الشيخ محمد الربيعي ||
الشّهر الكريم عنوان عزة الأمة بكلّ فئاتها، إذ تجمعها قيمه التوحيدية والروحية، الّتي تدعوها إلى نبذ خلافاتها ووضعها جانباً، والعمل على لغة التقارب والتواصل، وتأكيد الأخوة الإيمانية في كل المجالات، بما يعكس حقيقة الشخصية الإيمانية المسؤولة الّتي تشعر بهموم أمّتها وواقعها، وتحرص على تأدية التزاماتها كما يجب.
ونحن نعيس في هذه الأيّام ليالي هذا الشّهر المباركة، حيث نزل القرآن الكريم دستوراً للحياة، وباعثاً للنّهضة والحضارة، وبانياً للنفوس، وطبيباً للقلوب والعقول، ورابطاً بين تعاليم السّماء وبين العباد في الأرض، وهذا ما يجب أن نلتفت إليه، وأن نشعر من خلال صومنا بأننا فعلاً من حملة القرآن وطلبته الحقيقيّين الجادّين الّذين يعرفون ما فيه من حضٍّ على الوحدة والتعارف والأخوة التي ترفع كل سبب للخلاف والتشتّت والضّياع.
هذا الشهر الذي ميّزه تعالى بأن جعل فيه ليلة القدر، وجعلها خيراً من ألف شهر، وفيها نزول القرآن بكلّ أوامره ونواهيه، وترغيبه وترهيبه، ودعوته إلى التفكّر والتعقل والتدبر، حتى تعرج أرواحنا إلى الله ونحن في أحسن حال من التوحد والتماسك، والالتفاف حول الحقّ ونصرته ونصرة قضايا المحرومين والمستضعفين.
وهو شهر تزكية النفوس، في سلوكها لدرب التقوى في أعمالها وسلوكياتها، فبالتقوى نستجمع كلّ عناصر القوّة التي تجعلنا نصمد أمام كلِّ الإغراءات والتحدّيات، فلا انكسار ولا ضعف أمام النّزوات والشّهوات، بل صلابة في الإرادة والموقف، ووعي لحركتنا ومقاومتنا للشّيطان.
أن نكون أعزاء كما أرادنا الله في هذا الشّهر الفضيل، معناه أن ننتصر على ذواتنا وأنانياتنا، ونعمل بكلّ قوة على تحصين نفوسنا من ضغوطات المضلّلين والمنافقين وألاعيبهم، والتصدي لهم، والتمسك بصراط الله وهدايته، وبخط أهل طاعته.
أن نصوم، لا يعني أن نمتنع عن المساهمة في بناء المجتمع، وأن لا نتدخَّل في حركته ومسيرته، بل أن نعمل على استمراريته بكلّ تخطيط وصبر وتضحية، وأن نراعي حقوق الله وحقوق عباده، كما توجب ذلك التقوى التي نعيشها خالصة له سبحانه.
إنّ الصيام فرصة تدعونا إلى التقاط إشاراتها، والتوجه بإخلاص وجدّية إلى الله أن يوفّقنا في أمورنا وأعمالنا الّتي تبتغي وجهه تعالى ونيل مرضاته
اللهم احفظ الاسلام واهله
اللهم احفظ العراق و شعبه
https://telegram.me/buratha