كوثر العزاوي ||
حينما يَدلَهِمُّ أفُقَ الحياة، أقصدُ رحابَ رياضكم..أتلمَسُّ الصفاء وأنا أتنفّسُ الصعداء على صعيد ثراكُم.. وتغمرني البشرى عند مقام:{فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ}.. وينشرحُ
صدري ويتصاعَدُ أملي وفألي عند واحة:{وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ..} كما يطيب لي ويتبدّدُ حزني وأنا اتأمل مآلِكم عند ضفاف عاقبتكم:
{أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}
وكلما يَتراءَى طيفكم يتمثَّلُ الصّدق في ذِكرِكُم، فهو قرين تراثكم، وأصل مآثركم..فليس ثمّة أحدًا أصدقَ منكم، وحسبي شهادة ربي العظيم بحقكم وهو القائل:{رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ..}فلم تخونوا ولم تَنقُضوا، وماخادَعتُمُ ولم تَخْدَعوا!!
وحينما يعتصرني ألَمُ الفَقْد، وأقرّر الهروب من عالَم الأموات حَولي، فلا أجد الانشراح الا بذكركم وشمّ عبير ترابكم فأنتم الأحياء حقًا، وإن وَارَى الثرى صورَكم، وغَيَّبتِ الأقدار شخوصَكم..تبْقَوْنَ الرِجال وقد عَقِمَ الزمان عن إنجابِ مِثْلِكم، طوبى لكم يومَ عَرفُتم كيف ترْتَدونَ الَّليل رهبانًا، وقد اتخذتم من دَيجورِهِ جمَلًا تُسامرون فيه خالِقكم..وكيف تزْرعونَ دمَاءَكمْ في الأَرض ليُثمِرَ غرسَكم سَعدًا وأمْنًا، ليعيش غيركم آمنين بهَريقِ دمائكم، وانتم مَن تَرَكتم أَحْلامَكم وراءكم غضّة فتيّة، وسلَكتم دَرْب الحُسَينِ، فكنتم أصدقُ الناس وعدًا وعهدا! فأَينَكم منّا ونار العشق تؤجّجها الذكريات معكم..مُرّوا ولو طيفًا بنا لنُقبّلَ تراب نِعالِكُم..فلنعمَ الدارُ داركم أيُّها الشُّهداء ولنِعمَ دارُ المُتَّقين!
سلامٌ عليكُم في الخالدين، في الصِّديقين الأتقياء الأنقياء الأوفياء!
أمَّا عَنّا فلا تغفلوا واشفعوا.. فَالحَدِيثُ يَطُول وَلا تُوفِيهِ السُطور..فقط نلتمسكم الدعاء وانتم السعداء في العلياء.
٢٧-شوال١٤٤٤هج
١٨-أيار٢٠٢٣م
ــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha