المقالات

لنستفيد من شهر رمضان


الشيخ محمد الربيعي ||

 

 عندما ندرس النصّ القرآني في مسألة الصيام، نجد أنّ الله يقول: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}. إنّ هدف الصّوم هو تعميق التقوى وتجذيرها في عقل الإنسان وفي قلبه وحركته في الواقع.

فمن لم يحصل على ملكة التّقوى وفعليّتها في شهر رمضان، فإنّه لا يكون قد حقّق هدف هذا الشّهر، وينطبق عليه الحديث الشّريف: "ربّ صائم حظّه من صيامه الجوع والعطش".

لذلك، علينا أن ندخل في شهر رمضان دخولاً واعياً، تماماً كما لو كان للإنسان غاية يريد أن يحصل عليها. ولذلك، لا بدّ للإنسان أن يراقب نفسه في كلّ يوم من أيام الصّوم، ليعرف ما إذا قد تقدّم في التقوى أو أنّه تقهقر، حتى ينتهي الشّهر ليكون في القمة من التقوى.

ثمّ إنّ هذا الشّهر الذي أراده الله سبحانه وتعالى حركة من أجل التّقوى، قد تضمّن في مستحبّاته عدّة مفردات عباديّة وثقافيّة، فيستحبّ للإنسان في هذا الشهر أن يقرأ القرآن، ليتحرّك من خلال آياته في التقوى العقليّة، وحتى يتثقّف بالقرآن، وتكون الممارسة العمليّة للصّوم عنده ممارسة نابعة من قاعدة ثقافيّة، هي ما يقرأه في القرآن من آيات العقيدة والشّريعة والموعظة والمنهج والحركة في الحياة. ولقد أكَّد الله سبحانه أنَّ شهر رمضان هو شهرُ القرآن {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى}. فانفتحوا على القرآن كما لو كان ينزل عليكم الآن لتستقبلوه بعقولكم وألسنتكم وحياتكم.

ثمّ أرادنا الله في ليالي هذا الشَّهر ونهاراته، أن ندعوه في ابتهالاتنا: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}، واعتبر الذين يتركون الدّعاء مستكبرين {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}. وهكذا يقول: {فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}.

وقد ترك لنا النبيّ (ص) والأئمة (ع) تراثاً من الأدعية المتنوّعة المتحرّكة التي ندعو الله بها في النّهار وفي المساء وفي السّحر وفي كلّ يوم، ممّا يمثّل ثروة روحيّة ثقافيّة تعمّق الروحانية في نفس الإنسان، وتقرّب الإنسان إلى الله لأنّها توصله إليه.

إنّ شهر رمضان هو موسم من مواسم الروح والتقوى والاستقامة، وهو كما وُصفَ في الخطبة التي استقبل بها النبيّ شهر رمضان في آخر جمعة من شعبان: "أيّها الناس، قد أقبل إليكم شهر الله بالبركة والرّحمة والمغفرة، شهر هو عند الله أفضل الشهور، وأيّامه أفضل الأيّام، ولياليه أفضل اللّيالي، وساعاته أفضل السّاعات، قد دعيتم به إلى ضيافة الله، وجعلتم فيه من أهل كرامته، أنفاسكم فيه تسبيح، ونومكم فيه عبادة، وعملكم فيه مقبول، ودعاؤكم فيه مستجاب، فاسألوا الله بنيّات صادقة، وقلوب طاهرة"، أخلصوا فيه نيّاتكم، وطهّروا قلوبكم قبل أن تدخلوه، "واسألوا الله أن يوفّقكم لصيامه وتلاوة كتابه، فإنّ الشقيّ من حرم غفران الله في هذا الشّهر العظيم".

فعلينا أن لا نكون من الأشقياء بل من الأتقياء، فإنّنا نحتاج إلى أن نحضِّر أنفسنا وأرواحنا وعقولنا وأجسادنا للدّخول إلى شهر رمضان...

اللهم احفظ الاسلام واهله

اللهم احفظ العراق وشعبه

 

ـــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك