د.محمد العبادي ||
لقد بدت تجليات القدرة الإلهية واضحة عندما أطاح الشعب الإيراني بتظاهراته السلمية بأعتى الطواغيت الذي تقف خلفه القوى الغربية الكبرى.
لقد كان الإمام أمة فرداً ،وجمعاً وتراً ،ثم أصبح أمة لأمة ،وإماماً يقود الناس نحو التحرر والإنعتاق .
إنه الخميني العظيم الذي أسس بنيان وحدة الأمة على تقوى من الله ؛ فاستقبل ندائه الأحرار في العالم .
عندما رحل الإمام الخميني (ره) وطوى سفره من هذه الدنيا في ٤/ حزيران /١٩٨٩م كان كثير من السياسيين والمحللين والمراقبين يرون أن الثورة الإسلامية في إيران سوف تفقد وهجها وقوتها وبريقها وتأثيرها ،وستبدأ الأجنحة السياسية فصلاً من الصراعات على النفوذ والقوة والجاه.
لقد كانت بيانات وبرقيات التعزية التي صدرت بمناسبة وفاة الإمام الخميني تعكس الصورة الحقيقية داخل إيران ؛ ففي بيان طلاب الجامعات وأساتذتها نشاهد العاطفة طافحة من خلال كلمات الحزن والرثاء بفقدان الإمام، لكنهم مع شدة تأثرهم بفقدان الأب الكبير الطيب يرفعون ويلوحون بعلم الجمهورية الإسلامية في مسيرة التعزية.
إنها إشارة مفهومة منهم في التمسك بشعارات الثورة الإسلامية والعيش تحت ظل ذلك العلم المقدس.
اما رسالة التعزية التي كتبها أصناف مختلفة من الناس ؛ فقد كان فحوى تلك الرسالة إلى أن الأعداء يرون أن كل شيء قد إنتهى بوفاة الإمام الخميني، لكنهم لم يعرفوا الحقيقة وهي أن العلاقة الروحية للشعب لم تقتصر على حبهم للإمام فقط ،بل لنهج الإمام وللمسؤولين في النظام الإسلامي.
إن مفاد هذه الرسالة هي ان الشعب يسير على خط الإمام الخميني، وان القاعدة الشعبية باقية على العهد لم تبدل تبديلاً.
واعجبت بمحتوى برقية التعزية الصادرة عن ممثلية الولي الفقيه، ووزارة جهاد البناء حيث كانت تلك البرقية تتضمن أبعاداً معنوية ،وتدعو إلى مضاعفة الجهود والعمل معاً .
تلك الرسالة تقول : (في هذا اليوم نشعر ان المصيبة عظيمة والحدث جلل وثقيل قد خرج من حدود تصورنا،ولذا يجب علينا مضاعفة الجهود تماماً مثلما يفقد الإنسان عينه ،فإنه يقوم بمضاعفة عمل سمعه وشمه ولمسه وباقي الحواس ورغم أن ذلك لايعوض فقدان حاسة البصر ،لكن علينا أن نضاعف قدراتنا وعملنا .نحن اليوم بعد أن فقدنا الإمام الخميني الذي هو نور عين الثورة، وفقدنا هذه النعمة علينا أن نعزز قدراتنا ونزيد من طاقتنا وقوتنا).
إن هذه العبارات الواردة في برقية التعزية تشير بوضوح إلى أن الأمل معقود بهمم الرجال ،وأن الطريق يتسع لأهله عندما يسيرون على درب الإمام الراحل .
وكان مؤسسة رئاسة الجمهورية آنذاك قد أصدر بياناً ، فيه عاطفة وأحاسيس وعلاقة صادقة في محبة الإمام الخميني ومكانته في جسم الأمة، ومما جاء في البيان :( اللهم إنا نعوذ ونستجير بك .إلهي ان قلوبنا مكلومة ونسلمها لك فيما قضيت علينا من الحزن والحداد.
إنه لخبر ثقيل وأليم لاتستطيع ألسنتا ان تنطق به. كيف لنا أن نصدق في أن قائد قافلة الحب ،ومعز الإسلام وروح الله وروح الناس ،وصاحب الاستقامة في ساحات الشرف والجهاد والكرامة، وذخيرة الأنبياء ومعلم مدرسة التضحية الخمينية في تحطيم الأصنام قد رحل عنا وانضم إلى الخلود .
كيف لنا أن نصدق أن العبد الصالح والقائد العظيم للأمة الإسلامية لم يعد بيننا ؟! هل نصدق أن الرجل صاحب القلب الطيب الذي ينبض بذكر الله وحب الأمة قد غادر عالمنا ،وعاد إلى الملكوت الأعلى .
إنّ مؤسسة رئاسة الجمهورية إذ تقدم تعازيها إلى صاحب العصر ؛فإنها تتمنى السير على طريق الإمام الخميني قدس سره وتنعى للأمة الايرانية الحرة المسلمة هذا المصاب الجلل ،ونسأل الله تعالى الصبر لهذه الأمة المقاومة والمفجوعة ).
وايضاً كان رئيس مجلس الشورى وأعضاء البرلمان قد أصدروا بياناً اختصر نصه وانتقل إلى موجز المعنى فيه؛ حيث ورد فيه أن رئيس وأعضاء المجلس كانوا يتابعون المحافل الإعلامية والسياسية حيث كانت تلك المحافل تتصور أن جذوة الثورة ستنطفئ عند وفاة الإمام الخميني، وستحصل صراعات داخلية ،لكن كل تلك التصورات والتخمينات كانت بعيدة عن إدراك وفهم الواقع داخل إيران حيث بلغت الثورة الإسلامية مرحلة النضج والوعي وكانوا بعيدين عن الواقع .
هناك بيانات وبرقيات تعزية أخرى صادرة عن مسؤولين وعن أئمة الجمعة وعن نقابات مهنية ومنظمات مدنية مختلفة ،لكننا اكتفينا بهذا المقدار بحسب ما يناسب المقام ،وقد كشفت البرقيات والبيانات المختلفة عن مدى الحب الذي يكنه الشعب الإيراني للإمام الخميني (ره) ومدى عمق العلاقة بين الشعب وقادته ،وأنهم يدركون اهمية التضامن والتماسك الإجتماعي في الظروف الحساسة . لقد ٠٠كان الإمام الراحل أمة لكل الأمة ولأجله هبت له الجموع المليونية عند مجيئه وعند رحيله .
ــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha