عبد محمد حسين الصافي ||
في الساعات العصيبة التي أعقبت ماحصل في مثل هذه الليلة قبل تسع سنوات، وقد بلغت القلوب الحناجر، عُهد الى العامري وبطلبٍ منه أن يتوجه الى محافظة ديالى لأيقاف تقدم داعش بأتجاه معسكر عملاق سبق لنظام صدام وأن شيده لمنافقي خلق الفصيل الأيراني المعارض.
وصول داعش الى هذا المعسكر والأستيلاء عليه يعني تهديد قضاء الخالص وفصل ديالى عن بغداد من بوابة الخالص وهبهب.
ذهب العامري الى هناك مع ثلة من رفاق دربه السابقين، ليسبق داعش الى معسكر "أشرف". ومن هناك إبتدأ معركته، كانت دفاعية محضاً في أيامها الأولى، تحولت الى هجومية تكللت وبوقت قياسي لاحقاً بتحرير ناحية العظيم وطرد داعش الى سدها.
أعقبتها معارك شرسة خاضها محور ديالى للحشد الشعبي بقيادة العامري لتحرير كل المحافظة وإعلانها كأول محافظة محررة بالكامل من سطوة داعش الأرهابي.
اذا كانت ديالى هي البداية، فتلعفر والحويجة هي النهاية. ومابينهما معارك ضارية تساقطت فيها الرؤوس والأيدي، وتشابكت فيها الأسنة والحراب.
· حكاية تلعفر
أُتخِذ القرار بتحرير تلعفر، تركيا تدخل على الخط وتعارض بقوة مشاركة الحشد الشعبي بتحريرها بحجة خشيتها من (الأنتقام الطائفي)، وبلحاظ أغلبية المكون التركماني في التركيبة السكانية لتلعفر. قيادة العمليات المشتركة العراقية تعلن عن عدم إمكانية تحرير تلعفر بدون مشاركة الحشد الشعبي لصعوبة الموقف وسعة الجبهة ولتمركز عتاة الأرهاب فيها. تركيا تعاود معارضتها العلنية، وجهود وساطة محلية ودولية تُبذَل لحلحلة الأزمة. يُصار الى حلٍ قبلت به تركيا، وهو أن يكون العامري بالواجهة، هو مَن يقود محور الحشد. ويكون هو الضامن لعدم حصول أي عمليات "إنتقامية".
وسارت الأمور على هذا المنوال، وتحررت تلعفر بدون أن يجرؤ أحد على التشكيك أو الطعن بأداء الحشد في هذه المعركة.
· الأزمة السياسية
في الأيام التي أعقبت نتائج آخر إنتخابات وبروز أزمة عاصفة مع التيار الصدري، وقع إختيار قادة الأطار التنسيقي على العامري كمفاوضٍ عن قوى الأطار مع السيد مقتدى الصدر، وقد خاض ماراثوناً تفاوضياً معقداً ومرهقاً، وعندما قرر السيد الصدر الأنسحاب من المشهد السياسي الحالي، عاد قادة الأطار ليختاروا العامري ثانيةً للتفاوض عنهم مع قادة الكرد والسنة لتشكيل تحالف يُعبر عنه حالياً بأئتلاف ادارة الدولة، ومنه إنبثقت حكومة السوداني.
· عُقدة الموازنة
العامري وفي خضم التقاطعات الحادة التي شهدتها مفاوضات ماقبل تمرير الموازنة الحالية، توجه الى بناية مجلس النواب، ممثلاً عن الأطار التنسيقي، ومنها إبتدأ مشاورات معمقة لحلحلة العُقد والمضي بالتصويت عليها، من أجل أن تنطلق الحكومة في تنفيذ برنامجها الحكومي الذي وعدت به والأيفاء بألتزاماتها، وبلورة حالة من الأستقرار السياسي والأقتصادي والأمني يحتاجه الشارع العراقي.
البعثيون والوطنجية الجدد يتهمونه ب"خيانة العراق ومقاتلة جيشه لصالح دولة أخرى"، في معركة هو ومن معه وكل المنصفين يراها معركة بصيرة وإيمان، كيف لا والعدو فيها نظام مجرم وطاغوتي ومغامر بمقدرات العراق البشرية والمادية، معركة عادت بذاكرة الأحرار الأباة الى معسكر الحسين الأمام المعصوم قبالة معسكر يزيد الطاغية الباغي.
وبعض "أخوة" العامري، يقولون فيه "يصلح للجهاد أكثر مِن صلاحيته للسياسة"!
وهم الذين إختاروه لخوض طريق السياسة الأعقد نيابةً عنهم، طريق التحديات. هو الزعيم الشيعي الوحيد الذي قرر أن يخوض المعترك الأنتخابي في ساحة مُعقدة أمنياً ومتنوعة مكوناتياً، إختار ديالى الموزعة ولاءاتها طولاً وعرضاً بين كرد وتركمان وعرب، بين سنةٍ وشيعة وأثنيات صغيرة أخرى، ديالى التي أتخذها إرهاب القاعدة وبعدها داعش معقلاً مهماً له ومازال.
وفي ديالى كان العامري يأتي على رأس الفائزين في كل العمليات الأنتخابية التي جرت فيها.
لاأدري مالذي على السياسي أن يتحلى به كي يكون سياسياً ناجحاً أكثر من أن يكون هادئاً، عميقاً، صبوراً، حكيماً؟ ليكون حينها مفككَ أزمات ورجلَ إطفاء...
ــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha