احمد نعيم الطائي ||
لانستغرب في وطن يفتقر الى ذاكرة وطنية توثق تضحيات شعبه ان ترى اجياله يمجدون بالطغاة والجزارين وبأزمنتهم الدموية الغابرة وبحروبهم العبثية المستهترة ويصفونها بالاجمل.
من المؤلم ان يتضائل مع مرور السنين الاستذكار والاهتمام والترويج الحكومي واعلام الدولة لاكثر الجرائم بشاعة في تاريخ الانسانية وهي المقابر الجماعية في العراق التي تفوق ببشاعتها وارهابها كل المجازر التي ارتكبت عبر التأريخ ، وهذا الامر لم يستهدف هذه الفاجعة التي يندى لها الجبين الحر بل ينسحب ذلك على كل الاستذكارات التي تدين الحكم الصدامي المجرم او التي تستحضر مواقف وبطولات احرار العراق ممن واجهوا ببسالة فريدة تلك الحقبة الدموية السوداء.
كما من المخجل والمؤسف ان تمر هذه الجرائم دون ان نلمس من الحكومة واعلام الدولة الاهتمام والتحشيد الذي تستحقه على الاقل احتراماً لتضحيات مهدت الطريق لشخصيات عدة ان تمسك بمقدرات البلد وهم يحسبون انفسهم على جبهة المعارضة للحكم البائد.
انني ادرك جيداً ان المجاملات السياسية من قبل القوى الشيعية التي تمثل الطيف المتضرر الاكبر من الحكم البائد وممارساته الوحشية
قد انحنت كثيراً امام رغبات القوى السياسية الاخرى المؤمنة بالنهج العدائي تجاه بقية مكونات الشعب والمستقوية بالدعم الخارجي التي تحاول تغذية وانعاش بقايا البعثداعشي وهي التي تعمل بقوة وبحجج عديدة لطمس هذه الجرائم وتغيبها وادثارها تحت عناوين شتى وبدعوى المصالحة الوطنية ، ولم تكتفي تلك الزمر بذلك بل تعمل ايضاً جاهدة وجادة لمصادرة وطمس تضحيات ابناء الحشد الشعبي المقدس الذين انتصروا للعراق وجنبوا المنطقة والعالم شرور اعتى الزمر الارهابية التي خلعت ثوب البعث ولبست رداء السلفية.
ان الامة التي لاتستذكر ولاتستنكر ولاتوثق مشاهد الآلاف من الرضع والاطفال والنساء الحوامل والشيب والشباب ممن سيقوا الى حفر دفنوا فيها وهم احياء فهي امة خاوية لاتقوى على مباهاة الشعوب ولاتحضى باحترامها.
من المؤلم انه مازال عدد كبير من هذه المقابر غير مكتشفة او قيد البحث بحجة عدم توفر الاموال او الدعم الدولي؟!، وهذا الامر يطيل معاناة العوائل التي مازالت تنتظر معرفة مصير ابناءها المغيبين حيث يختلط مصيرهم بالاعداد الكبيرة من العراقيين الاحرار الذين تم تصفيتهم باحواض التيزاب او مدافن سرية.
ان بلد مثل العراق ارتكبت به مثل هذه الجرائم الفظيعة والتي تفوق جرائم الهولوكوست لم تنال توثيق واهتمام تستحقه على الاقل انسانياً من كل الحكومات المتعاقبة واعلامها ، علينا جميعا مسؤولية وطنية وانسانية في نقل وترسيخ الحقائق قبل طمسها الى الاجيال والعالم ولتعريفهم بالحقبة الدموية المظلمة التي راح ضحيتها ملايين العراقيين في اعدامات وحروب عبثية.
على القوى الشيعية ان تتعلم من توثيق واستذكارات ذاكرة الكرد والترويج الاعلامي العابر للحدود في ايصال ماتعرض له الكرد من جرائم للعالم عبر متاحف وفعاليات استذكارية اممية مترجمة بعدة لغات تمكنوا من خلالها منذ عقود ان يحصلوا على دعم ومساندة وتعاطف الشعوب والدول والاعلان عن اقليمهم وتثبيت حقوقهم.
ـــــــــــــ
https://telegram.me/buratha