عباس الاعرجي ||
قال رئيس وزراء السودان الراحل الأستاذ محمد أحمد المحجوب رحمه الله :
إذا حكمني مسلم فلن يدخلني الجنة وإذا حكمني ملحد فلن يخرجني من الجنة، وإذا حكمني من يؤمن لي ولأولادي العمل والحرية والكرامة وعزة النفس فسأقف له إحتراماً وإجلالاً. ويبقى دخول الجنة من عدمه رهين إيماني وأعمالي، فكفوا عن التنازع على السلطة بإسم الدين معتقدين إنها طريقكم إلى الجنة.
فليست وظيفة الحكومة إدخال الناس الجنة وإنما وظيفتها أن توفر لهم جنة في الأرض تعينهم على دخول جنة السماء.
انتهى .
يالها من روعة ، وأروع منها صدقها ، فالحق والحق أقول : يجب علينا ومن الان أن نخفي الظواهر ، ونظهر الجواهر ، فالدين هو الله ، والله هو العدل والصدق والامانة والانصاف والتعامل ، وعدم دع اليتيم ، وحسن الخلق ، وقضاء حوائج الناس ، ووو .
هذه هي جواهر الدين ياناس ، والله لايرضى بتحريفها وتحويلها الى طقوس وحركات فارغة المحتوى .
فبالتالي أصبحت وأضحت وأمست وباتت هذه الطقوس عادة وتعويد ، يمارسها الافراد من دون شعور ولا أهتمام بنواهيها .
ولذا وجب علينا ومن باب الضرورة الملحة ، والتي لا ينبغي التغافل عنها نهائياً ، أن يقوم الدين هو بنفسه وهذه مهمته بالاساس ، بغلق كل الابواب والمناطق الرخوة ، والتي من خلالها يتم التسلل والاختراق .
أجل هذه الفجوات الرخوية ، طعنت الدين وبوضح النهار طعنات مؤلمة ومدمرة ، بل وشوهت محاسن جماله ورونقه الزاهي ، فمرةً بحجة إبن المؤسسة الدينية ، ومرةً بحجة النسب الهاشمي ، ومرةً بحجة أنه قائم بالليل وساجد بالنهار ، وهلمَّ جرى .
كلا لقد قرأنا الدين بالمقلوب للأسف الشديد وأقرأونا إياه بالمقلوب أيضاً ، فحقاً أنصفوك حينما وصفوك بشهيد التاريخ يا أيها الدين ، وأنا بدوري سأضيف لك جرعة أخرى من الانصاف ، وأسميك بتضحية التاريخ وشهيدها .
لانك المضحي الوحيد والشماعة الوحيدة التي علقت البشرية كل حيلها ومكرها في رقبتك ، فكل معاناة الناس أنت تتحمل وزرها ، ولولا وجهك الجميل وعباءتك الفضفاضة لما خدعونا أصحاب الانتماء المذهبي .
وما يتم طرحه الان هنا قد يكون ملفت للنظر بالتأكيد ، وفيه خروج قليلاً عن المألوف فعلاً ولا أنكر ذلك ، وليس هذا فحسب ، بل أتوقع أن ردود فعل البعض ، ربما ستتجاوز السرعة المسموح بها .
لكننا أملئنا خزائن القلوب مسبقاً بأرطالٍ من المعاذير ، لمثل هؤلاؤ النفر من الناس ، لاسيّما الذين لم يدققوا النظر والامعان ، بما قاله شهيد الانسانية ، أبا عبد الله الحسين ، وإنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي .
فإذا كان هناك من قصور أو تقصير ، فهو منا وفينا ، لاننا لم نتحرى الدقة في البحث عن مواطن الخلل الحاصل في هذه الامة ، ولا عن الآليات وادوات هذا الاصلاح ، وبتركه أي بترك الاصلاح ستزداد الهوة وتتوسع الفجوة ، وحينذاك يستعصى ردمها .
وليعلم الجميع ، وهذه حقيقة ، لا مناص من الاقرار بواقعيتها ، رغماً على كل الانوف ، أن بعد المسافة ما بين دين الظواهر ، ودين الجواهر ، كبعد السماء عن الارض .
وعليه فقد تولدت لي قناعة تامة ، بأن الملحدين هم أخف الناس عقوبة في يوم الحساب من غيرهم ، لانهم لم يمارسوا النصب والاحتيال والخديعة باسم الدين ، فهم أعلنوا براءتهم من الدين وانتهى الامر ، وكفى الله المؤمنين القتال .
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha