المقالات

سطور في اخ كريم صبور شكور

1354 2023-05-11

د. عطور الموسوي ||

 

صباح يوم الاربعاء 10/5/2023 كان حزينا

اذ تلقينا نبأ وفاة اخ كريم ماعرفناه الا مؤمنا  صابرا يكتم أحزانه ولا يلقى احدا الا بوجه باس..

انه الاخ الحاج حكيم عبد الزهرة اللامي  السجين السياسي الذي قضى زهرات من سني شبابه في سجون الطاغية في أسوء ظروف واقساها، ولم يكفِ البعثيين سجنهم له وانما فقد على ايديهم اخا واختا في عمر الزهور تسنموا تيجان الشهادة بإخفاء قسري وتغييب كان سُنّة ً من سنن جلاوزة البعث ووسيلة قهر امعانا لإيلام الاهلين الذي يترقبون عودة فلذات الاكباد، وقد قضى الكثير منهم نحبه صابرا شاكيا لله ظلم صدام وزمرته المجرمة .

عام 2011 عملت على كتابة سير الشهيدات وكانت مهمة صعبة جدا لعدم وجود معلومات في سجلات وقرارات الشهداء، وعلمت ان له اختا شهيدة وكلما كنت اتواصل معه ليزودني بسيرتها كان يعدني ولا يتحقق ما اريد .. حتى رايته يوما في مدخل مؤسسة الشهداء لمهمة ما، حيث كنت ادير ملتقى (الخالدون ) النسوي.. فدعوته لتناول قدحا من شاي او فنجان قهوة وطلبت منه الوفاء بما وعدني، لما شعر  انه ملزم ان يتحدث أنّ أنةً اذهلتني وتناول منديلا بمجرد ان ذكر اسمها  وقال :

من اين ابدأ حديثي عن بلقيس الطفلة البريئة وانهال بالبكاء كالثكلى ينحب ونشيج صوته جعلني ابكي معه .. نعم لم اتمالك نفسي ولمتها على اصراري فانا لم اتوقع ان جريحا لهذا الحد، وعلمت سبب تهربه من تقديم المعلومات فهو يخشى نزيف جرحه العميق .

صرت اواسيه واذكره بعدد من الشهيدات في اسرة واحدة، فعليه ان لا يجزع وها نحن ندون لنرسل الامانة التي في اعناقنا لجيل ما عاش حقبة البعث وغابت عنه قصصا من التضحيات وكما كبيرا من البطولات وفصولا من همجية ماعرف التاريخ مثلها، نحن مضطرون ان ننكأ جراحنا مهما كان وجعها فالشهداء امانة في اعناقنا ونحن شهود عيان قبل ان نكون اولياء دم.

هدأ قليلا وقال كنت معتقلا ومن ثم حكمت وهي كانت فتاة يافعة ربما تساعدك اختي بمعلومات عن حياتها القصيرة، تنفست الصعداء وتهللت اساريري ان وجد الله لي مخرجا من هذا الموقف الاليم معه، وبعد ان اتصل بها لاحدثها وهي الاخرى بكت وابكتني، ولكنها كانت اكثر صبرا ربما لاننا لم نتحدث وجها لوجه  وزودتني بسيرة طفولتها وكيف اعتقلت من المدرسة وهي بنت الرابعة عشر من عمرها ومعها اثنتان من زميلاتها وهم القلائل المحجبات اللواتي رفضن تهديدات مديرة المدرسة البعثية واصررن على عدم السفور  .

انتهى اللقاء وقد وعدني انه لن يأل جهدا في مساعدتي بموضوع نصب الشهيدة العراقية والذي كانت كل اولياته في امانة بغداد وتنتظر الفرج لانشائة .

وعد واوفى كلما كان عندي موعدا مع احد الامناء الذين توالوا على ادارة الامانة يحدد لي الموعد، على الرغم من ان مديرا عاما وليس سكرتير الامين ويستقبلنا انا والفنان عباس غريب ونلتقي بالامين ولا يتحقق الهدف ولاسباب شتى، وحتى عام 2020 تنصلت امانة بغداد وتم انشاءه من قبل السيد محافظ البنك المركزي وبرعاية رابطة المصارف العراقية، بعد مقابلة قصيرة لا تتجاوز دقائق بينت له باختصار شديد مراحل عقبات التنفيذ وذكرته ان كل مسؤولي العراق الجديد يتباهون انهم ببركة دماء الشهداء زال صدام وحكمه البغيض فهل من الوفاء لم يقم ولو نصبا وحدا يجسد الشهيدات وقد بلغ عددهن قرابة ثلاثة آلاف ونيف !!، تفاعل الرجل ووعد واوفى.

لما شخص النصب بمكانه في مدينة الكاظمية المقدسة يوم 18/8/2020 والشهيدة العراقية بعبائتها وحجابها وتحمل بيدها طيور السلام الذهبية تضاهي الشمس ببريقها، اتصل بي رحمه الله مهنأ وشاكرا سعيي ومشيدا بصبري وشاكرا لانني خلدت ضمنا شقيقته الطفلة وقائلا اديتي عنا جميعا ماكنا نريد لشهيداتنا فجزاك الله الف خير ورزقك شفاعتهن ..

دعوة مازالت ألطافها تحيط بي رغم ان دوري متابعة تنفيذة بتخويل من الامانة العامة لمجلس الوزراء كوني عضوا في مجلس رعاية الشهداء ومسوولة عن ملتقى يعمل على رعاية النساء من ذوي الشهداء، وكل الجهد المشكور للفنان المبدع الصبور الذي تبنى تنفيذ تفاصيل دقيقة تساعدنا واياه  فيها من سير الشهيدات  عن مراحل مريرة عشنها منذ الاعتقال وحتى الشهادة وجسدها اعمق تجسيد في مقاطع مثلت جداريات اربع في قاعدة النصب .

وجدير ان اذكر في سطوري المتواضعة هذه ما تعرض له استاذ حكيم في مدة حكومة الكاظمي المظلمة من سلب لحقه الوظيفي واعفائة من منصبه ظلما وعدوانا، واستمر الظلم على الرغم من كسبه الدعوى التي رفعها في محكمة ادارة الموظفين ولاسباب مجهولة لتمييع القرار ، وقبل ايام قلائل اعفي بديله بحزمة المدراء المقالين،  وكانت عودته وشيكة ونيل حقه قريبا، الا ان المنية حالت دون ذلك ليلقى ربه مظلوما بظلامات متعددة منذ صباه وحتى آخر لحظة من عمره عسى الله ان يوفيه اجر الصابرين بغير حساب .

افجعنا فقدك يا اخا لم تلده امي ولكنني كلما لقيتك شعرت بوجود احد اخوتي الشهداء .

هنيئا لك مغادرة حياة دنية فانية الى حياة خالدة لتلقى ربك ويحشرك مع شهدائك في مقعد صدق عند مليك مقتدر .

رحمك الله فاننا نشهد اننا لا نعلم عنك الا خيرا وحاشا لله ان يخيب ظنوننا برحماته الواسعة .

11/5/2023

20 شوال 1444

 

ــــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك