مانع الزاملي ||
اول ضحية للوضع العراقي الحالي هي الحقيقة، ورغم ان الشراكة في قيادة الوطن يعدها العقلاء ، خطوة بأتجاه العدالة والاستقرار ، والقضاء على الشعور بالغبن ، الذي يتسبب دائما بعدم الرضا ، مما ينعكس على الوضع السياسي والنفسي، لكن الرضا على كل شيء حتى وان كان على حساب الحقيقة ، جريمة اخلاقية ، العراقيون كأي شعب من شعوب العالم ، يعرفون بفطرتهم ، ان الخيانة ، والسرقة، والكذب ، والتفرقة، واخذ حق الغير ، والافتراء. والكيل بمكيالين ، والتجني ، وسوء الظن ، وكل مايدخل تحت مفهوم الرذيلة ، مستهجن ومنبوذ عقلا ، قبل ان يدلنا الشرع والقانون على قباحته ، لذلك ، عد العلماء والعقلاء ان القبح والحسن عقليان، بمعنى ان الضمير والاحساس الانساني يحكم بهما سالبا وايجابا تبعا لماهيتها، فلايوجد عاقل وسالم الحواس يحكم بقبح الصدق ، او حسن السرقة ، او تبني الخيانة وعدها من الفضائل الاخلاقية ، ولايوجد وطني وحريص على بلده ان يرتضي العمالة للآخرين دون مسوغ منطقي !
ونحن كشعب وحكومة وطوائف وقوميات ، نعيش حالة من التناقض المقيت ، ولنأخذ من حوادث عدة حصلت لنا ، لكي نؤسس لقناعة مقبولة للجميع ، ظهور د،ا،ع،ش، وارتكابها ابشع الجرائم بحق الجميع ، بمعنى انهم استهدفوا الجميع ، اما بذريعة ( رافضة) بحق الطائفة الشيعية، او عنوان ( الارتداد ) ضد ابناء الطائفة المخالفة ، ورغم هذا الجرم العام المشهود للملايين من العراقيين ، هناك من يسميهم ( ثوار) او ( جهاديين) دون الالتفات الى ما يجري على ايديهم من مجازر!
ولم نسمع ولامرة ان مؤسسة شرعية او دائرة افتاء، ذكرت ببيان او نشرة او خبر ، بأن هؤلاء مجرمون وتحذر ابناء السنة منهم ، مما يوحي هذا السكوت للآخرين من اتباعهم انهم على الاقل غير مجرمين ، وعدم فاعلية الاحزاب السنية بتوضيح الحقائق للجمهور السني ، دفع الالاف من شبابهم بالانخراط في صفوف هكذا نكرات وشذاذ ! والامثلة عن حجب الحقيقة لاتحصى ، رغم بشاعة وقبح الجرائم !
وبقيت الحالة الاجتماعية والقناعات الجماهيرية تتأرجح دون الاستقرار على رأي واضح لكي ينتج موقف عملي ! واستقصاء كل حالة لكل هذا الكم من السنين يحتاج لمجلدات ، لكن لنتوقف وننظر بعين الانصاف لآخر حدث نعيش تداعياته وهو قضية ( كمبش) فالرجل سارق وسجين بسبب سرقته المليارات ، والسرقة بكل الاعراف منقصة وتجاوز على مال الشعب ، ومع كل هذا الوضوح في قضية الرجل ، وفراره من المعتقل ، وانتقاله للعالم الآخر ، بعد القاء القبض عليه ، قام الطرف الثاني اي السنة بأعلامهم ورجالاتهم بوصفه ( الشهيد المغدور ) اقيما له مجالس عزاء وفواتح، وكأنه فجر نفسه في مفاعل نووي صهيونى ! هذه الواقعة تنذر بخطر تبني كل حالة جرمية على انها فضيلة وهذا ربما ينعكس على كل سابقة ولاحقة من الموبقات !
والانكى من ذلك لم يستنكر اخوتنا المتصدون اي اعتراض او توضيح لحقيقة مايجري ، وبين هذه الجلبة ، ستنجلي الغبرة بضياع ال (4مليارات ) وتذهب لجيوب من خططوا للسرقة وربما للفرار من السجن او التخطيط للموت الذي سيسدل الستار على الفضيحة بموت بطلها ، ونحن نعلم بحياتنا العامة ان موت بطل الفيلم ينهي السيناريو بجملة انكليزية ( THE END) واذا استمر التدليس او قلب الحقائق ونشر الروايات المظلله على كل حدث ، سيجعلنا يوما ما امام تدهور امني وتهديد للسلم المجتمعي الذي يخطط له الاعداء بهذه المرحلة ، كما اسلفنا في مقال سابق حول افتعال وتغذية الصراعات العشائرية والقبلية من ذات النوع او غيره ، ان الاعلام الحكومي والحزبي وكل من بيده نشر الكلمة ، ان يوضح للناس حقيقة كل شيءٍ. لان الاستمرار بالسكوت والرهان على الزمن ليس من الحكمة دائما ، وترك التوضيح سيجعل الباب مفتوحا لكل تفسير ورواية وخلط الاوراق دائما ضحيته الاولى الحقيقة التي لابد من توضيحها للمتلقي ، ويقيني اننا سنشهد كثير من هكذا روايات ولكن بطعم آخر .
ــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha