قاسم سلمان العبودي ||
أنبثقت حكومة السيد السوداني بعد زوال حكومة مصطفى مشتت والتي أقل ما يقال عنها بأنها حكومة عملاء ومرتزقة . أذا سلمنا بهذه القضية فأن محمد شياع السوداني أستلم كومة ركام أسمه العراق . بلد محطم ومهشم بأمتياز . الحكومات المتعاقبة سلبت العراق الهوية الوطنية والسياسية على حد سواء . فقد غابت ملامح الهويتين في ظل تنامي كسر الأرادات التي سبقت تشكيل الحكومة الحالية .
عندما شرع السيد السوداني ببرنامجه الحكومي الخدمي الذي أعلن عنه ، تصور خطأً أن تقديم الخدمات هو أثبات للهوية الوطنية ، وعند تنفيذ ما يراه قادة الأطار هو ترجمان للهوية السياسية ! الغلط في كلتا الحالتين مرَّكب ، لان الخدمات التي يريدها المواطن ليست رصيف مقرنص حتى يحسب للحكومة بأنه أنجاز ، وأن كان هذا الرصيف مطلوب . لكن الخدمة الحقيقية تكمن بأنشاء المشاريع الإستراتيجية التي تلامس حياة المواطن العراقي ، ونرى أن أهم هذه الخدمات التي بأمس الحاجة اليها الشعب العراقي اليوم هو تفعيل قرار البرلمان العراقي بأخراج القوات المتحلة الامريكية خارج العراق .
فأن طرد المحتل الأمريكي سيفتح باب الخدمات للمواطن على مصراعيه . وستنجح هذه الحكومة ، أو الحكومات القادمة برسم ملامح هوية وطنية عراقية خالصة ، لها القرار السيادي بتفكيك وتصفير جميع الأزمات وأولها ورقة الضغط الداعشي الارهابي المستمر على العراق والتي تدار من قبل السفارة الامريكية في بغداد . هذه هي الهوية الوطنية التي يجب على كل حكومة قادمة ، فضلاً عن هذه الحكومة أن تعمل جاهدة على ترسيخ مفهومها العام بما يحفظ سيادة الدولة وحقوق الشعب .
اليوم العالم بأسره أمام تحولات كبرى ، فهناك انحسارًا كبيرا للقطبية الواحدة عالمياً . كما أن هناك صعود قوي لقوى دولية واقليمية واعدة ، فعلى العراق أن يكون جزءاً مهماً في هذه المتغيرات الدولية وخصوصاً لدينا كعراقيين ما يؤهلنا أن نكون جزءاً من التغيير القادم ، لا أن نكون رقعة شطرنج تتحكم بنا رومانوسكي كيفما تشاء ، ومتى ما تشاء . عندما تصل الحكومة العراقية الى هكذا مستوى من البناء الحقيقي ستعود الهوية الوطنية التي سلبت بسبب الأحتلال الامريكي ، وبالتالي ستترسخ الهوية السياسية العراقية وسيلتئم شمل القوى السياسية العراقية بعيداً عن التشظي والأنقسام الحاد الموجود حاليا لدى جميع المكونات السياسية العراقية بعربها وكوردها وشيعتها وسنتها .
أذن المطلوب اليوم أرادة وطنية حقيقية تعيد للعالم صورة العراق التي طمست بسبب الاحتلال الامريكي وبعض الأدوات المنحرفة في الداخل العراقي . أما ( تبليط ) الشوارع وتزيين الأرصفة ، وأن كانت مطلوبة ، ألا أنها لا تُعتبر منجزاً حقيقياً في القياسات الدولية ، ألا أذا أسلمنا بشعار الأعور في بلاد العميان أمير .
https://telegram.me/buratha