عبد الله السامر
منذ بداية النزاع في أوكرانيا طلب رئيس فلاديمير زيلينسكي باستمرار من الدول الغربية أنظمة الدفاع الجوي الحديثة. وهكذا في شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2022 وصلت إلى أوكرانيا أنظمة ألمانية "إيريس – تي" (IRIS-T) التي أظهرت كفاءة عالية. بعد الضربة الصاروخية الروسية على أوكرانيا في 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2022، صرحت القوات الجوية الأوكرانية أن صواريخ "إيريس-تي" حققت معدل نجاح بنسبة مائة بالمائة في صد الهجوم الروسي.
ولكن، واصلت الصواريخ والقنابل الروسية تفجير المنشآت الأوكرانية (على سبيل المثال، الانفجار الرهيب الأخير لمستودعات الذخيرة في مدينة خميلنيتسكي الأوكرانية). ومن أجل التصدي لذلك، احتاجت أوكرانيا إلى دفاع جوي متعدد الطبقات، لأن "إيريس – تي" لا يغطي سوى النطاقين القصير والمتوسط. وأخيراً، في أبريل/نيسان من هذا العام، تم استيراد منظومات "باتريوت" (Patriot) الأميركية للدفاع الجوي التي طال انتظارها إلى البلاد. وقد بدأت أول بطاريتين من أنظمة الدفاع الجوي الأمريكية مع العسكريين الأوكرانيين المدربين المناوبة القتالية في أوكرانيا. ولكن، هل السماء الأوكرانية محمية بشكل موثوق الآن؟
يعتبر بعض الخبراء أن نظام "باتريوت" الدفاع الجوي الأمريكي هو الأفضل في العالم. في الوقت الحالي، هذا النظام هو وسيلة الدفاع الجوي الرئيسية متوسط وطويل المدى في الناتو. وبالإضافة إلى ذلك، هو قادر على ضرب الطائرات والصواريخ على مسافة تصل إلى 80 كم على ارتفاع 24.2 كيلومتر. فقط 4 مجمعات قادرة على تغطية مدينة كبيرة بالكامل.
في الممارسة العملية، تظهر أسئلة غير مريحة حول استخدام "باتريوت"، وأولها هو عدد منصات الإطلاق التي تم إحضارها. لذلك، في 27 أبريل/نيسان، أعلن قائد القوات الجوية، الفريق نيكولاي أوليشوك، أن الكتيبة الثانية من نظام "باتريوت" قد بدأت العمل في أوكرانيا. تتكون الكتيبة من أربع بطاريات، لكل منها ثمانية قاذفات بأربعة صواريخ. هناك 32 منصة الإطلاق في المجموع. هذه الأرقام تبدو مثيرة للإعجاب للوهلة الأولى. ومع ذلك، وصلت إلى أوكرانيا بطاريتان "باتريوت" فقط والعديد من منصات الإطلاق المنفصلة من هولندا. وتم تدريب 200 عسكري أوكراني فقط للعمل مع هذا النظام الأمريكي (100 شخص في كل من الولايات المتحدة وألمانيا). في حين أن عدد الأفراد في كتيبة "باتريوت" هو 600 شخص.
مثل هذا العدد من أنظمة الدفاع الجوي يمكن أن يحمي فقط عدد قليل من المدن الكبيرة. وبالإضافة إلى ذلك، لا يتمتع "باتريوت" بتنقل جيد، الأمر الذي لن يسمح للقوات المسلحة الأوكرانية بتنفيذ تكتيكات تغيير المواقف المستمر، التي أصبحت سمة مميزة للمدفعيين الأوكرانيين. وإن هذه الحالة هي طبيعية لأي نظام الدفاع الجوي، وهناك عدة أدلة على ذلك، في أوكرانيا ضرب كلا الجانبين بشكل مثالي أنظمة الدفاع الجوي للعدو بطائرات مسيرة ومقذوفات موجهة.
قضية أخرى هي توريد الصواريخ إلى منظومات الدفاع الجوي. من المعروف أن "باتريوت" تطلق ثلاثة صواريخ أو أكثر لاعتراض هدف واحد. مثلاً لهزيمة 20 صاروخاً روسياً (العدد المعتاد في هجوم صاروخي)، يلزم إطلاق 60-80 صاروخاً مضاداً للصواريخ. إن حياة المواطنين الأوكرانيين أغلى ثمناً، لكن حتى واشنطن اشترت فقط 252 صاروخاً من طراز باك -3 إم إس إي (PAC-3 MSE) للجيش الأمريكي بأكمله هذا العام. وكم الذخيرة ستسلم واشنطن إلى الأوكرانيين؟
بالإضافة إلى ذلك، هناك أسئلة حول فعالية أنظمة الدفاع الجوي الأمريكية. على سبيل المثال، في عام 2017، فشلت "باتريوت" اليابانية (6 كتائب) في إسقاط الصواريخ الباليستية طويلة المدى الكورية الشمالية التي حلقت فوق جزيرة هوكايدو. لا تنسوا هجمات الحوثيين على البنية التحتية لاستخراج النفط في المملكة العربية السعودية في عام 2018، على الرغم من إطلاق خمسة صواريخ اعتراضية على الأقل، لم يتمكن نظام "باتريوت" الذي تم نشره للحماية من هجوم على الرياض من اعتراض الصواريخ القادمة. وبالفعل في عام 2019، أوقف الحوثيون مؤقتاً حوالي نصف إنتاج النفط في المملكة العربية السعودية بعد تنفيذ ضربة واسعة النطاق بطائرات مسيرة وصواريخ.
وبالتالي، فإن الولايات المتحدة تريد حقا اختبار أنظمة الدفاع الجوي الخاصة بها (منظومات الدفاع الجوي المحمولة، أنظمة الدفاع الجوي المضادة للطائرات، صواريخ مضادة للدبابات) في مواجهة مع العدو القوي. وبعد ذلك سيبدأ أفضل المسوقين والمعلنين في العالم العمل، وسترغب المزيد من الدول في شراء الصواريخ الأمريكية.
https://telegram.me/buratha