رياض سعد
(1)
بادئ ذي بدء لابد من الاشارة الى ملاحظة مهمة وهي انني عندما انتقد هذه الشخصية او تلك ؛ هذا لا يعني انني اشمل اسرته او عشيرته او طائفته بالنقد او التجريم ايضا , فلا تزر وازرة وزر اخرى , ولغة التعميم مرفوضة مطلقا , و عندما اذكر هذه العائلة او تلك العشيرة ؛ انما ذلك لأجل الاطلاع على بعض الآراء في التاريخ والانساب والأنثروبولوجيا والسياسة التي تخصها وتدور حولها , وليس القصد من الذكر والاستطراد شمولهم كلهم بالطعن او الانتقاص او النقد , فما يرد على هذه العائلة قد يرد على باقي العوائل وما يشكل به على نسب تلك العشيرة قد ينطبق على سائر العشائر والقبائل الاخرى , ولسان حالي في هذه المقالات ؛ يعتمد على ما يدور بين العراقيين من مهاترات وسجالات ونقاشات واتهامات في المجالس الخاصة والعامة ومواقع التواصل الاجتماعي ؛ وتسليط الاضواء على المستور وما يحكى خلف الستائر وفي الظلام من أكاذيب وطعون وافتراءات فيما بينهم ... الخ ؛ كي يعرف الطرف الاخر ان ما يتهم به غيره قد ينطبق عليه بل لعله أولى به من غيره ؛ من باب الزموهم بما الزموا به انفسهم فنحن عندما نتماهى مع هذا المنطق المنكوس لا يعني اننا نؤمن به بقدر ما نحاول بيان عيوبه واخطائه واقامة الحجة على الطرف الاخر المدعي بما يؤمن به من خرافات وخزعبلات وترهات واساطير ومعتقدات رجعية وافكار بالية وادعاءات كاذبة ؛ ولست مسؤولا عن كل ما جاء في هذه المقالات لأنني انقل ما يدور بين ابناء الشعب العراقي , وناقل الكفر ليس بكافر كما يقولون ؛ واليت على نفسي المضي قدما في طريق المكاشفة والصراحة وان كنت اعلم ان الصراحة - في وقتنا هذا - طريق مهجور لا يمر به الا القليل من الذين نذروا حياتهم من اجل انقاذ العراق والعراقيين من براثن الاستعمار والاحتلال والتبعية والطائفية والعنصرية والمناطقية والفئوية والحزبية والتخلف والانحطاط ؛ ولان المصالحة الوطنية تأتي كنتيجة منطقية بعد اكمال خطوتين سابقتين عليها الا وهما خطوة المصارحة والمكاشفة ثم خطوة الاقرار بالجرم والخطأ والاعتراف بهما والاعتذار والتكفير عنهما ؛ بالإضافة الى الاستناد الى ما كتب في هذه المجالات من دراسات وبحوث ومقالات وما ألف فيها من كتب وموسوعات , مع الاخذ بعين الاعتبار آراء الشخصيات المعاصرة للأحداث واثبات شهاداتها التاريخية .
(2)
تعد عائلة السويدي من العوائل العثمانية التي خدمت الاحتلال التركي البغيض وشاركت في المظالم الاجتماعية والسياسية والتشويه الثقافي والطائفية في العراق فقد تسنموا مناصب رفيعة في العراق ابان العهد العثماني كالقضاء والافتاء والتدريس وتمثيل الحكومة العثمانية ؛ كما انهم تواطئوا مع الاحتلال البريطاني الخبيث بمعية العوائل والشخصيات الاجنبية والغريبة والطائفية والعنصرية الاخرى في تأسيس نظام سياسي منكوس لا يستند على اي اسس شرعية او وطنية عادلة .
مسقط رأس السويديين
انحدرت هذه العائلة من منطقة الدور والتي تقع قريبا من تكريت , وهي من المناطق العراقية التاريخية العريقة - قد انجبت لاحقا شرذمة من أسوء المجرمين والطائفيين والعنصريين في القرن العشرين - وهاجرت فيما بعد الى بغداد بسبب تفشي البطالة فيها ؛ فقد ذهب بعض المؤرخين الى ان ظروفا متنوعة قاسية طرأت على بلدة الدور التي كان يعتاش اهلها على زراعة البطيخ والرقي - علما ان اهل الجنوب كانوا يحتقرون من يمارس زراعة هذه المحاصيل في عرفهم الاجتماعي المرتبط بالعرف العربي القديم - أدّت إلى أن تفقد البلدة رونقها وعزّها ، فأخذ بعض أسرها بالنزوح عنها إلى بغداد .
ويذكر عبد الرحمن حلمي - وهو مؤرخ بغدادي دوري الأصل - إن من تلك الظروف : (( تحول النهر عنها ، وبقاء أراضيهم لا يصعدها الماء غير صالحة للزرع والحراثة )) , كما يذكر أنّ ما دعا أهلها إلى هجرها : (( ما لحقها أيضا من مظالم الحكام )) فضلا عن غارات العشائر عليها وعلى ما يليها ، إلى حد أنه : (( لم تبق حرفة لمحترف )) ؛ ولم يحدد هذا المؤرخ الدوري زمن حدوث هذه الهجرات الا ان الامر المتفق عليه استمرار هذه الهجرات حتى القرن العشرين ؛ وفي بغداد اختار الدوريون النازحون إليها الإقامة أقصى جانبها الغربي ، بين علاوي الحلة وسوق العجمي مؤلفين هناك محلة صغيرة نسبت إليهم – محلة الدوريين - وتدريجيا ، أمست هذه المحلة موئلا لكلّ أسرة دورية آثرت أن تقيم في بغداد ؛ لذلك عدت هذه العائلة من العوائل البغدادية تارة والدورية تارة اخرى.
وقيل : ان اول من هاجر الى بغداد من اجداد السويديين ناصر الدين ؛ ومما لا ريب فيه ان الاسباب التي دعته للهجرة هي نفسها التي ذكرناها انفا , او لأمر خفي لا يعلمه الا الله ؛ او لعله يدعي ذلك وهو في حقيقة الامر ليس دوريا بل يحتمل انه ليس عربيا بل ولا عراقيا , فتبقى اقوال القوم مجرد ادعاءات قد تخفي وراءها غايات سياسية مبطنة , لان القرائن تشير الى خلاف ما يدعون والوقائع تكذب ما يقولون .
ومن المعلوم ان هذه المناطق - بما فيها الدور- قد قطنها النصارى سابقا ؛ واستقر بها بعض فلول المغول لاحقا , بالإضافة الى قيام الاتراك العثمانيين بتوطين العديد من الشخصيات والعوائل والمجاميع البشرية الوافدة من اسيا الوسطى والقوقاز من بقايا الانكشارية المأبونين ورعايا وسبايا العثمانيين في هذه المناطق ؛ وذلك لحماية الطرق التجارية وطرق الامدادات العسكرية التي تربط بغداد بالموصل وتركيا بالإضافة الى حلب والشام ؛ اذ تواجدت تلك القبائل بصورة عامة على خط يحاذي مرتفعات حمرين وهو الخط الذي اتخذته الدولة العثمانية حدوداً لها في زمن السلطان مراد عندما فشلت في احتلال بغداد وقتذاك ؛ مما جعلها تجمع وتوطن القبائل التركمانية – بمختلف اصولها واعراقها وبلدانها - والكردية الوافدة والاجنبية الاخرى المحاربة مع الجيش التركي على طول هذا الخط – شمال بغداد وصعودا الى شمال العراق الذي كان يضم الموصل وتوابعها والجزيرة وديار بكر - الا ان المؤرخين القدامى عندما يطلقون مصطلح ( العراقين ) فأنهم كانوا لا يقصدون هذه المناطق مطلقا ؛ بل كانوا يريدون به الكوفة والبصرة اي الوسط والجنوب العراقي وهذا يعني ان العراق التاريخي المعروف للعرب آنذاك كان محصورا بين هاتين المنطقتين الا ان التاريخ القديم والدراسات الاركولوجية تشير الى ان امبراطوريات بلاد النهرين تشمل اراضي كبيرة وممتدة ؛ تبدأ من داخل الحدود التركية الحالية – ديار بكر – والسورية وصولا الى البحرين .
و عندما اراد الاتراك اضفاء الشرعية على حكوماتهم وغزواتهم و احتلالهم للبلدان الاسلامية و غيرها ؛ قاموا بعدة اجراءات سياسية لتثبيت حكمهم الغاشم في هذه البلاد وغيرها , ومنها تبني المذهب الحنفي , وادعاء الخلافة الاسلامية , و توزيع الالقاب الدينية والتجارية والاجتماعية والسياسية على العوائل والشخصيات الموالية لهم , و تم تزوير انساب هؤلاء الغرباء الذين جاءوا مع الاتراك الى العراق من خلال اخفاء اصولهم الحقيقية والادعاء بكونهم من العرب الاقحاح او من بني هاشم الاشراف والذين لم يحالفهم الحظ او تباطؤوا في عملية تعريب انسابهم في العراق ؛ ادعوا فيما بعد انتمائهم للعرق التركي او القبائل التركمانية بينما اصر البعض الاخر على التفاخر بهويتهم الحقيقية ولم يرغبوا بالهوية العربية او العراقية ؛ فكل دعاوى هؤلاء الاجانب فارغة وكاذبة وبعيدة كل البعد عن الحقيقة والواقع ؛ فما هؤلاء الا من شذاذ الافاق الغرباء من بقايا الانكشارية الذين سباهم الاتراك من بلدانهم وعوائلهم المسيحية وهم غلمان صغار وتم تجنيدهم فيما بعد للقتال والنكاح – حتى انطبق القول المشهور في اسلافهم عليهم ايضا (( انهم في الليل عرائس وفي النهار فوارس )) - وقد صاروا من صدور بغداد بل حكامها وكما قال الشاعر : (( قدّمتهم أعجازهم للصدور )) و وزعوهم في البلدان المحتلة من قبل الاتراك ؛ او انهم من القبائل او العوائل او الشخصيات متعددة الاعراق الغريبة والقاطنة في دول اسيا الوسطى وغيرها من الدول التي كانت تحت سيطرة الاتراك كألبانيا واليونان وغيرهما والذين جاءوا الى العراق كمجندين في الجيش التركي او موظفين في الدولة العثمانية او مهاجرين للارتزاق , وقد طاب لهم المقام في ارض الخيرات والثروات بعد رحلة السبي والشتات المضنية ؛ وتصاهروا مع العراقيين الذين ينتمون الى نفس مذهب الدولة العثمانية وسكنوا ديارهم , نعم البعض منهم ارتمى في احضان ابناء ديانته فالأرمني مثلا يعيش مع مسيح العراق واليهودي كذلك ؛ وادعوا فيما بعد انهم من احفاد عدنان وقحطان بل ذهب بعضهم بعيدا بادعائهم انهم من بقايا السومريين والكلدانيين البابليين والاشوريين , بينما لاذ البعض الاخر منهم تحت مظلة العشائر العربية والعراقية بحجة الولاء والجرش , واخرون تلقبوا بـ القاب تشبه القاب اهل المدن العراقية القديمة لإيهام الناس والعراقيين بانهم من اهل البلد .
ومن الطريف ان مجلة العربي الكويتية بعددها (332) نشرت بحثاً مصورا يقع في 23 صفحة بقلم الأستاذ سليمان الشيخ بعنوان : ( عباسيون ) : (( يتحدث فيه كاتبه عن مشاهداته من خلال زيارته لمدينة تيلو بتركيا والتي يكون العباسيون جميع سكانها الذين يقدر عددهم بخمسين ألف نسمة، وقد ذكر الباحث في مقالته مدى تمسك العباسيين في هذه المدينة بعاداتهم وتقاليدهم العربية الأصيلة ... )) وقصد بهم قبيلة بنو المسترشد و التي من افخاذها عشيرة البو مدلل وغيرها و الذين يقطنون الدور وسامراء وتكريت و بيجي والحويجة الان .. ؛ وان دل هذا على شيء فإنما يدل على الاختلاط والامتزاج فيما بينهم وبين الاقوام التي تقطن مناطق الدولة العثمانية ولاسيما تركيا , وان هذه الاقوام تمسكت بهذه الالقاب الجديدة للتعايش مع قبائل وعشائر بلاد النهرين المعروفة بأسمائها والقابها وافخاذها واصولها ومناطق سكناها ؛ حتى انهم عدوا آل السهروردي من ضمن عشائر بنو المسترشد العباسية ؛ ولعل الامر المؤكد انهم من رعايا الاتراك وقد انتسبوا لبني العباس للأسباب التي ذكرناها في هذه السلسلة من المقالات ؛ واخوانهم من رعايا الدولة العثمانية الذين رجعوا الى الديار التركية بقوا متمسكين بنفس الالقاب العربية التي تلقبوا بها في العراق وغيره زورا وتدليسا وبهتانا .
(3)
هجرة ال السويدي الى بغداد
غادر ناصر الدين هذا بلدة الدور - كما ادعوا - ، ميمما شطر مدينة السلام بغداد ؛ وكان أول ما فعله فيها أن وثّق لدى نقيب أشرافها نسب أسرته ، فكان على النحو الآتي :
ناصر الدين بن الحسين بن علي بن حمد بن محمد المدلل بن الحسين بن علي بن عبد الله ابن الحسين بن علي أبي بكر بن الفضل بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن أحمد بن اسحاق ابن جعفر بن أحمد بن الموفق طلحة بن جعفر بن محمد بن الرشيد بن محمد بن عبد الله المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب الهاشمي القرشي .
وقد صادق النقيب والقاضي والمفتي وسائر العلماء على صحة هذا النسب ووضعوا تواقيعهم عليه ، وبذلك أيضا وضعوا بداية مرحلة جديدة لتاريخ هذه الأسرة .
وقد مر عليكم في الحلقة الثالثة كيف تم توثيق المهاجر الغريب طالب النقيب من قبل نقيب اشراف البصرة السيد درويش الرفاعي – المختلف في نسبه اصلا - وهذه الحالة شبه متكررة وروتينية في العهد العثماني وما بعده , وقد مر عليكم في الحلقات السابقة اهمية النسب الهاشمي والتصوف في البنية الدينية للدولة العثمانية ؛ ولعل المثل الشعبي : ((عصفور كفل زرزور واثنينهم طياره )) ينطبق على هذه التوثيقات المشبوهة ؛ ولا بأس بذكر قصة المثل التي شاهدنا مثلها عشرات القصص في عراق الغرباء والدخلاء ؛ اذ يروى : (( انه نزل بدوي خان ببغداد ولم يدفع اجرة المبيت مدعي ان نقوده سرقت وانه سيدفع بعد رجوعه مرة ثانية ؛ فرفع صاحب الخان امره للقاضي فطلب القاضي منه كفيل .. وكان هناك بدوي اخر من نفس ديار الاول معه بالخان اسمه (عصفور) ولكن القاضي رفض الكفالة لعدم وجود مكان ثابت له وقال ... : وي وي اشلون اثنين ( عصفور كفل زرزور واثنينهم طياره) ... )) .
فهذه الحالات اشبه بالسيناريوهات المعدة سلفا والمتفق عليها بين القوم ؛ غريب مجهول الحال يأتي من خارج بغداد ويدعى انه من بلدة الدور ومن ذرية بني العباس – كما يروق له – كي يتهافت السادة موظفو الدولة العثمانية بعدها , على توثيق نسبه وتحويله بقدرة قادر الى ( ماركة ) عثمانية وعائلة بغدادية هاشمية بجرة قلم ... وادعوا فيما بعد انهم اصلا من بغداد ؛ بما انهم عباسيون وهاجروا منها بعد دخول المغول اليها الى بلدة الدور ؛ وقد اعتاد هؤلاء المهاجرون الغرباء والاجانب الدخلاء على تأسيس عوائل وادعاء القاب واسماء ومن ثم توثيق وتمجيد بعضهم لبعض , وسارت الامور على طريقة : (( البغل گلوله منو ابوك گال الحصان خالي )) ؛ و تطورت هذه الحالة واضحت ظاهرة معروفة لدى العراقيين ؛ عرفت ب بظاهرة ( ابن عمي ) التي انتشرت ابان الحكم العارفي والتكريتي بين ابناء الطائفة السنية الكريمة ؛ فما ان يسمع المصلاوي بدخول شخص مجهول الحال من الاعظمية عليه – مثلا – او يلتقي شخص من كبيسة باخر من الزبير – مثلا - حتى يناديه ب : ( ابن عمي ) وهكذا امسى الشيشاني ابن عم الدليمي والداغستاني ابن عم الهندي والتركي ابن عم الكردي ... !!
بينما اضحى الشمري الشيعي عدوا لدودا للشمري السني , والدراجي الجنوبي خصما مبينا للدراجي السامرائي ... قاتل الله هذه الطغمة الغريبة التي مزقت المجتمع العراقي مذ وطئت اقدامها الهمجية ارض الرافدين .
واما ظاهرة صناعة المشجرات النسبية والتدليس في الانساب وكثرة الادعاءات في هذا المجال فهي اشهر من نار على علم وكتب التاريخ والانساب مليئة بمئات القصص التي تؤكد ما ذهبنا اليه ؛ وخير شاهد على ذلك مهزلة ادعاء صدام للنسب العلوي في عقد التسعينات من القرن المنصرم ؛ ومن المضحكات انه قد شطب اسمه من ذرية السادة الاشراف بعد ثلاثة ايام على اعتقاله من قبل قوات الاحتلال الامريكي الغاشم , فقد اكدت نقابة الاشراف في العراق بطلان نسب الرئيس العراقي المخلوع صدام الى هذه السلالة كما اوضح نقيبهم الشريف ناجح محمد حسن الفحام الاعرجي لوكالة فرانس برس ؛ وقال الاعرجي : (( بعد تحقيق وتدقيق لجنة الانساب في النقابة اعلنا امس الثلاثاء في مؤتمرنا الاول بطلان نسب صدام الى سلالة النبي ؛ واضاف : اجبر صدام بعض العلماء في علم الانساب على تزوير شجرة لسلالته تعود الى النبي )) .
بينما ادعى البعض ان اول من هاجر هو مرعي ؛ اذ قال : (( ... وآل السويدي من أكبر البيوتات العباسية في بغداد وأشهرها على الإطلاق، وقد كان أجداد هذه الأسرة النجيبة قد ارتحلوا من بغداد إلى (دور تكريت) بالقرب من سامراء وذلك أثناء الاجتياح المغولي لبغداد سنة: (656هـ) واستوطنوها زمناً طويلاً وما زالوا بها منذ ذلك العهد وحتى اليوم، وقـد شكلوا هناك قبيلة كبيرة تعرف باسم (البو مدلل)، كما أشرنا قبلُ ومـن ثم عاد أحد أجدادهم إلى بغداد وهو الإمام العلامة الشريف مرعي ابن الإمـام ناصر الدين بن الحسين بن علي ابن الأمير محمد لمدلل ..)) .
(4)
استطراد تاريخي لابد منه
عندما هجم المغول على بغداد وباقي المناطق العراقية لاسيما القريبة من بغداد - ك تكريت - قتلوا كل بني العباس ومن سلم منهم من القتل , فتك به المرض والوباء الذي انتشر في اجواء بغداد كانتشار النار في الهشيم , وقد ذكرت بعض المصادر التاريخية ان اثنين منهم هربا الى البادية ومنها الى بلاد الشام ومصر الا انهما ايضا قتلوا فيما بعد ؛ وعليه فأن رواية هروبهم من بغداد الى منطقة الدور القريبة من بغداد مستبعدة ولا تؤيدها القرائن التاريخية ولم تذكرها المصادر الموثوقة ؛ فهذه مجرد دعوى كاذبة لا دليل عليها .
يقول المُؤرِّخ بدرُ الدين العيني أنَّ المغول كانوا يستدعون الأكابر من دار الخِلافة ، فيخرُج الواحد منهم بِعياله ونسائه فيأخُذوهم إلى مقبرة الخلال ويذبحونهم كما تُذبح الخرفان ويأخذون بناتهم وجواريهم ؛ وخرجت جماعةٌ أُخرى من الأعيان تطلب الأمان والاستسلام ، وأعلنوا لِهولاكو أنَّ الخليفة خارجٌ أيضًا مع ابناءه ، وأنَّ هُناك فئةٌ أكبر من الناس ستخرج طائعةً لِلإلخان ، وطلبوا منه الصبر عليهم قليلًا ؛ وكاد هولاكو أن يستجيب لِطلب البغداديين لولا أن أُصيب أحد كِبار أُمراء المغول واسمه (( هندو البيتكجي)) بِسهمٍ في عينه ، مما أثار غضب الإلخان وقرر ألَّا يُعتق بغداد ، ولم يُعطِ أهلها الأمان .
وفي يوم الأحد 5 صفر 656 هـ المُوافق فيه 10 شُباط 1258م، خرج المُستعصم وأولاده أبو الفضل عبدُ الرحمٰن وأبو العبَّاس أحمد وأبو المناقب مُبارك ، ومعهم 700 من القضاة والفقهاء والأُمراء ورجال الدولة والأعيان لِلقاء هولاكو، فأُوقفوا وسُمح لِسبعة عشر رجلٍ فقط بمُصاحبة الخليفة إلى هولاكو، وأُمر بالباقين فقُتلوا، وأمر هولاكو الخليفة بأن يأمر سُكَّان بغداد بالخُروج دون أسلحة ليتم إحصائهم، ففعلوا، فغدر بهم المغول وقتلوهم ؛ ثم وُضع الخليفة وأولاده وأتباعه تحت الحراسة بالقُرب من باب كلواذي في معسكر كتبغا نويان .
في يوم الأربعاء 9 صفر 656 هـ المُوافق فيه 14 شُباط 1258م، اجتاح المغول طُرقات بغداد ، واستباحوها وقتلوا كُلَّ نفسٍ صادفتهم ونهبوا وحرقوا كُل ما صادفوه عدا بعض بُيُوتٍ للرُعاة والغُرباء ، كما أمَّن المغول سُكَّان بغداد المسيحيين على حياتهم بِتوصية من زوجة هولاكو النسطوريَّة دوقوز خاتون وكذلك اليهود ... ؛ استباح المغول بغداد أربعين يومًا ، فمالوا على البلد وقتلوا جميع من قدرُوا عليه من الرِّجال وَالنِّساء والولدان والمشايخِ والكُهُول والشُّبَّان، فكانوا يذبحون الرجل ، ويسبون من يختارونه من بناته وجواريه ، ولم ينجُ من هذه المذبحة سوى القليل ، وأغلبهم كان ممن اختبأ في الآبار وأقنية المجارير والأوساخ ، وأقدم بعض الناس على الاختباء في الحانات والدكاكين وأقفلوا الأبواب على أنفُسهم، فكان المغول يكسرون الأبواب أو يحرقوها ، ويقتحمون تلك الأماكن ويقتلون من فيها، وقام بعض هؤلاء بِمُحاولة الاحتماء على السُطوح ، فكان المغول يصعدون ورائهم ويذبحونهم، فتسيلُ دمائهم في المزاريب إلى الأزقَّة ؛ يقولُ ابن كثير : (( ... وَدَخَلَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ فِي الْآبَارِ وَأَمَاكِنِ الْحُشُوشِ، وَقُنِيِّ الْوَسَخِ، وَكَمَنُوا كَذَلِكَ أَيَّامًا لَا يَظْهَرُونَ، وَكَانَ الْفِئَامُ مِنَ النَّاسِ يَجْتَمِعُونَ فِي الْخَانَاتِ ، وَيُغْلِقُونَ عَلَيْهِمُ الْأَبْوَابَ ، فَتَفْتَحُهَا التَّتَارُ إِمَّا بِالْكَسْرِ أَوْ بِالنَّارِ ، ثُمَّ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ فَيَهْرُبُونَ مِنْهُمْ إِلَى أَعَالِي الْمَكَانِ، فَيَقْتُلُونَهُمْ فِي الْأَسْطِحَةِ ، حَتَّى تَجْرِيَ الْمَيَازِيبُ مِنَ الدِّمَاءِ فِي الْأَزِقَّةِ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ...))
ثم أمر هولاكو بِإعدام الخليفة، فقتلهُ المغول بعد أن جُمع في سجَّاد، وركلوه ركلاً بالأرجل حتَّى مات، وقيل خنقوه أو أغرقوه ؛ وقيل أنَّهم قتلوه بهذه الطريقة كي لا تسيل دماءه على الأرض فيُصبح له ثأر بين المُسلمين , وكان عُمرُهُ يومئذٍ ستًّا وأربعين سنةً وأربعة أشهُرٍ ، وبلغت مُدَّةُ خِلافَتهِ خمس عشرة سنةً وثمانيةُ أشهُرٍ وأيَّام ؛ كما قتل المغول الابن الأكبر لِلخليفة أبو العبَّاس أحمد ولهُ خمسٌ وعُشرون سنة ، ثُمَّ قُتل ولدهُ الأوسط أبو الفضل عبدُ الرحمٰن ولهُ ثلاثٌ وعُشرون سنة ، وأُسر ولده الأصغر مُبارك وسُبيت بناته فاطمة وخديجة ومريم ؛ كما قُتل خمسةٌ من الخدم الذين كانوا يتبعون الخليفة وأولاده في قرية «وقف»، وبعد بضعة أيَّام أُرسل مُبارك الابن الأصغر إلى منغوليا ومات هناك ... ؛ وفي اليوم التالي لِإعدام الخليفة، تتبع المغول العباسيين قتلًا، فقضوا على كُلِّ شخصٍ وجدوه حيًّا من العبَّاسيين ... .
والفرضية الاقرب للواقع أن بني العباس انقرض أمرهم واندثروا وتلاشوا، ولو سلمنا جدلا ببقاء بعض ذراريهم فانهم لا محالة قد ذابوا بين الناس واختلطوا بغيرهم ؛ وخبا ذكرهم , واطبقت عليهم العصور المظلمة فيما بعد , وما هذه العشائر العباسية والانساب الهاشمية المنتشرة في اصقاع المعمورة الا مجرد ادعاءات جوفاء يكذبها تحليل الحمض النووي بأدنى فحص واختبار ؛ والغريب ان اغلب المدعين لتلك الانساب يهربون من تحليل الحمض النووي هروبهم من الاسد ..!!
وان ثبت بقاء بعضهم فلا اظن الامر بهذه الكثرة الكاثرة او انه ينطبق على الادعياء الذين ظهروا اثناء حكم الاتراك العثمانيين للدول العربية ؛ وما اكثر الهاشميين الذين امتزجوا بسائر الناس واختفت انسابهم لأسباب شتى ؛ كما يذكر لنا التاريخ ذلك بصفحاته العديدة وشواهده الكثيرة .
مع العلم ان الشائع في هذه المناطق الانتساب للمدن والمناطق ؛ فالدوري نسبة للدور ؛ والتكريتي نسبة الى تكريت ؛ والبياتي نسبة الى منطقة البيات – ( ومذكور ايضاً انه في اواخر الدولة العثمانية كانت كلمة بيات تطلق على (142) منطقة ولكن في الوقت الحاضر هناك قضاء بيات تابع لولاية ﭽوروم وناحية بيات لولاية افيون في تركيا وهاتين المنطقتين مثبتتين على الخريطة ) - وهكذا جريا على طريقة العجم والروم كما يقولون هم انفسهم ؛ اذ ان المائز الجوهري الذي يميز العرب و اغلبية سكان العراق عن غيرهم من باقي الامم انهم ينتسبون للقبائل والعشائر والاحلاف بخلاف العجم والروم الذين يلقبون بالقاب المدن والمهن والقوميات كالبخاري والطهراني والرومي والداغستاني والقندرجي والقبنجي واللمبجي والباجه جي والجادرجي ... ؛ وهذا يؤكد ما ذهب اليه بعض الباحثين من ان هذه المناطق قد سكنت من قبل الاقوام المهاجرة التي جاءت مع الاتراك من اسيا الوسطى والقوقاز وغيرهما من اصقاع البلاد المحتلة من قبل العثمانيين .
صحيح ان الاتراك هم اول من اسس لهذا الامر الباطل لدوافع قد تكون دينية وتوسعية ؛ الا ان الطامة الكبرى حدثت بعد قرار التعريب القسري و تأميم القومية العربية لدوافع طائفية وسياسية خبيثة وشريرة , اذ تم تعريب القبائل والعوائل والشخصيات التركمانية والشيشانية والداغستانية والشركسية والقرجية – الكرجية او الجورجية ما شئت فعبر - والكاولية والهندية والعجمية و النطيحة والمتردية ... ؛ وذلك بعد تأسيس الشرذمة المارقة الهجينة للدولة العراقية الحديثة عام 1920 والتي قامت على انقاض الطائفية العثمانية المريضة , بل ذهبت بعيدا من خلال تمسكها الذليل بأذيال العروبة ادعاءا وزورا وتملقها لكل من نطق بالضاد حتى وان كان زنجيا صوماليا او عبدا حبشيا ؛ لتثبيت حكومتهم الهجينة والغريبة , فقد قامت هذه العصابة اللقيطة الحاكمة بإجراءات طائفية تعسفية وعنصرية ظالمة لم يقم بها الاتراك انفسهم ..!!
وادت تلك السياسات المنكوسة المتخبطة البعيدة كل البعد عن نهج الوطنية الرافدينية العريقة والمتنكبة عن صراط الهوية العراقية الاصيلة ؛ الى تحويل كافة العوائل و العشائر والقبائل والاقوام الى قيسية وزبيدية ... الخ ؛ بالقوة والادعاء والتزوير والدجل ؛ وتعتبر هذه الخطوة الاولى وحجر الاساس في النظام السياسي الطائفي العنصري الغريب ؛ وقد تلت تلك الخطوة خطوات متسلسلة شيطانية خبيثة غيرت طبيعة الخريطة السكانية العراقية وقلبت الامور رأسا على عقب ؛ اذ تحولت اسماء مدن الى تشكيلات عشائرية جديدة لم تسمع العرب بها من قبل ؛ كالتكارتة والدوريين والعانيين .... , بينما تم نزع القومية العربية والهوية العراقية عن قبائل الوسط والجنوب ... , فهذه الفئة الاجنبية الكاذبة المدلسة تلصق العجمة والغربة ب قبائل بني كعب وبني اسد وربيعة وكنانة وبني تميم ... ؛ في الوسط والجنوب العراقي ؛ بينما تعرب قبائل المغول والتتار والتركمان والاكراد والعوائل والشخصيات الهندية والشيشانية والداغستانية والآذرية والكرجية والارمنية ... الخ !!
ومن نافلة القول : كان لي جار اسمه ابو علي الروسي كان طويلا ضخما ابيضا اشقر الشعر و وجهه ابيض مشرب بحمرة شديدة وعيناه لونها أخضر داكن ؛ سألته في احدى الايام عن سبب لقبه ( الروسي ) فقال لي : ان جده فر من ظلم الشيوعيين الروس وهاجر الى بغداد في عقد العشرينات من القرن العشرين – من احدى دول الاتحاد السوفياتي السابق – وقد عمل في خدمة مرقد الامام ابي حنيفة ومن ثم سكن الاعظمية وحصل على الجنسية العراقية وعاشوا عيشة سعيدة .
وبما انه لا تعرف الامور الا بأضدادها ؛ سأسرد لكم قصة قصيرة تسلط الضوء على جزء بسيط من المعاناة والالام التي تعرض لها الفيلية على يد النظام السابق بحجة التبعية الايرانية بينما يجنس الشيشاني والفلسطيني والسوداني ... في العراق ؛ اذ تحدثت المواطنة سامية خسرو (72 عاما) وهي تجلس أمام منضدة خشبية نشرت عليها 26 صورة لأقربائها الذين خرجوا ولم يعودوا قبل أكثر من 35 عاماً ؛ قائلة : (( هل أنا قلت لرب العالمين أن يخلقني كردية ؟ أو أن يكون مسقط رأسي العراق ؟ أو شيعية ؟ هذا ليس ذنبي، هذا إرث، فهل أعاقب عليه ؟! ))
فقدت سامية خسرو، التي كانت نائبة في البرلمان العراقي في العام 2005، أكثر من 100 مفقود من عائلتها ؛ تنتظر لغاية اليوم تسلم عظامهم، حتى تستطيع أن تقول : ( إنهم ماتوا ) .
وتعتبر أن الذنب الوحيد لهؤلاء أنهم كانوا ينتمون إلى طائفة وقومية معينة خلال تلك الحقبة ؛ وتقصد بذلك الحقبة الطائفية البعثية التكريتية الصدامية اللعينة وانهم محسوبون على الاغلبية العراقية الاصيلة لانهم من نفس المذهب .
(5)
لقب السويدي
ان هذا اللقب جاءهم من جهة الام كما هو الحال في نسب عائلة المجرم السفاح عزت الدوري وعائلة الباجه جي وغيرهم ؛ وسأبين ذلك في الحلقات القادمة ؛ اذ انهم ادعو انهم كانوا يلقبون قبل هذا اللقب بالقاب كثيرة منها : بنو المسترشد – ال الخليفة – البو المدلل – البو مرعي –العباسيين – الدوريين - والنسب واللقب الذي عرفوا به فيما بعد لم يثبت الا عن طريقهم فقط ؛ وكما هو معروف ان مدح الانسان لنفسه او توثيقه لها يستلزم الدور والبطلان كما يقول المناطقة الا ان انهم استندوا على القول المأثور : (( الناس مؤتمنون على أنسابهم )) ؛ واستنادا على هذه القاعدة حاول البعض اثبات صحة نسبهم لهذه القبيلة او تلك العائلة ؛ و كثير ممن يدعون النسب الهاشمي يدندنون بهذه المقولة ويتشدقون بها ؛ ليثبتوا انتسابهم إلى النبي محمد او بني هاشم , و كثير من الكتاب والناس يروون المقولة مكتفين بجزئها الأشهر متناسين أو جاهلين بتتمة العبارة و هي ( ما لم يدعوا شرفا ) ؛ إذا فالمقولة الصحيحة كاملة هي : ( الناس مؤتمنون على أنسابهم ما لم يدعوا شرفا ) .
فأصل المقولة و مصدرها عبارة : ( الناس مؤتمنون على أنسابهم ما لم يدعوا شرفا ) ، تنسب إلى الإمام مالك و هي قاعدة فقهية وليست قاعدة أنساب بل إنها لم ترد ابتداء في كتب الأنساب المعتبرة بل نقلها كتاب متأخرون كتبوا في علم الأنساب دون دراية مما ساعد في انتشار المقولة واعتبارها قاعدة في الأنساب لا تقبل الجدال .
و يذكر الشيخ بكر بن عبدالله أبو زيد في كتابه الموسوم : ( معجم المناهي اللفظية ) حول أصل هذه المقولة ما نصه : (( هذا لا أصل له مرفوعا ؛ ويذكر علماء التخريج أنه من قول مالك وغيره من العلماء ؛ وإلى هذه الساعة لم أقف عليه مسندا إلى الإمام مالك أو غيره من العلماء ، فالله أعلم )) ؛ و يذكر ايضا في كتابه الموسوم ( فقه النوازل : قضايا فقهية معاصرة ) : (( أن هذه العبارة لا أصل لها مرفوعاً ، ويؤثر عن الإمام مالك رحمه الله تعالى )) , و مما تقدم نخلص إلى أن هذه المقولة ما هي إلا قاعدة فقهية تستخدم في مسائل اللقطاء و إلحاق ولد الفراش، والمواريث ، و ما شابهها من مسائل فقهية ؛ كما ذهب الى ذلك الكثير من طلبة المعارف الدينية وانها تنسب الى الامام مالك .
معنى المقولة و مدلولاتها :
(( الناس مؤتمنون على أنسابهم ما لم يدعوا شرفا )) : تعني أن الناس مؤتمنون على أنسابهم مالم يدعوا الشرف ويثبت خلاف ما يدعون ، فإذا ادعوا انهم من الاشراف او ثبت خلاف ما يدعون سقطت القاعدة و لم يعتد بها .
و قد أورد الشيخ بكر بن عبدالله أبو زيد فائدة حول هذه المقولة في كتابه ( فقه النوازل ) حيث قال : (( وهاهنا فائدة يحسن تقييدها والوقوف عليها وهو أن هذا - (أي مقولة الناس مؤتمنون على أنسابهم) - ليس معناه تصديق من يدعي نسباً قبلياً بلا برهان ، ولو كان كذلك لاختلطت الأنساب ، واتسعت الدعوى ، وعاش الناس في أمر مريج ، ولا يكون بين الوضيع والنسب الشريف إلا أن ينسب نفسه إليه ؛ وهذا معنى لا يمكن أن يقبله العقلاء فضلاً عن تقريره ؛ إذا تقرر هذا فمعنى قولهم ( الناس مؤتمنون على أنسابهم ) هو قبول ما ليس فيه جر مغنم أو دفع مذمةٍ ومنقصة في النسب كدعوى الاستلحاق لولد مجهول النسب )) .
ضعف الاستدلال بها :
هذه القاعدة تعتبر قاعة هشة لا يعتد بها دائما و مما يدل على ذلك أنك تجد أفرادا يتنسبون إلى قبيلة واحدة أو أسرة واحدة يختلفون حول انتسابهم إلى جد معين و تجد اختلافهم كبيرا وهذا أمر ملاحظ و معروف ؛ و كثير ممن اشتغلوا بعلم الأنساب و ألفوا فيه وتعمقوا لا يثقون بهذه القاعدة و لا يعتدون بها لأنه ثبت لهم أن الناس قد يجهلون أنسابهم ؛ فما هذه الا دعوى ؛ وأكثر من ادعاها المتصوفة في العهد العثماني ورجال الدين من كلتا الطائفتين لأثبات انتسابهم لبني هاشم .
قيل : ان هو أول من عرف بهذا اللقب من عائلة السويدي ؛ هو عبد الله بن حسين بن مرعي بن ناصر الدين ؛ ولو صدق القول الذي ذهب الى ان اول المهاجرين منهم كان مرعي ؛ فكيف يصح ان يطلق عليهم لقب ( ال مرعي ) ؛ فهل اطلقه مرعي على نفسه ام اطلقه ابنه حسين على نفسه وابيه ؟! لو صحت هذه المهازل النسبية والادعاءات العشائرية لأصبح كل بيت في العراق فيه ثلاثة عوائل ؛ وأضحت كل محلة فيها مئات العشائر وعشرات القبائل ؛ ولم يكتف بذلك الشيخ عبدالله ؛ حتى انشأ لقبا – السويدي - جديدا خاصا به .
ولم يعرف عن حسين - ابو عبد الله - هذا اي شيء سوى ما ذكره ابنه الشيخ عبد الله عنه ؛ ومع ذلك لا يخجل البعض – كما مر انفا - من وصف جده مرعي بالإمام العلامة الشريف بالرغم من غموضه وجهالة حاله ...!! ؛ فعندما أقام ناصر الدين هذا في الكرخ ببغداد ، وولد له فيها ولد ذكر سماه مرعي ، فولد لهذا بدوره حسين ، وقد عرف الأخير ب (الملا) مما دل على أنه كان يعمل بمهنة تعليمية دينية ، ويظهر أنه حاز ، وراثة أو اكتسابا ، ثروة لا بأس بها ، لكنه أنفقها كلها على مستلزمات مركزه الاجتماعي كما يدعون و قد جاءت المعلومات التي ذكرها الشيخ عبد الله عن ابيه حسين في كتابه : ( النفحة المسكية في الرحلة المكية ) حيث قال : (( أما أبي حسين فكان من الأخيار الأجواد ، ذا عقل رصين وشجاعة وبراعة ، كبير قومه وعشيرته ، يرجع أمرهم إليه .. وكان ذا مال غزير صرفه كله على الفقراء والضيوف والضعاف حتى افتقر آخر عمره ، فكان يبيع من متاع البيت ويصرفه على الفقراء والضعاف حتى مات مدينا )) .
ومن هذا النص نعرف ان اباه قد انفق الاموال التي حصل عليها في بغداد ولعلها من العثمانيين او من ابيه الذي اخذها منهم ؛ فقد جاء ابوه الى بغداد معدما فقيرا في بداية امره , و قد رجع فقيرا اخر ايام عمره كما يعترف ابنه بذلك ؛ وكل هذه المعلومات مشكوك فيها لأنها من باب مدح الانسان لنفسه , كما انها لم تؤكد من غيره , فهو الشاهد والحكم والراوي والمستفيد في نفس الوقت من هذه المعلومات الملفقة المضطربة !! .
عن اي قبيلة واي عشيرة يتكلم وعن اي زعامة ؟!
فمن خلال ما سبق ومن لسانهم هم عرفنا ان جده دخل بغداد مجهولا لا يعرفه احد , وحيدا فقيرا , ومن ثم تم اثبات نسبه كما يدعي عن طريق رجال الدين والموظفين العثمانيين في بغداد ؛ فمتى اضحت له عشيرة وقبيلة في بغداد وكيف تزعمها ؟!
وتزوج حسين من امرأة من أسرة دينية أيضا ، كانت تتولى المشيخة والخدمة في جامع الشيخ معروف الكرخي ، القريب من محلة الدوريين ، وقد اشتهر منهم الملّا أحمد بن سويد أخو زوجته المذكورة ، الذي كان يتولى أوقاف جامع الشيخ معروف الكرخي .
ولد للملّا حسين طفل ذكر سموه مرتضى ، وكانت تسميته هذه بسبب وفاة وليد سابق عليه ، وما لبث شبح الموت أن داهم مرتضى أيضا ، فمرض وهو ما زال رضيعا بعد ، واشتد مرضه حتى بات (عظاما في جراب ) ، وصادف أن رأته إحدى نساء الجيران وهو على تلك الحال ، فشبهته ببعض من تعرفه من مجاوريهم ، وكان نحيفا في غاية النحافة ، يدعى (عبد الله) فلم يكن إلا أن ذاع هذا التشبيه ، ولأمر اختاره الله ، عرف الطفل بهذا الاسم ، ونسي اسمه السابق مرتضى ، وسرعان ما اقتنعت الأسرة بمزايا الاسم الجديد ... كما ذكروا ؛ وهذه القصة المفتعلة والتي تخفي الحقيقة الطائفية لهؤلاء الغرباء ان دلت على شيء فإنما تدل على طائفية القوم وحقدهم على الاسماء التي تشير ولو بصورة غير مباشرة الى معتقدات وثقافة الاغلبية العراقية واشمئزازهم منها ؛ وتحول هذا الامر فيما بعد الى ظاهرة ( عبد الزهرة وعبد الحسين ... الخ ) التي جرت الويلات على اصحابها ؛ فالاسم بحد ذاته اصبح تهمة فيما بعد ؛ ولاسيما في العهد الصدامي المنكوس ؛ وقد روى لي احد ضباط الاغلبية العراقية انه رشح لمنصب في وزارة الدفاع ؛ وقد رفع كتابه الى عديم الاصل صدام السفاح وتم رفضه بعد اطلاع السفاح عليه و وضع خطا تحت اسم والد الضابط : ( عبد علي ) ؛ وعندما سأل الضابط العراقي زملائه من ضباط الاقلية الهجينة ؛ أجابه بعضهم وهم يضحكون : ان رفضه كان بسبب اسم والده .
كما ويورد الكاتب هاني الفكيكي، وهو أحد قادة انقلاب 8 شباط 1963 العارفي الطائفي الأسود، حادثة تؤكد ما ذهبنا اليه ، حيث يصف فيها هجوم الضباط القومجية العملاء مساء 11/11/1963 على القاعة التي كانت القيادة القطرية لحزب البعث المجرم مجتمعة فيها لمناقشة الأزمة ، فيقول : .. وضجت القاعة بالاحتجاج والصياح والشتائم .. عندما أصر سعدون حمادي على المغادرة وأعلن أن ما يجري مؤامرة لن يشارك فيها ، ولعلنا نجد في جواب المقدم الطائفي علي عريم على إصرار سعدون ؛ بعضاً من أسباب الانقلاب ودوافعه , إذ قال له : اخرس عبد الزهرة !! .. والزهراء هي فاطمة بنت النبي محمد ، بالإضافة الى معرفة سكان العراق القدامى بكوكب الزهرة ؛ علما ان كوكب الزهرة يرمز لعشتار لدى البابليين .., وبعض سكان العراق الاصلاء لا زالوا يعتزون بهذا الارث الحضاري القديم ؛ لذلك درجوا على تسمية أبنائهم : بـ (( عبد الزهرة )) تسمكا منهم بثقافتهم العتيدة او تقرباً من ابيها النبي محمد ومن زوجها الإمام علي بن أبي طالب وحبا بهما ؛ ويقال أن اسم والد سعدون أو جده عبد الزهراء ؛ وكما هو واضح أراد الطائفي الحقير علي عريم أن ينتقص من الدكتور سعدون حمادي لشيعيته وعراقيته ؛ واضحى اصطلاح ( عبد الزهرة وبعض الاسماء المحلية ) يشير الى الاغلبية العراقية في العهود الطائفية البغيضة ؛ علما انها مجرد اسماء متداولة شعبيا و قد لا يفطن اصحابها احيانا الى معانيها اللغوية الدقيقة , ومعروف عن العرب انهم يطلقون التسمية على الشيء لأدنى مناسبة ؛ فقد كان العرب يسمون بالشنيع من الاسماء، كأسماء الجماد والحيوان الأليف وغير الأليف , وقد تكون التسمية تبعاً للعادات والتقاليد كتسمية الولد الأول دائماً باسم الجد والجدة ؛ وهكذا هي سيرة الناس في كل مكان وزمان واهل الجنوب والوسط العراقي ليسوا بدعا عن باقي الناس الا ان هذه الشرذمة من وعاظ السلاطين الطائفيين كعادتهم لا يعترفون بحقوق الناس الثقافية والفكرية ولا يحترمون العادات والتقاليد لهذا الشعب او ذاك ان كانت تتعارض مع عقلياتهم المريضة وجمودهم الفكري , وادخلوا هذه الاسماء ضمن خانة الشركيات والمحرمات و الجنجلوتيات الوهابية – (عبد الزهراء وعبد الحسين وعبد النبي ... ) – وعدوها من الاسماء العجمية والتي جاءتنا من الدولة الصفوية كما يدعون ؛ وليت شعري ايهما لفظ عجمي ( عبد ) ام ( الحسين ) ام ان لغتنا تبدلت ولم نعلم بذلك ؟!
والعجيب في امر هؤلاء المرضى الطائفيين الذين لم يسلم من شرهم وشر فتاواهم الارهابية حتى الاسماء ؛ تغافلهم عن ابناء جلدتهم واليك مثالا بسيطا عن الفنان المطرب الاردني المعاصر عمر عبد اللات , والذي حور فيما بعد وصار : عمر العبد اللات , ففي منطق هؤلاء المرضى ان تكون عبدا للات او هبل او مناة او يزيد او معاوية فهذا مجرد اسم لا يفسد للود قضية ؛ ولكن الويل والثبور وعظائم الامور تحيق بك ان اطلقت اسم عبد النبي على احد اولادك ..!! .
ولم يلبث الطفل – عبد الله ( مرتضى سابقا ) - أن رزيء ـ وهو ما يزال في الخامسة من عمره ـ بوفاة أبيه ، تاركا وراءه أطفاله الصغار ، عبد الله ومرعي وموسى ، وحليمة ، وديونا لم يكن قد وفّاها لأصحابها ، فاضطرت الأم إلى أن تعيل أسرتها وحدها ، متحملة من المشاق أشدها ، وكانت تنفق عليهم من بيع ما تقوم بغزله من قطن ، ولم يكن ما تحصل عليه يكفي لسد حاجات الصغار الذي باتوا ـ على ما يذكر السويدي ـ : (( لحما على وضم ، لا حال ولا مال )) وشاء سوء حظ الأسرة ، أن يكون الخال أحمد بن سويد الصوفي ، غائبا آنذاك في رحلة له إلى القسطنطينية ، فقضت المرأة أياما عصيبة وربما شهورا ؛ حتى عاد الخال من رحلته ، ليجد أولاد أخته وهم على آخر رمق ؛ فكفلهم وربّاهم وتعهدهم برعايته .
والسيرة التي سردها السويدي نفسه تدل على ان هذه العائلة منقطعة الجذور ولا اصل لها , فمن الواضح ان والده كان من رعايا الاتراك المهاجرين الى العراق وعندما بعثه الاتراك في مهمة ما وما اكثر مهماتهم مات هناك وقد ترك زوجته العراقية - وقد تكون اجنبية ايضا - وحيدة كالعادة وسوف تتكرر هذه القصة مع العديد من الشخصيات الغريبة والاجنبية التي ادعت الهوية العراقية والقومية العربية كالرصافي وغيره , فلو كان لهم عشيرة واعمام وابناء عمومة - كما يدعون - لما تركوا الايتام وحدهم ؛ اذ تؤكد تقاليد العشائر العراقية الاصيلة على صون ورعاية المرأة الارملة و ايتامها من قبل الاهل والاقارب والعشيرة لاسيما اذا كانوا من زعماء العشيرة وشيوخها .
وكما يروي لنا السويدي ان امه قد عملت بالحياكة وغزل الصوف وبيعه في الاسواق من اجل اعالتهم ؛ وعمل المرأة من اجل رفع المستوى المعاشي لعائلتها , او الكد مع زوجها من اجل اطعام الاطفال وتربيتهم ؛ يعد شرفا ما بعده شرف , وكل المجتمعات المتحضرة تمارس النساء فيها الاعمال كما الرجال ؛ الا ان الطغمة الطائفية الفاسدة والشرذمة الاجنبية الهجينة والتي سرقت ثروات الجنوبيين ومارست بحقهم كل اساليب الافقار والتهميش ؛ طالما عيرت العراقيين بعمل بعض النسوة القلائل في الاسواق واعتبرت الامر مثلبة يعاب عليها ؛ بالرغم من كبر سنهن وحشمتهن وتبرقعهن بالسواد من الرأس الى اخمص القدم ..!! .
ولكن العجيب في الامر ان اولاد الحائكة الايتام الفقراء المشردين ابناء الموظفين العثمانيين الغرباء سيتحولون بين ليلة وضحاها الى اسرة ارستقراطية عريقة , نرجسية الى حد اللعنة , تعد من العوائل الراقية وفقا لثقافتهم المنكوسة , ومن المعروف عن العرب وسكان الوسط والجنوب العراقي انهم لا يزوجون بناتهم للحائك احتقارا منهم لتلك المهنة ؛ فما بالك ب ابن الحائكة ؟!
ولأن خالهم كان عثمانيا و مثقفا بحسب الثقافة الدينية الطائفية العثمانية لذلك العصر ، ويعمل في إدارة أحد المرافق الدينية المهمة في المدينة ، ويكسب رزقه من أوقافها ، فإنّه أدرك ألا سبيل لأن يفوز من يرعاهم بتقدير المجتمع والحكومة ، وأن يضمنوا ـ بذلك ـ مستقبلهم ، إلا بالاتجاه إلى طلب المعارف الدينية وخدمة الدولة العلية كأسلافهم عبيد الاتراك السابقين ، ومن هنا فقد أرسلهم إلى الكتّاب ، حيث تلقوا ـ وعبد الله بينهم ـ مبادئ العلوم الدينية على يد الشيخ عبد الرحمن بن الشيخ محمود من أهل ما وراء النهر - من اسيا الوسطى - ، فختموا عنده القرآن الكريم ، وتلقوا عليه رسالة في التجويد ، وتعلموا الكتابة .
وهكذا تلقى الغريب المهاجر معارفه الدينية من غريب مهاجر اجنبي مثله في بغداد , وسيتمر الحال على هذا المنوال فيما بعد , وبعد الفراغ من تلقي مبادئ المعرفة ، انتقلوا ـ وعبد الله بينهم ـ إلى المرحلة التالية ، فشرعوا بتعلم الخط ، على قواعده ، وأصوله وفنونه ، وثابر عبد الله على إتقان ضروبه ، والتمهر فيه ، على الرغم من ضيق الحال و تدهور أحوال أسرته المادية آنذاك ، اذ يقول السويدي نفسه : (( إلى أن بقيت أسوّد مشقي على ضوء القمر )) وما ذاك إلا لأنه عدم ضوء المصباح ، ولعدم قدرته على دفع ثمن وقوده ، ويظهر أن الظروف المعيشية للأسرة ، هي التي دفعتها ، في هذه المرحلة ، إلى الاكتفاء بما نهله أبناؤها من أسباب المعرفة ، فاشتغلوا بأعمال تزيد من دخل الأسرة وتخفف عن كاهل الأم وأخيها مؤونة الحياة وأعباءها ؛ الا انه لم يذكر نوعية تلك الاعمال التي مارسوها بسبب الجوع والحرمان .
عاد الشيخ عبد الله من الموصل بعد ان اكمل دراساته وكان يدعى بالبغدادي هناك إلى بغداد وقد حصل من العلم ما لم ينله غيره من معاصريه كما يدعون ، فطار صيته ، واشتهر أمره ، ونال في هذه المرحلة من حياته لقبه الشهير (السويدي) الذي سيعرف به ، وأولاده من بعده ، وسبب تلقبه به ، هو أن زميلا له في الدرس ، يدعى الشيخ حسين بن عمر الراوي سافر ذات مرة إلى راوة بقصد زيارة أهله ، فأخذ يراسل عبد الله من هناك على العنوان الآتي : (( يصل الكتاب إلى الملا عبد الله ابن أخت الملا أحمد بن سويد )) ، ثم اختصر ذلك ، في ما بعد ، إلى (السويدي) فعرف به ؛ وكانت أسرته تعرف قبلها بأولاد مرعي نسبة إلى جده - كما مر عليكم انفا - ، على أن هذه الألقاب لم تشتهر شهرته بالسويدي .
ويبدو أن شيئا من التحسن أصاب أحواله المادية بعد ارتباطه بالحكومة العثمانية ، فقد استطاع أن يتزوج من امرأة ، تدعى فاطمة ، شجعته على المضي في طلب العلم.
ومنّ الله عليه منها بأولاد ، ولد أولهم عبد الرحمن سنة 1134 ه / 1721 م ، وولد ثانيهم محمد سعيد سنة 1141 ه / 1728 م ، وولد ثالثهم إبراهيم سنة 1146 ه / 1733 م ، وولد رابعهم أحمد في سنة 1153 ه / 1740 م وبابنتين هما سارة ، ولدت سنة 1150 ه / 1737 م ، وصفية ، وقد ولدت سنة 1155 ه / 1742 م.
وانتقل عبد الله من مسكنه القديم في محلة الدوريين ، إلى دار أخرى ـ يظهر أنها كانت أحسن حالا من سابقتها ـ في محلة خضر إلياس من محال الكرخ القديمة من بغداد ، وكانت الدار قريبة من دجلة ، مطلّة عليه ، ومشرفة على الفضاء الواسع الذي يحيط بالكرخ آنذاك ؛ كما يقولون .
وقيل : ان اتصافهم ب لقب السويدي بسبب عمهم وليس خالهم ؛ فها هو السويدي نفسه يحدثنا قائلا : (( فبقينا بعد ذلك برهة من الزمن تغزل أمنّا القطن وتنفق علينا منه ؛ وكان عمنا أخو أبينا لأمه الشيخ العارف العامل ، والعالم الكامل ، المتلقي سائر الفنون ، ولا سيما التصوف ، عن مشايخ عظام وعلماء ، سيدي الشيخ أحمد ابن سويد الصوفي ، غائبا عن البلد في القسطنطينية ، فلما سمع بموت أبينا أخيه ، شدّ الرحل على الفور ، وتوجه إلى مدينة السلام بغداد ، فجاءنا ونحن على آخر رمق ، فكفلنا وربانا وأحسن تربيتنا ، إلّا أن كسوتنا غالبها على أمّنا على طريقتها السابقة ... )) ؛ وكما ترى تارة المصادر تقول : عمه , واخرى , تقول : خاله ؛ وتشابه البقر علينا .
وقيل غير ذلك : ((اما لقب( السويدي) فجاء اليهم عن طريق جدهم الشيخ عبد الله السويدي 1693 - 1761 الذي عرف بتوقيع رسائله وخطاباته باسم( سويد) احد اقاربه من جهة الام، ثم مدّ سويد الى سويدي كإيقاع محبب لدى العامة ... )) .
كما قال الشيخ عبد الله نفسه في مواضع اخرى ما يلي : (( (وكنت أدعى في الموصل بالبغدادي) فكناني الشيخ محمد المذكور بذلك ؛ وأما نسبتي إلى السويدي فهي نسبة إلى سويد أبي عمي من الأم ، وسببها أن صاحبنا العالم الفاضل ، والمحقق الكامل ، الشيخ حسين بن عمر الراوي ، نسبة إلى راوة قرية من أعمال عانة ، لما سافر إلى عانة بقصد زيارة أهله ، كان يراسلني ، فيكتب في عنوان الكتاب : عبد الله بن أخي أحمد بن سويد ، فاستطال ذلك فكتب مرة بدل ذلك كله : عبد الله السويدي ، فغلبت هذه النسبة عليّ ، وإلا فنحن ندعى بأولاد مرعي جدنا )) وليت شعري ما كان يقصد بعبارة : ( سويد أبي عمي من الام ) ؟!
العبارة مضطربة كما ترى , وتتعارض مع عبارة : (عبد الله بن أخي أحمد بن سويد ) .
وقد تلقب ب لقب السويدي خلق كثيرون ؛ ومن مختلف العصور والامصار والعشائر والقبائل والعوائل والشخصيات , وليس كل سويدي عباسي – طبعا لو سلمنا بفرضية بقاء ذريتهم وصحة الانتساب اليهم - وقد جاء في التاريخ الكبير لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري : (( 807 - محمد بن النوشجان البغدادي السويدي وإنما قيل السويدي لأنه رحل إلى سويد بن عبد العزيز يحدث عن يحيى بن سليم سمع منه أحمد بن حنبل. ))
وجاء في كتاب الطبقات لابن حجر العسقلاني ج5 / ص 78 : (( 919 - مُحَمَّد بن أَحْمد بن عِيسَى بن عبد الْكَرِيم بن عَسَاكِر بن سعد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن سليم بن مَكْتُوم الْقَيْسِي بدر الدّين السويدي الأَصْل الدِّمَشْقِي ... ))
وجاء في مقالة : ( الالقاب الموصلية / الجزء الثاني / للكاتب أزهر العبيدي ) : (( وجاء في : السويدي : نسبة إلى جدّهم سويّد الحافي ، ويحمل قسم منهم لقب السويداني ، ويقولون أنهم من نسب آل السويدي في بغداد .. )) .
وافراد قبيلة السودان في الخليج يطلقون على انفسهم لقب السويدي نسبة للقبيلة بخلاف قبيلة السودان العراقية والتي تطلق لقب السوداني على افرادها .
وهنالك عائلة تدعى بالسويدي ايضا في مصر وتسكن محافظة الشرقية وتتدعي انها ترجع لقبيلة شمر ؛ اذ ادعوا ان اصولهم ترجع إلى مؤسس مدينة «المجمعة»، وهو الفارس عبدالله بن سيف الشمري الذى أسسها فى القرن التاسع عام 820 هـ، وكان له ثلاثة من الأولاد منهم، سيف، وحمد، وكان لحمد ابن يسمى «سويد» ، وهو الذى انحدرت منه أسرة السَّــويْد ومنه توزع أبناء الأسرة في بلاد كثيرة منها بلدة الحُمْر، وبلدة البُصْر، ومدينة بريدة .
https://telegram.me/buratha