د.يرفأ حسين سالم ||
اذا امعنا النظر قليلاً في احداث ليلة التاسع عشر وقرأنا تلك الحادثة بطريقة استنتاجية لا بطريقة السرد القصصي المتعارف عليه ,لوجدنا ان هناك كثير من الامور المخبئة تحت طي الكلمات والتي تحاول ان تكشف نفسها للعثور عن حقائق خفيت عن التاريخ ولو كشفت لغيرة مجريات الا حداث ولغيرت الكثير من الامور ,ان ما قد قيل في مقتل الامام علي عليه السلام هو ان هناك ستة انفار قد اجتمعوا لكي يزيلوا الحكم ويغيروا الخلافة ويكون بذلك خلاص الناس من ثلاث اشخاص وهم (علي بن ابي طالب ,معاوية بن ابي سفيان , عمرو بن العاص)وقد تعاهدوا على قتلهم في ليلة واحدة ويوم التنفيذ هو ليلة التاسعة عشر من شهر رمضان وقاموا حقاً بتطبيق هذه الفكرة على ارض الواقع فقام الشخص الذي وكل بمعاوية فأستطاع ان يضربه لكن الضربة لم ترديه قتيلاً,اما الشخص الذي وكل بقتل عمرو بن العاص فقد قتل (خارجة)وهو احد الجنود الذي اخذ نوبة عمربن العاص في تلك الليلة ولم يستطع الخروج فارسل احد الجنود لكي يحل محله تقتل بدل عنه,اما الشخص الذي وكل بقتل علي فقد قتله حقاً عليه السلام .
ان قراءة هذه الرواية بشكل استنتاجي تراها لا تخضع الى منطق العقل بل يستحيل ان هذه الفكرة قد دبرت هكذا ولا يوجد ورائها مؤامرات قد حيكت بالليل,ان هذه الامور التي طرحت ليست كافية لان نصدق ان الخوارج لم يكونوا متفقين مع معاوية وعمرو بن العاص واشخاص اخرون وقد خططوا جميعهم للغدر بعلي عليه السلام وقتله في تلك الليلة والا كيف كانت الضربة غير كافية لتقتل معاوية الا ان يكون الشخص متهاون بذلك الامر من اجل التمثيل والتمويه ليس الا (حتى لا يقولوا ان من تعرض للهجوم من قبل الخوارج ليس هو علي وحده بل حتى حاكم الشام)واما بالنسبة لعمرو بن العاص كيف علم بالامر واستطاع بأن يقدم عذراً ويتحجج بالمرض ويبيت تلك الليلة في منزله ولم يخرج الا اذا كان على دراية بالذي يجري وما ينويه الخوارج وماهي فعلتهم تلك الليلة.
الخوارج لم يكونوا الا اداة للتنفيذ اموراً طلبوها منهم اناس كانوا خلف الستار يحركون الامورعن بعد ويعتبرون هم المخططين والممولين لفكرة الجريمة التي حصلت في ذلك اليوم ,ان هناك عدة امور سوف نطرحها توجه اصابع الاتهام الى اناس غير الخوارج (الذين استخدموا كسلاح للجريمة ولم يكونوا هم المجرمين لوحدهم فقط)ومن هذه الامور هي :
اولاً:الدولة التي كانت تحت حكم الامام علي عليه السلام سيطرته وقوله يستطيع فقط ثلاث انفار او ستة ان يزعزعوا الحكم ويقلبون الموازين رأساً على عقب
ثانياً:أن عملية اغتيال الامام علي عليه السلام تحتاج الى تمويل وتخطيط لان قتله ليس بذلك الامر الهين الذي يستطيع اين كان تنفيذه وان اهل زمانه وعصره اعلم الناس بعلي وقوته وشجاعته
ثالثاً:بالتأكيد لكل شيء ثمن أن هؤلاء الخوارج ماهو الثمن الذي ارادوا ان يتقاضونه بعد تنفيذ هذه المهمة ومن اين يحصلون على الثمن
المجرم الاول:معاوية بن أبي سفيان /اول من توجه لهم اصابع الاتهام في جريمة مقتل علي بن ابي طالب عليه السلام ويعتبر ابو الاسود الدؤلي اول من اتهم معاوية وبني امية بمقتله عليه السلام حيث انه تأكد بأدلة قاطعة تثبت ان معاوية هو الذي قدم لقطام السم الذي اردى علي قتيلاً وليس غريباً على معاوية فكرة التعامل مع السموم فأنه القائل لله جنود من عسل وفكرة دس السم بالعسل كانت من اختراعاته في ذلك الوقت وقد استحق بجدارة لقب ملك السموم ,لكن ما هي الاسباب التي دفعت معاوية بأن يقتل الامام علي عليه السلام .
اولاً:ان قتل علي عليه السلام سوف يكون ورقة رابحة في يد معاوية وهذا ما يتمناه وما يخطط له اصلاً وكل الحروب السابقة من (الجمل ,صفين,النهروان)قد اشعل فتيلها هو من اجل قتل علي لكن عندما يأس من قتله في الحروب استخدم طرق غير مباشرة وباشر بالتنفيذ ليكون هو الحاكم والمتصدي للخلافة وهذا هو الهدف الذي ينشد اليه والدليل على ان معاوية كان طالب للحكم تضيق الخناق على الامام الحسن عليه السلام واجباره بالقوة على التنحي عن الحكم وغصب الخلافة منه بالقوة.
ثانياً:العداء الطويل المتجذر الذي يكنه معاوية للامام علي وهذا العداء يمتد جذوره الى سنوات طويلة حيث ان معاوية يعتبر الامام علي قاتل لاجداده واعمامه في زمن الجاهلية لذا كان لا يطيق حتى سماع اسمه ويتمنى موته
ثالثاً:حسد معاوية للامام علي عليه السلام بسبب قربه من رسول الله صلى الله عليه واله وحب الناس له فقد كان الامام علي له شعبية كبيرة وقريب الى النفوس وهذا الامر كان يغيض معاوية كثيراً
رابعاً:اعلى مرتبة منه في الحكم حيث كان معاوية يحارب الامام علي على الحكم والمنصب وكان يتبع قاعدة لا يجتمعان اميران في مملكة واحدة ولا ينام سيفان في غمد واحد حيث يرى من الامام علي عليه السلام عائقاً يصده على ان يصبح ملكاًعلى الامة
خامساً:هدف معاوية من توليه للحكم والسلطة ان يميت الاسلام ويقضي عليه وقد كان يعلم ان بقاء الاسلام مرهون ببقاء الامام علي حيث برحيله سوف يتهدم الاسلام واركانه كما قال جبرائيل يوم قتل الامام علي عليه السلام تهدمت والله اركان الهدى .
المجرم الثاني: عمرو بن العاص/ وهذا المجرم ايضاً متهم بقتل الامام علي عليه السلام بل يعتبر هو المخطط لهذه الجريمة وذلك لاسباب منها :
اولاً:سعي عمرو بن العاص الي ان يكون الخليفة بدل عن معاوية فهو يرى انه الاجدر بالخلافة منه, لذا كان تخطيطه لكي يصل الى الحكم هو القضاء على معاوية وعلي عليه السلام
ثانياُ:ان الخطة التي وضعها عمرو بن العاص اذا اطلعنا عليها لوجدنا انها تهدد الامام علي عليه السلام ومعاوية لكن معاوية ابتعد عن الضربة وتفادها لانها ضربة لم تكن مباشرة اما الامام علي فقد نزل به القضاء والقدر ووقعت الضربة في رأسه الشريف وهذا دليل على ان عمرو بن العاص كان يخطط لقتل الاثنين معاً
ثالثاً:لوعدنا الى التاريخ لوجنا ان الذي قام بتربية ابن ملجم المرادي هو عمرو بن العاص وقد قربه اليه وبنا له بيت بالقرب من مقرالامارة وكان يعلم الناس القرأن في المسجد بأمر من عمرو بن العاص وكان ذلك في مصر عندما كان عمرو بن العاص والياً عليها انذاك
رابعاً:استجارت قطام التي اشتركت في الجريمة لقتل امير المؤمنين عليه السلام بعمرو بن العاص بعد مقتل بن ملجم وقد كتبت له رسالة تخبره بأن انصار علي يضيقون عليها في الكوفة وهذا دليل على ان قطام كانت مع اتصال دائم مع عمرو بن العاص وتعرفه حق المعرفة واولاد نقابة واحدة .
رابعاً: حقد عمروبن العاص على علي عليه السلام حيث كان عمرو بن العاص يهدف في زمن معاوية ان يكون حاكماً على مصر بعدما عزله عثمان بن عفان واعطاها لمروان بن الحكم لانه كان صهراً له(زوج ابنته مريم)لذا كانت مساعي عمروبن العاص منصبة حول امتلاك مصر وتسلم امارتها لكن الامام علي عليه السلام كان حجر عثرة في طريقه يعيقه عن هذا لذا اراد قتله حتى يظفر بعروسه كما يزعم ويريد ان يدخل حجلتها لذا قام بالتخطيط لقتال علي عليه السلام
المجرم الثالث:الاشعث بن قيس/وهو من الاشخاص الذين كانوا يمثلوا عصب الشورى وتدبير الامور في الكوفة وفسح المجال للقاتل بأن يقوم بجريمتة بأسهل الطرق ومن دون متاعب اما هدفه من مقتل علي عليه السلام كان لاسباب منها:
اولاً:في زمن الخلفاء كان الاشعث بن قيس والي على اذر بيجان لكن عندما تسلم الامام علي عليه السلام الحكم والخلافة عزله من منصبه وكان هذا الشيء يغيضه ودفعه للتخطيط الى قتلة
ثانياً:عدم تزويجه لزينب حيث ان الاشعث بن قيس طلب يد الحوراء زينب من الامام علي عليه السلام لكن الامام رفضه وبشدة وهذا ايضاً كان من احد الدوافع والاسباب
ثالثاً:اتصال الاشعث بمعاوية وخضوعه امام المغريات التي قدمها معاوية منها التطميع بالمال وتوعيده بالامارة والحكم وهذا الامر دفعه الى ترك الامام علي والانزياح الى معسكر الفسق والظلم معسكر معاوية
رابعاً:بغض الاشعث لاهل البيت عليه السلام وان اهل بيت الاشعث قد عرفوا بعداوتهم لاهل بيت النبي صلى الله عليه واله وسلم ,حيث ان ولده محمد كان هو المسؤول عن قتل مسلم بن عقيل في الكوفة ,وولده الاخر قيس كان على الرجالة في كربلاء لقتال الامام الحسين عليه السلام ,وابنته جعده هي من اتفقت مع معاوية ودست السم للامام الحسن عليه السلام وقد كانت زوجته لكنها لم تراعي حق زوجها بغض النظر عن كونه امام معصوم وخليفة يحكم المسلمين لذا فأن عدائه لاهل البيت واضح وما يكنه في نفسه من الحقد والضغينة وقد نقل ذلك الى اولاده ايضاً حيث زرع هذا الحقد وغرسه في انفسهم.
وباختصار لو اردنا بصراحة ان نكشف عن جميع الذين قتلوا علياً عليه السلام غير الذين ذكروا لأحتجنا الى كتاب كامل لهذا الامر فأن هذا الكتاب وحده لا يسع لكي نتحدث عن هذا الموضوع الحساس والمهم في نفس الوقت ,فلو كان لدينا المجال لكان العنوان مئة مجرم وضحية واحدة لان علي عليه السلام من اشترك بقتله اناس مهدوا الطريق لكي يتجرأ هؤلاء على قتله ,لعن الله الممهدين لهم بالتمكين من قتالكم.
https://telegram.me/buratha