوك الخطر لليمين المتطرف الذي يريد بطريقة وأخرى أشعال فتيل حرب جديدة على أكثر من جبهة في وقت يتضائل فيه حجم الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط وغرب آسيا ، والذي تتكأ أسرائيل في ذلك على واشنطن أتكاءا كبيرا .
المتغيرات الدولية وتسارع الأحداث تشير وبشكل واضح الى أن أي تحرك عسكري صهيوني سوى كان ذلك التحرك بأتجاه الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة مع لبنان , أو توجيه ضربة عسكرية صهيونية بأتجاه أيران ستكون له ردات فعل عنيفة تجاه دويلة الكيان الغاصب ، وسيدفع ثمن تلك الردات الشعب قطعا . فضلا عن ذلك أن الأنفراد الكبير بالسلطة ، وعدم أتباع سياسة متوازنة سبب يضاف لما ذكرناه . الأمر الآخر الذي سرع بوتيرة الأحداث والتظاهر هو ، الدعم اللامحدود الذي قدمه جهاز المخابرات الأمريكي للمتظاهرين من خلال بث أخبار مفادها أصرار نتنياهو على أضعاف المحكمة العليا والذي بدوره سيقوم بأتخاذ قرارات مصيرية بعيدا عن سلطة القضاء التي تتدخل بكبح جماح الحكومة عندما ترى بأن هناك خطرا يهدد الأمن القومي للكيان من خلال سياسة الحرب الذي يتمناه الليكود المتطرف أو غيره .
مما تقدم نرى أن الحراك الشعبي أنتج لنا ولأول مرة ، أجبار حكومة الأحتلال على التراجع عن قرارها بأضعاف المفصل القضائي وكبح جماح رئيس الحكومة عبر الرفض الجماهيري وهذا يدل دلالة واضحة بأن الشعب الذي تربى على نظرية البقاء بحربه مع جميع الدول ، والتي ثقف بها الشعب منذ أيام كولدامائير الى الآن قد تبخر وتحول الى سلوك رافض . وهذا قد أغاض نتياهو كثيرا وخصوصا بعد أن أنظم الى هذا الحراك شخصيات رسمية بوزن وزير دفاع الأحتلال الذي رفض تقليص صلاحيات القضاء ، وأيضا أنضمام رئيس الحكومة السابق . أن هدف دعم واشنطن للحراك الشعبي جاء بعد أن تبين ميول نتنياهو الى دعم ترامب أو من ينوب عنه عبر بعض المؤسسات الصهيونية في الولايات المتحدة للأنتخابات القادمة والذي يمثل الحزب الجمهوري الداعم الكبير لسلوك الكيان الصهيوني والداعم أيضا لنتنياهو في سلوكه العدواني أتجاه دول المنطقة وعلى رأسها الجمهورية الأسلامية الأيرانية التي تكن العداء للكيان الصهيوني بشكل واضح .
واشنطن تخشى الآن أي صراع في منطقة الشرق الأوسط وذلك لتحشيدها الدول الغربية لدعم أوكرانيا بحربها مع الروس ، والذي من الممكن ان يتحول ذلك الصراع الى حرب عالمية مباشرة . من هذا المنطلق التكتيكي تخشى الولايات المتحدة أي صراع صهيوني مع الجمهورية الأسلامية الأيرانية في هذا الوقت الحساس جدا . لذا تحاول لملمة السلوك الغير منضبط لنتنياهو والذي بدأ بتكثيف غارته الجوية على أماكن التواجد الأيراني في سوريا للهروب من أزماتهِ الداخلية . تراجع نتنياهو عن قراره ، أضعف الليكود الى درجة بعدم السماح لهُ مستقبلاً بأتخاذه قرارات فردية وذلك لوجود شعب رافض لسياسات الحرب التي جعلتهُ في عزلة تامة ، فضلاً عن بروز قوى أقليمية كا الجمهورية الاسلامية التي تقود محور المقاومة بنجاح كبير ، ومن الممكن جداً القضاء على الكيان الغاصب في حال نشوب حرب بين الكيان والجمهورية الاسلامية الايرانية . لذلك هناك خوف وهلع كبير في الأوساط الشعبية من هكذا مغامرات غير مدروسة من قبل حزب الليكود اليميني المتطرف بقيادة نتنياهو .
https://telegram.me/buratha