المقالات

الصوم فرصة لتكامل الذات تنمويا


الشيخ محمد الربيعي ||

 

الصّائم متقرب إلى الله بعبادة عظيمة ينبغي له أداء حقها، بما يحفظ ظاهراً جوارحه عن المعاصي والحرام، وبما يطهر قلبه وعقله من كل مشاعر الكراهية والمفاسد باطناً، وما دام المرء يهدف إلى التقرب إلى الله، لا بدّ وأن يكون على قدر هذا التقرب، من تهئية روحية وأخلاقية يعمل الصوم على توجيهها الوجهة السّليمة.

إنّ الصّوم قوة محفِّزة للصائمين كي يقفوا أمام أنفسهم، ويعيدوا النظر فيها، وإلى أين وصلت؛ فهل هي منسجمة فعلاً مع خطّ الله وسبيله وهدايته، أم أنها غارقة في الغفلة عن الله وعن مسؤولياتها؟

الصّوم فرصة تأمّل كبيرة ومهمّة، تحثّ الإنسان على التفكّر في أمره، وعدم إشغال قلبه وعقله ومشاعره فيما لا يرضي الله تعالى، أو فيما يسقط كرامته وإنسانيّته، ويجعله فريسة للشّيطان.

من هنا، من الضّروريّ الإفادة من زمن الصّوم، حتى نتعوّد على حفظ جوارحنا من الشّرّ، فنحفظ أسماعنا عن أحاديث الزّور والغيبة، ونحفظ ألسنتنا عن الكذب والنّميمة، ونحفظ أبصارنا عن النظر المحرَّم، ونحفظ فروجنا عن الرّذيلة، ونحفظ بطوننا عن لقمة الحرام.

الصوم تربية لنفوسن، حتى تتعرّف أكثر حلاوة الطاعة في خطّ الله، فلا مفاسد ولا انحرافات ولا قذارات مادية ومعنوية باستطاعتها أن تؤثّر سلباً في عزيمتنا وإرادتنا، وما دمنا نتمسّك بروح العبادة، فإننا من خلال الصّوم وغيره من العبادات، نبني قوتنا الذاتية ودفاعاتنا ضدّ الأهواء والإغراءات والمصالح والنّزوات.

من خلال الصوم، نكسر الشهوة المحرمة والهوى القاتل، ونتدرب على امتلاك قرارنا وحريتنا، فالصوم يعلّمنا التحرّر من سطوة الأنانيّات التي تفرض نفسها علينا وتحاول خنق إرادتنا، فمحاصرة الشّهوات والأهواء والتّقليل من سطوتهما، من غايات الصّوم الأساسيّة، حتى نربي أنفسنا على التقوى والتخلّق بأخلاق الله، هذه الأخلاق التي لا تقبل إنساناً متمرداً على الله، ولا تقبل إنساناً يظلم ويسرق ويغتاب ويكذب ويغشّ ويعتدي على الأعراض والأنفس والأموال.

المجال مفتوح أمام الصائمين والعابدين لله أن يعودوا إلى أنفسهم، ويقلعوا عن عاداتهم السيّئة وسلوكياتهم المنحرفة، وأن يتعوَّدوا على ذكر الله، والسّير في هديه، لأنّ الحياة لا تحتمل حقداً وكراهية وبغضاء ومفاسد، بل تغتني بالإنسان العابد المخلص السّاعي إلى زرعها بكلّ مشاعر الطّهارة والبرّ في القول والعمل، فالصوم الحقيقي للإنسان، والّذي يسمو به عالياً، ثماره طيبة على الفرد والمجتمع كلّ حين.

اللهم احفظ الاسلام واهله

اللهم احفظ العراق و شعبة

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك