محمد حسن الساعدي ||
سنتجاوز في هذه السطور سيرة الإمام السيد محسن الحكيم(قدس) العلمية والإبداعية، ومؤلفاته الفقهية والأصولية، لنذهب لأبعد من ذلك إلى الدور القيادي البارز، وإدارته المبدعة لحركة الفقهاء المراجع في العراق آنذاك، إذ وبعد تطور الوعي الإسلامي إلى ماوصل له الآن، في قبالة تطور الوعي الاستعماري المعاكس له..
كانت ومازالت تزرع الشكوك والشبهات، حول هذه المرجعية والحركة الفقهية الكبيرة، منها تشكيك حول إن كانت جديرة بقيادة الأمة الإسلامية، كما هو الآن محاولة التشويش على مواقف المرجعية الدينية العليا، وإبعاد الجمهور عن التمسك بها.. لذلك سعت هذه الحركات المنحرفة، للتشويه والتشويش من أجل غايات مرتبطة بالاستعمار، وتحريف دور المرجعية في عملية الإصلاح الفقهي والاجتماعي.
أن اكبر مميزات الإمام الحكيم أنه أحتفظ بأسلوبه المبدئي، الموروث عن أسلافه من المراجع العظام، بأنهم كانوا جزء من الجمهور، فلم يحتجبوا عن الناس بحرس أو حجاب.. بل كانوا صفحة مفتوحة للجميع، وفي الحقيقة أن الإمام الحكيم تمتع بقوة ذاتية منقطعة النظير، نابعة من الإيمان المطلق بربه، والقدرة على قيادة الأمة الإسلامية،والحرص على مصلحتها العليا،دون النظر إلى مصالح شخصية أو مزايا هنا أو هناك.
لقد كان الإمام الحكيم عالماً رباَّنيا، شهدت له الحَوزات العلمية، بكلِّ مقاطعها الفقهية والأصولية،من خلال مؤلفاته وكُتبهِ وتعداد طلابهِ المتميزين علماً وفقهاً، على الرغم من ابتلاءه بمختلف الأمراض في أواخر أيام حياته، غير انَّه لم يترك الدورَ الاجتماعي في مجال التربية والتعليم، إلى جانب وقوفه مع حقِّ الشعب العراقي في الحرية والتصدي للظالمين، فعبَّأ الأمةَ روحيا ومعنويا..
ذلك كان سبباً مهماً في وضع الحواجز الفاصلة بينَ البعثيين والشعب العراقي، حتى صارت حاجزة بين المؤمنين وحكومة البعث، لِدرءِ الخَطر الهدَّام عن بُنيةِ المُجتمع العراقي وكيانهِ .
لقد كان حِريصاً أشد الحرص على وحدةِ المجتمع العراقي، بسنتِهِ وشيعَتِه وبكُردهِ وعُربهِ،والتي كان من مصداق هذا الحرص، إصداره تلك الفتوى ذائعةِ الصيت، التي حرَّم فيها القتالَ ضدَّ الإخوة الكُرد، وحرم الوقوف مع النظام البعثي أبان الحملة القمعية، التي قام بها النظامُ المقبور ضدَّ الأكراد، والتي حقنت دماء كثير من أبناء المجتمع الواحد، وما زال الكرد يذكرون أثرَ تلك الفتوى في حقنِ دمائهم، التي باعها بعض المحسوبين على المدرسة الدينية وعلى مذهبهم.
لقد استطاع هذا العالم الربَّاني أن يقود الأمة الإسلامية،ليَصِل بها إلى الوحدة بين مكوناته،والتي أنعكست من خلال قوة المجتمع العراقي، ووقوفه موحداً في اشدِّ ظروف القَمعِ السياسي آنذاك .
ــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha