الشيخ محمد الربيعي ||
▪️الانحراف مصدر انحَرَفَ بمعنى مال عن الاعتدال، وأصله من حَرَفَ عنه حرفاً أي مال وعدل عنه، ويقال: حَرَفَ الشيء عن وجهه أي صرفه، وحرّف الكلام أي غيّره لفظاً وصياغة أو معنى، أو هما معاً ومنه قوله -تعالى- في وصف اليهود: {فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ...}[المائدة: 13].
▪️الفِكر لغة من فَكَرَ في الأمر فكراً أي أعمل العقل فيه ورتّب بعض ما يعلم ليصل به إلى معرفة مجهول، وفكّر في الأمر مبالغة فكر، وفكَّر في المشكلة تفكيراً أي أعمل عقله فيها ليتوصل إلى حلّها، فهو مفكر، وافتكر: تذكر، وتفكر في الأمر: أعمل عقله فيه، والفكَر-بفتح الكاف- بمعنى الحاجة فيقال: ليس لي في هذا الأمر فكر، أي حاجة.
▪️والفكر في الاصطلاح لا يخرج معناه عن المعاني السابقة، فهو إعمال العقل للوصول إلى معرفة مجهول، أو حل مشكلة، أو التوفيق بين المفاهيم الفلسفية والمفاهيم الدينية.
▪️إذن فإن عملية التفكير، والفكر نشاط عقلي، وفهم وتصورات تختلف من شخص إلى آخر، ومن جماعة إلى أخرى.
▪️تبين لنا أن الانحراف الفكري يشمل جميع أنواع ميل العقل عن الحق والعدل والمنهج الوسطي الإسلامي إفراطاً وتفريطاً
▪️يعد الانحراف الفكري أخطر انحراف يقع في المجتمع المسلم، وتتمثّل خطورته في أنه الطريق المعبّد إلى السلوكيات التي سيسلكها الشخص المتأثر بها، ويبرز خطر الانحراف الفكري على الناشئة والشباب بالذات، لأنه من أبرز التحديات التي تواجه أمننا الاجتماعي.
▪️ويرى بعضهم أن أساس المشكلات التي تواجه الشباب هو عدم الفهم الحقيقي والوعي الكامل لدينه وعدم رؤية القدوة الصالحة التي تجذبه وتشدّه، وإن النصائح وحدها لا تكفي ولا تشفي!
ويمثل المحافظة على فكر الأفراد وصيانته من الانحراف القاعدة الأساسية لتحقيق الأمن والاستقرار في المجتمع.
▪️وأن مسؤولية حماية الشباب من الانحراف يقع على الأسرة والمسجد والمدرسة والجامعة والإعلام وكل المؤسسات في المجتمع .
أن هؤلاء الذين انحرفوا في أفكارهم اعتمدوا على فهمهم هم للقرآن والسنة، ولم يفهموا القرآن والسنة بسبب انهم بفهم بتعدوا عن مفاهيم الائمة من اهل البيت ( عليهم السلام ) ، و الاصحاب النبي و الائمة والسلف هذه الأمة الصالحين من العلماء و الحوزة الشريفة ، وكان عليهم من الواجب والوجوب بالرجوع إلى أهل العلم الثقات الأثبات المعارف لهم من معاني الكتاب والسنة وأحكامهما .
▪️ اذن ايها الاحبة يجب العودة إلى العلماء من الحوزة العلمية الشريفة المعروفين بعلميتهم وعدالتهم ، في فهم معاني القرآن والسنة، فهم الذين ينصحون لكتاب الله تبارك وتعالى، ويرشدون الناس إليه، وإلى سنة رسول الله الخاتم ( ص ) ، ولا يمكن أن نفهم القرآن، ونفهم السنة، فهماً صحيحاً، دون الرجوع إلى أهل العلم الشرعي، فهم أهل الاختصاص في هذا الشأن، وهم الذين يبيّنون لنا الحق من الباطل، أما أن يقرأ الإنسان النصوص، ويفهم منها ما أراد، دون الرجوع إلى أهل العلم، ففي هذا خطرٌ عظيم، والعلم إنما يؤخذ من العلماء الذين أفنوا حياتهم في تعلم القرآن والسنة، واللغة العربية، والفقه، والأصول، والحديث، ومصطلح الحديث، وغيرها من علوم الشريعة الكثيرة، حتى تمكنوا فيها، فهؤلاء لا يستوون مع شبابٍ حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام، يقرءون القرآن ويفسرونه على ظاهره، ويحمّلونه أكثر مما يحتمل، مما يؤدّي بهم إلى الانحراف والضلال، وهذا الانحراف إنما يأتي نتيجة جهل بعض هؤلاء الشباب بالقرآن والسنة، أو عدم ارتباطهم بالعلماء الذين يفهمون القرآن ويفسرون لهم تفسيراً صحيحاً، معتمدين في ذلك على ظواهر جعلتهم في موقع الانحراف يعتمدون على أقوالهم، و آرائهم، و على أهوائهم، و مجادلتهم، وإتيانهم باحكام و قرارات ضالة و مضلة.
▪️أنّ هذا الانحراف الفكري الذي نراه نتج عنه فتاوى ضالة، وآراء منحرفة، هي عبارة عن جرائم مجتمعة، لاشك ان تلك الفتاوى تكون جريمة مغلظة، ومصيبة عظيمة، وفسادا في الأرض، ولا شك أن الأحداث الجارية ، نتجت عن الانحراف الفكري، ونتجت عن فتاوى ضالة، وأن هؤلاء الذين انحرفوا عن الجادّة قد وقعوا في فخ من الشيطان الرجيم، فضرّوا أمتهم، وقدّموا لأعداء الإسلام خدمة عظيمة بتشوه صورة هذا الدين العظيم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وأن هذا الانحراف في الفتاوى، وفي الأفكار، وفي الاعتقادات نتج عنه التفجيرات وارهاب و التجاوز على المعتقاد الصحيحة الموثقة الثابته المتواترة لمذاهب الاسلام ، ونتج عنه هذه المصائب الكثيرة، فلذلك نقول:
▪️إن الانحراف الأخلاقي أهون من الانحراف الفكري، الانحراف الخلقي ينحرف الإنسان فيه في نفسه، وعلى نفسه، فإذا لم يتب إلى الله -عز وجل- فهو على خطرٍ أيضاً، لكن ضرره يختص به هو دون غيره، ولكن الانحراف الفكري يجني به الإنسان جناية عظيمة، على نفسه، وعلى أهله، وعلى مجتمعه، وعلى أمةٍ كبيرة من الناس، وعلى سمعة المسلمين؛ فلذلك اعتبر العلماء الانحراف الفكري أعظم من الانحراف الخلقي، لأن ضرره لا يقتصر على صاحبه بل يتعدّاه إلى تشويه سمعة هذا الدين العظيم السهل السمح، كما أن الانحراف الفكري عادةً لا يتوب المبتلى به منه بسهولة، بخلاف المنحرف أخلاقياً، فإنه سرعان ما يرجع إلى الله ويتوب.
محل الشاهد :
▪️اننا ندعو الى ( الأمن الفكري )، أن يعيشَ الناس في مجتمَعِهم آمنين مطمئنِّين على مكوِّناتهم الدينية والثقافية ومنظومَتِهم الاجتماعية على اختلاف مصادرها، ويعتبر سلامة الفكر ركيزة هامة وأساسية في حياة الشعوب على مر العصور، ومع حرص الأمم والحضارات على تحقيق الأمن الفكري فقد خرجت جماعات متشددة تعيش أزمات فكرية تختلف منطلقاتها إما أن تكون اقتصادية أو اجتماعية أو نفسية أو دينية، وهي متنوعة على حسب العصر والحضارة التي تعيش فيها .
أما في زماننا هذا فقد استطاعت الجماعات المتأسلمة من إحداث أزمة فكرية منحرفة استخدمت فيها الجماهيرية الشبابية على وجه الخصوص لمصالح الجماعة والحزب مما أدى إلى اتساع دائرة الانحراف الفكري، مستغلين بذلك توغلهم في المؤسسات التعليمية والدينية، ومن سبل العلاج ، تثقيف الأجيال بخطر التيارات المدعي الدين و الأحزاب والجماعات المنحرفة والمتصلة بالإرهابية .
▪️واظهار فضائل العلم و العلماء وبيان كم استطاعة الحوزة الشريفة من حماية الدين والمذهب من الانحراف لتكون هي مصدر الامان الفكري و الاسوة الحسنة التي يجب ان تتبع و ياخذ منها باعتبارها مداد للاسوة الحسنة الاساسية و التي مصدرها الرسول الخاتم ( ص ) ، و الائمة الاطهار ( ع ) .
▪️ويجب إيضاح موقف بعض المنسوبين للمؤسسة الدينية الرسمية من الذين قاموا بتخريب العقية واصدار اراء و فتاوى كانت محل التفرقة و شتات الامة ، و الضرر بها و عدم نفعها ، بل و شق عصى الوحدة بين المؤمنين .
ان على الجميع عدم الغفلة ، من خطر الفكر الضال و المضل و مواجهته بالفكر الرصين الثابت ، وتفنيد تلك الاراء من خلال الوسائل العلمية و الفكرية التي تبين اكاذيب تلك الجهات التي ضلت عن طريق الصراط القويم .
اللهم احفظ الاسلام و اهله
اللهم احفظ العراق و شعبه
ــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha