اعداد/خالد غانم الطائي ||
خاطب الامام جعفر الصادق (عليه السلام ) تلميذه المفضل بن عمر الجعفي:
اعرف يامفضل ما للأطفال في البكاء من المنفعة،وأعلم أن في أدمغة الأطفال رطوبة ان بقيت فيها أحدثت عليهم أحداثا جليلة وعللا عظيمة،من ذهاب البصر وغيره والبكاء يسيل تلك الرطوبة من رؤسهم فيعقبهم ذلك الصحة في أبدانهم والسلامة في أبصارهم .
.افليس قد جاز أن يكون الطفل ينتفع بالبكاء ووالداه لا يعرفان ذلك فهما دائبان (1 )ليسكتانه ويتوخيان (2 )في الأمور مرضاته لئلا يبكي ،وهما لا يعلمان ان البكاء اصلح له واجمل عاقبة. .فهكذا يجوز أن يكون في كثير من الأشياء منافع لا يعرفها القائلون بالاهمال ولو عرفوا ذلك لم يقضوا على الشئ أنه لا منفعة فيه ، من أجل انهم لا يعرفونه ولا يعلمون السبب فيه ، فأن كل ما لا يعرفه المنكرون يعلمه العارفون (3 )وكثيرا ما يقصر عنه علم المخلوقين محيط به علم الخالق -جل قدسه-وعلت كلمته.
فأما ما يسيل من أفواه الأطفال من الريق،ففي ذلك خروج الرطوبة التي لو لقيت في أبدانهم لاحدثت عليهم الأمور العظيمة ، كمن تراه قد غلبت عليه الرطوبة فأخرجته إلى حد البله والجنون والتخليط إلى غير ذلك من الأمراض المتلفة كالفالج(4 )واللقوة(5 )وما أشبههما ،فجعل الله تلك الرطوبة تسيل من أفواههم في صغرهم لما لهم في ذلك من الصحة في كبرهم فتفضل على خلقه بماجهلوه ونظر لهم بما لا يعرفوه ولو عرفوا نعمه عليهم لشغلهم ذلك عن التمادي في معصيته ،فسبحانه ما أجل نعمته واسبغها على المستحقين وغيرهم من خلقه تعالى عما يقول المبطلون(6 )علوا كبيرا.
(1 )الدؤب:الحد والتعب.
(2 )التوخي:التحري والقصد.
(3 )اي ان ذلك مما لا يقصر عن إدراكه ذو العلم والفهم.
(4 )الفالج:داء يحدث في احد شقي البدن فيبطل احساسه وحركته.
(5 )اللقوة:-بفتح فسكون-داء يصيب الوجه يعوج منه الشدق إلى احد جانبي العنق جمعه لقاء وإلقاء.
(6 )يقال:أبطل أي جاء بالباطل.
المصدر:كتاب توحيد المفضل املاء الامام جعفر الصادق(عليه السلام ) صفحة 53 و54.
https://telegram.me/buratha