منهل عبد الأمير المرشدي ||
· إصبع على الجرح ..
بعيدا عن الإسهاب في التنظير أو الإجهاد في التسطير ومن دون الحاجة للغور في مفاتن الكلام ومراتب المقام . نقولها وبحكم اليقين اننا نعيش في معادلة الشقلوب للزمن المقلوب . كأنني بالناس تمشي على رؤوسها وتتنفس من كعوب أقدامها وتبصر من إنوفها وتسمع من بطونها . كل شيء لا يشبه كل شيء .
حتى جدلية الزمن فقد تسابقت الساعات لتتجاوز الدقائق وما عاد للإسبوع في مقايس الحياة اكثر من يوم واحد . كل شيء .. حتى الوطن لم يعد ذاك الوطن الذي عرفناه نشأة وملاذا وقداسة وذكريات وثرى ودجلة والفرات .
لم يعد ذاك الوطن الذي تعلمناه قصائد حب ومعاني تضحية وفتوى للجهاد في واحة الشرف والعرض والأرض والكرامة . الألفة لم تعد تلك الألفة والغربة لم تعد تلك الغربة . أقسى انواع الغربة نحياها بين الأهل والجيران والأرحام . بل ما ادهى ان تكون غريبا في ذاتك وتتجلى كل انواع الغربة في وطن صرت غريبا عنه وصار غريبا عنك في كل شيء . المجرم والفاسد والحرامي والوضيع مصانون محترمون موقرون !!
والنزيه والمخلص والأمين والشريف مهان محتقر !!! ألأدعياء وأرباب الجهل والنفاق والعملاء والمأجورون هم أصحاب النفوذ والسطوة والزعامة والقرار . وذوو العقول والكفاءات الشرفاء من ذوي العفّة والحياء يلوذون في ظلال الخوف وتداعيات الفقر وضعف الحال والظلم والتهميش . اي زمن حقير نحيا .. اي دنيا دنية غادرة وضيعة ؟؟
صار الأستاذ يستجدي العطف والإحترام من الطالب الذي أمسى يشفق على الأستاذ فيحترمه لإنه (خطيّه) .
منابر العلماء ومجالس الخطباء أمست مفتوحة لكل من هب ودب حيث التجاسر والتجاوز على المقدسات والمثابات والثوابت والعلماء !! الاف مؤلفة يحملون الدكتوراه ولا يجيدون كتابة جملة مفيدة !!! كل شيء في المقلوب ..
المجرمون واللصوص يصولون ويجولون أحرارا اسياد ينعقون حيثما شائوا وكيفما يشائون . الصغير يحتقر الكبير والسفيه يستعبد الشريف والمعلم يخشى من تلاميذه والقاضي يهاب المجرم والإبن يتفضل على أبيه والأب يستجدي من أولاده وكل شيء عاد معقولا في الزمن اللامعقول . حتى الحب ..
يا اقدس ما في هذي الأرض صار غريبا مستغربا أسير النزوة والشهوة والمكر والخديعة إلا ما شاء ربي . فلا بيت شعر يصاغ من قلب نقي ولا غزل بريء من عيون عاشق للحبيب ولا مكان للحياء وكل شيء مأسور الى نظرية المؤامرة .
ما يدمي القلب حقا ويملأ شغاف النفس في الأسى ان تلك التفاهات والنجاسات تسللت الى اجمل ما نعتز به واعظم ما نفتخر فيه وانبل ما نتبتاهى في معانيه فلم يعد هناك من عصم نفسه منها بين اوساط ال(العلماء) والكتاب والأدباء والآباء والأبناء والأرحام والأصدقاء إلا ثلة من الأولين وقليل من الآخرين .
أما ساسة البلاد وزعاماتها وقادتها فلست متشائما لكنها الحقيقة التي تجهد قلب من يبحث فيها عن رجل الإستثناء في الوصف المحسوب على معادلة الشقلوب في الزمن المقلوب .
ــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha