عباس خالد الموسوي ||
القناة الجافة أو طريق التنمية هو الهدف الاستراتيجي لتعزيز الاقتصاد العراقي، وتنفيذ هذه القناة يواجه تحديا يقوم على وحدة وقوة القرار السياسي في العراق، وهذا القرار السياسي مرَ وما يزال يمر بالتشظي و الاختلاف اتجاه المشاريع الوطنية الكبرى، وليس هناك مبادرات متينة قادرة على عبور هذا التشظي والخراب، والمعظلة في هذا ، هو عدم بروز قادة بحجم هذه الاهداف و التحديات والاستراتيجيات الكبرى و التي تجعل العراق يأخذ دوره الحقيقي والاستفادة من موقعه الجغرافي و الذي يعتبر عقدة وصل بين آسيا والشرق بالغرب الأوربي وبقية الدول الباحثة عن بدائل وخيارات لديمومة وصول الطاقة والبضائع وتخفيف أثار الحرب الروسية الاوكرانية على اقتصادياته، والدول الغربية الكبرى و التي لها المصلحة المباشرة بمرور البضائع والطاقة من خلال العراق تدعم هذا التوجه، و بالمقابل هناك الدول المتضررة التي تعمل على وضع العراقيل لضمان مصالحها وتخريب كل مشروع لا يحقق مصالحها الخاصة. و هنا يجب على العراق تبديد المخاوف لهذه الدول الرافضة واشراكها ببعض المكاسب التي تتحق من المشاريع الاستراتيجية الكبرى في هذه الربط الحيوي بين اسيا واوروبا.
إن التفاوض و بشكل مستمر و مزامنته مع تنفيذ الخطوات الاولى لمشروع القناة الجافة سيميز بطبيعته الدول الداعمة عن الدول الرافضة والمعرقلة لهذا المشروع مما يحعلنا قادرين أن نضع البدائل التفاوضية مع الدول الرافضة على وجه الخصوص و الضغط عليها من خلال التبادل التجاري الكبير و الذي يدر مليارات الدولارات على تلك الدول الرافضة والتي تريد أن تبقي العراق هامشيا في دورة الاقتصاد العالمي. و مشروع القناة الجافة و من خلال لبنته الأولى (ميناء الفاو الكبير) هو الاساس في التقاء مصالح وتقاطعات تلك الدول الرافضة، ولهذا علينا، أن نحث السير بالضغط السياسي وحتى الاقتصادي على تلك الدول وفي نفس الوقت علينا تبديد مخاوف تلك الدول من خلال اتفاقيات ثنائية الجانب، و علينا أن نسمي الامور بمسمياتها ونقول: إن علينا إقناع الدول الرافضة بالقبول بأن يكون العراق هو الدولة الاساسية في مشروع القناة الجافة وليس مجرد ممر سككي لتلك الدول و هي الدول المصرة لحد الآن بألا يتخطى العراق هذا الدور الثانوي في اقتصاديات الدول المطلة على الخليج.
و هنا يأتي الدور العراقي الابرز و قياداته السياسية الوطنية وذلك من خلال الاصرار على استكمال المشاريع الاستراتيجية الكبرى و التي تساهم في رفع موارد العراق الإقتصادية وتنعكس على الحياة العامة بالايجاب، و باعتقادي إن مشروع القناة الجافة هو من أعظم المشاريع التي ستساهم في دعم واستقرار الاقتصاد العراقي وخصوصا في ظل التذبذب الدائم في تجارة النفط واسعاره غير المستقرة باستمرار.
أما مايثيره السياسيون من مخاوف حول القناة الجافة والسعي إلى رفضها لم يأتي نتيجة دلائل وقرائن علمية، بل كل ما يثار من قبل السياسيين الرافضين لمشروع القناة الجافة يقع في أغلبه في إطار التنافس السياسي والاستحواذ على المكاسب المالية و السياسية واللعب على حالة الولاءات الحزبية و التي تغطي أغلب مفاصل العمل السياسي بالعراق، وهذا ما سيجعل العراق يخسر الفرص الاقتصادية التي تحلم بها أي دولة و تعمل على تعزيز سيادتها و اقتصادها وتضخيم وتكريس بناها التحتية مما ينعكس على أمن و استقرار البلد.
ولذلك لابد من التوصيات والاسراع بالمشاريع الاستراتيجية الواعدة السيادية، والتوصيات هي:
١- لابد من سيادية المشاريع الوطنية في الاتفاقيات والقرارات والمواقف والرأي العام وذلك بقطع الطريق أمام المزايدات والابتزاز السياسي.
٢- الشفافية من قبل الحكومة والجهات المعنية بشرح الجدوى العلمية للمشاريع الاستراتيجية واغنائها بالتحليلات والجدوى الاقتصادية وانعكاسها الجيوسياسي وتاثيره على العلاقات.
٣- إقناع المرجعية الدينية وأهمية رأيها ودعمها لأهمية هذه المشاريع السيادية وأثرها على الأمن والاقتصاد والعلاقات بالتالي تنعكس على معيشة ورفاه المواطن وقوت يومه الذي لو لم يحصل عليه ينحرف عن الاخلاق والدين.
٤- تأسيس صندوق وطني للمواطنين واشراكهم بالفائدة عن طريق شركة وطنية لإدارة الأسهم وارباحها بهذا سيكون محمي وفائدته على كل عائلة أضافة إلى توفير السيولة وسرعة الانجاز وهذه الآلية معمول بها بكل الدول الاشتراكية والراسمالية والمختلطة .
٥- من الآن تحديد القوة العسكرية التي تحمي هذا المشروع من ميناء الفاو جنوبا إلى اكتمال الطريق شمالا.
٦- تشكيل لجنة وطنية تشترك بها خبراء اقتصاد من الجامعات واهل الخبرة لاقناع السياسين والمواطن بجدوى المشروع العملاق واهمية الفرصة وينم ذلك بنخصيص منصات إعلامية وبرامج فضائيات داعمة.
٧- على البرلمان يضمن سيادية الاتفاق على المشاريع الاستراتيجية التي ترتبط بها مصالح دول وتعتبر دولية ويركز على المكاسب والفائدة للدول ويضمن في الاتفاقيات حفوق كل الدول المستفيدة بعيدا عن العلاقات في مابينها نتيجة الصراع أو التنافس الاقتصادي.
٨- تأسيس تجمعات داعمة للمشاريع السيادية.
٩- تأسيس مركز دراسات خاص بميناء الفاو والقناة الجافة يستقطب خبراء تخصص بهذا المجال يواكبون التحديث والتحدي ويكون رأيهم استباقي وجاهز للتطوير أو التصدي وازالة الصعوبات في مثل هكذا مشاريع.
١٠- مركزية القرار السياسي والاتفاق على مثل هكذا مشاريع وفرص هو مفتاح نجاح البلد وبناء الدولة وتطويرها من خلال استثمار الفرص.
هذا الجزء من التوصيات من الممكن أن يعزز بدراسات اضافية من قبل المختصين في المجال الفني والاقتصادي بعد التوافق السياسي حول هذه المشاريع الاستراتيجية الكبيرة.
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha