حسن كريم العتابي ||
منذ أيام وانا أعيش حالة من الاضطراب الفكري النابع من خشية الوقوع في ازدواجية المعايير التي يقع فيها الكثير عندما يكون هنالك حدث يستلزم موقفا واضحا وصريحا .. أيام مرت وأنا أحضر نفسي لاعلان موقفي مما جرى في ناحية النصر بعد مقتل الفقيد الشيخ جميل حاتم رحمه الله وبأنتظار ردة الفعل التي ستكون كارثية ومتهورة مثلما هو معهود من هكذا مشاكل عشائرية يطغى فيها التعصب القبلي الأعمى وتكون فيها العاطفة سيدة الموقف ..
ومع تعاطفي الكبير مع حماسة أعمامي في الثأر من قتلة الفقيد كوني بشر أشعر بالانتماء لأهلي ولكن ذلك يشعرني بالقلق ويزدحم بالتساؤلات : فهل أن الشرع أباح الثأر العبثي الذي يطال غير القاتل ؟ وهل أن أصدقائي ومن يثق بي سيرضى بميلي القبلي وتركي لمنطق التعقل وعدم التهور والاسراف في الدماء ؟ وماذا سأقول أن قتل بريء لا ناقة له ولا جمل في الامر ؟ وماذا أن قتل أعمامي صديقي أبو علي الركابي مثلا ؟
فهل سأنعاه وهو أستاذي وصديقي وعلامة فارقة في الثقافة والفلسفة والأدب ؟ أم سأقول (عفية ) لمن قتلوه ثأرا ؟
تساؤلات تضع مصداقيتي على المحك .. فصمت ويدي على قلبي ادعو الله أن لا يتصرف أهلي تصرفا جاهلي يحرجني وان لا يخوضوا بدماء الناس طلبا للثأر وحينها تضعني الظروف في موقفا لا أرى فيه بد الا توجيه النقد واللوم لهم مثلما كنت اوجه لومي ونقدي الشديد عندما يحدث ذلك بين العشائر الاخرى ..
انه أمتحان صعب ولكن أهلي لن يخذلوني بعد أن أعلن هذا الفتى العتابي الشيخ رياض البورهن أعلن أنه لن يفجع عشرين أمراة مثلما فجعت لنا أمرأة واحدة بالأمس وأنه سيركن لصوت العقل والقانون في قرار حضاري ينم عن وعي والتزام ديني وأخلاقي يمثل أنعطافة كبيرة وتطور نوعي على جميع المشايخ أن يقفوا عنده ويتعلموا من ذلك الدرس الذي حقنت به الدماء وسلمت به الارواح ..
ذلك القرار جعلني أفخر بقومي وأتحرر من حرجي بلحاظ أنه أتى ترجمة للالتزام بارادة النجف التي تابعت الامر عن كثب وارسلت الرسائل لتنتهي الامور الى ما آلت اليه ..
ــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha