أ.د. جهاد كاظم العكيلي ||
لم يظهر الخطاب الإعلامي بعد عام 2003 قدرا كبيرا من التغطية النظيفة لما جرى في العراق من مآس وويلات وخراب ودمار، ولم تراعى فيه معايير الموضوعية والمصداقية في تقديم الحدث للجمهور بهدف ترسيخ الأفكار التي يُريد زرعها، بل لم يضعها في خانة السياق الأخلاقي كما تقتضيه المصداقية والموضوعية ..
ومعروف أن الخطاب الإعلامي هو فن من فنون التواصل مع الجمهور وسبل إقناعه بمواقف وآراء عن طريق معلومات يتم عرضها في القنوات الخبرية (المسموع والمكتوب والمرئي)، الذي يتخذ أنماطا وأساليب متعددة تبعا لنوع الخطاب ومرجعياته وأدواته الرسمية والحزبية، أما المُستقلة منها فمعظمها تخضع لإرادات أجنبية ..
ومعروف أيضا أن ظهور تسمية السلطة الرابعة كمصطلح كان قد إنبثق إلى الوجود في بداية نشوء الأنظمة الديمقراطية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر عندما قال المفكر الأنكليزي أدموند بروك أمام مجلس البرلمان البريطاني، ثلاث سلطات تجتمع هنا تحت سقف البرلمان لكن هناك في قاعة المراسلين تجلس السلطة الرابعة وهي أهم منكم جميعا ..
وهذا يعني أن الخطاب الإعلامي بصورة خاصة أقوى من السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية لو أستثمرت ووجهت إلى الوجهة الصحيحة التي ستقود حتما لخطاب عراقي هادئ ناضج وواعي ليكون بذلك أقوى وأهم من كل السلطات في بناء الإنسان العراقي، وهو الهدف والوسيلة معا للبناء الديمقراطي الحقيقي في العراق ..
من هنا كان ولا يزال الإعلام العراقي ذو خطاب إعلامي يسهم في صناعة الكراهية والتهافت من إجل الظفر بالسلطة والمال مع أن الخطاب السياسي لمعظم الأحزاب والكتل السياسية يؤكد مدنية الدولة ونبذ الطائفية إلا أن هذا الخطاب تحول في غضون السنوات الماضية إلى خطاب وطني مشوه ومتناقض ما أدى إلى ترسيخ ثقافة الكراهية وزرع الإحباط لدى الجمهور العراقي ما يمثل خطرا كبيرا على مستقبل العراق، وربما يقود به إلى نفق مظلم يتسبب في زعزعة الإستقرار حيث عانى كم غير قليل ولسنوات طويلة من ويلات الحروب والتناحر الداخلي، ومن ثم يجب أن يكون هناك خطاب سياسي داخلي وخارجي عراقي موحد كالدول الأخرى يخدم توجهات ومصالح البلد ويتوافق مع ضوابط الدستور العراقي بعيدا عن التشنجات والعواطف المذهبية والأثنية التي لا تخدم صناعة عراق ديمقراطي جديد ..
https://telegram.me/buratha