خالد غانم الطائي ||
تَدعي بعض المتبرجات بأن لها الحرية في التبرج والذي هو إبداء لمفاتن بدنها أمام وعند الرجل الأجنبي (وهو مْن يحل لها زوجًا) ووضع مساحيق التجميل والعطور وارتداء الملابس القصيرة أو الضيقة التي ترسم ملامح البدن وتقاطيعه وكذلك لبس الألوان الملفتة للنظر كالأحمر والملابس الشفافة التي لا تستر ولا تحجب ما تحتها، فيما يعد أمرا محَّرما شرعيا، ويجعلن ذلك كله تحت عنوان الحرية الشخصية وهذا غير صحيح إطلاقًا فالثابت إن الأحكام الشرعية تقع في خمسة أنحاء وهي الواجب والُمستحب والمحَّرم والمكروه والُمباح.
والتبرج عند الأجنبي وأمامه، من المحَّرمات التي قال تعالى بشأنها (..وليضربن بخُمرهن على جيوبهن) والجيوب تعني الصدور. وقوله تعالى (ولا يضربن بأرجلهن لُيعلم ما يخفين). وقوله تعالى (ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى). وهنا يجب ان نعرف ان الحرية الشخصية للمكلف تكون في الحكم الشرعي الُمباح مثل اختيار نوع القماش أو الملبس او نوعية الطعام والشراب مثًلا... وهكذا...
وفي التبرج خروج المرأة من عبوديتها وخضوعها لله تعالى، وكذلك الخروج من الحياء، وإذا مررنا بقصة بشر الحافي المعروفة مع الإمام الكاظم (عليه السلام) فسنجد سؤال الإمام لجارية بشر بقوله: سيدِك عبد؟ قالت بل هو حر، فأجابها الإمام: صدقِت فلو كان عبدًا لله لاستحى من الله.
وقد ورد عن النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) قوله (الحياء من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد فمْن لا حياء له لا إيمان له). وأيضًا قوله (إذا لم تستِح فأصنع ما شئت). وقد سئل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هل ينزل جبرائيل (عليه السلام) بعدك يا رسول الله؟ قال: بلى، قيل ولَم قال: ليرفع الحياء من النساء والغيرة من الرجال والبركة من المائدة.
وهذا الأمر ينطبق في أدق التفاصيل الخاصة بالتصرفات فحتى مشي المرأة غير المؤمنة هو استعراض للمفاتن وإضرام نار الشهوة في قلوب الرجال وبالتالي هو خروج من طاعة الله تعالى. بينما مشي المرأة المؤمنة يكون على استحياء وقد مدح الله بنت النبي شعيب (على نبينا وآله وعليه الصلاة والسلام) بقوله تعالى (فجاءته إحداهما تمشي على استحياء).
إذن ليس للمرأة الحرية في التبرج أمام الرجال الأجانب وعندهم، لان التبرج يوجب تهَّييج الشهوة فإذا كان تهيجها وإثارتها في الحرام فهو حرام لأنه تنعدم فيه مراعاة مشاعر الرجال الذين يتم إلحاق الأذى بهم من تهييجهم جنسيًا، وعدم إشباع الرغبة الجنسية يَّولد ألمًا نفسيًا وشعورًا بالقلق ومثال ذلك العطشان الذي يؤتى بالماء عندُه ولا يعطى الفرصة للارتواء منه.
وأما التبرج في الحلال فهو أمر مندوب فقد ورد في الحديث (خير النساء المتبرجة عنَد زوجها وحصان عند غيره) ومعنى حصان أي متحصنة بالحجاب، وهنا تنبغي الإشارة إلى المثل الشعبي الدارج (ُّكل ما يعجبك والبس ما يعجب الناس) فلا يفهم منه الإعمام والشمول ففي مسألة اللبس إذا كان التبرج هو ما يعجب الناس فهذا يتقاطع ويتعارض مع طاعة الله سبحانه ويدخل العبد في دائرة السخط الإلهي في هذا المورد.
إذن فالمرأة مأمورة من الله تعالى بالحجاب عند الأجنبي ولا حرية لها في التبرج إلا عند زوجها (إذا كانت متزوجة) أو عند محارمها من الرجال إذا أمنت من الوقوع في الفتنة، وهذه دعوة نقدمها لأخواتنا لمراجعة الرسائل العملية للمجتهدين في هذه الأمور التي تشكل جزء كبير من الحياة اليومية وخاصة للنساء العاملات خارج البيت.
ــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha