المقالات

العيد عنوان لدين الانسانية والوحدة


الشيخ محمد الربيعي ||

 

كل عام وانتم بخير ، وكنتم دوما بحفظ الله ورعايته ....

يمثِّل عيد  في المفهوم الإسلامي، الزّمن الَّذي تتجمَّع فيه كلّ خلاصات جهد المؤمن؛ العباديّ والتأمليّ والحركيّ، الّذي يبذله بعد طاعة ، ما يعني أنَّ العيد في الوقت الذي يمثّل الفرح الإنساني العفوي الملتقي بالرّحمة المضاعفة من الله عزّ وجلّ، يمثّل أعلى درجات المسؤوليّة، حيث ينطلق الإنسان منه ليحرّك نتائج التقوى في كلّ مجالات الحياة، ليكون الله تعالى حاضراً في كلّ فكر يختاره، وفي كلّ موقف تأييد أو رفض، وفي كلّ حركة فاعلة أو منفعلة، في الاجتماع، أو الاقتصاد، أو الثقافة، أو السياسة، أو الأمن، أو ما إلى ذلك، مما يقف فيه الإنسان ليختار بين الحقّ والباطل، بين العدل والظّلم، بين الصّلاح والفساد، بين خطّ الله وخطّ الشّيطان.

وبذلك، يبتعد العيد عن حالة الاستقالة من المسؤوليّة، بما تعنيه الاستقالة من الاستغراق في أجواء العبث اللاهي الّذي ينحرف بتوازن الشخصيّة، ليعيش الإنسان فرصة الفرح الروحي، الذي قد يتحرّك في أجواء العبث البريء والمتوازن، الذي يلتقي فيه بالله في سموّ الرّوح، وبالقيم في حركة الحياة، وبالعدل في ميزان الموقف.

إننّا في هذا الموسم المبارك، ندعو المسلمين جميعاً إلى الاستفادة من المخزون الروحي الذي يعيشه في زمن الطاعة ، ليحرّكوه في كل قضاياهم، من خلال إرادتهم الصلبة التي أكّدها الصوم والصبر والحج وغير ذلك، لأنّ كل العبادات في الإسلام، يُراد لها أن تكون حركة غنى فاعلة في صوغ الحياة على الصّورة التي يحبّها الله ويرضاها، فلا يمكن أن يكون المسلم صائماً بحقّ إذا سار مع الباطل، أو تحرّك مع الظلم، أو صادم القيم والأخلاق.

ونحن في هذا المجال، نرى أنَّ كثيراً من المواقف باتت تتحرَّك في وجهة متنافرة مع خطّ العبادة في الإسلام، فليس هناك ما يمنع المسلم المصلّي من أن يتحرّك في خطِّ الفحشاء والمنكر، مع أنّ الصّلاة شُرّعت لتنهى عنهما! وليس هناك ما يمنع أن يصوم الإنسان ولا يكون للتقوى في حياته أثر ولا عين، مع أنّ هدف الصّوم تقوى الله! وكذلك الحج ، وليس هناك ما يمنع من أن ينطلق الإنسان في حجّه في رحلة الوحدة الإنسانيّة إلى الله، وينطلق في الوقت نفسه لينشر الفتنة والفرقة بين المسلمين! وليس هناك ما يمنع من أن ينخرط المسلم في خطط المستكبرين ضدّ المستضعفين، والكافرين ضدّ من يتحرّكون في خطّ الاستقامة في الحياة!

إنّ رسالة الصّوم او الحج او اي عبادة شرعها الله تعالى ،  تمثِّل الحركة الذاتيّة لصنع الإرادة في الذّات، ولتجتمع الإرادات على مستوى الأمّة، لتصنع للأمّة عزّتها وكرامتها. ولذلك، لا يمكننا أن نفصل العبادات  بمعناه العبادي عن معناه السياسي، الذي يمثِّل حركة في المسؤوليّة السياسيّة التي تحمي الأمّة ووحدتها وكيانها العام، كما أنّ العيد يمثِّل مناسبة للاحتفال بالقيام بهذه المسؤوليّة وحمل أعبائها على جميع المستويات…

اذن  العيد يحقق الوحدة دين وحياة

إنَّ الأعياد الإسلاميّة و المسيحيّة تنطلق من عمق و احد من خلال ما يمثّله العيد في المعنى الديني الرسالي من الانفتاح على الناس كلهم و القيام بالمسؤوليّة حيالهم و حيال الحياة .

ولذلك فإنّ الفرح في الأعياد يعني فرح الاحتفال في حمل أعباء هذه المسؤوليّة و تحقيق الأمن و السلام الاجتماعي و السياسي و الاقتصادي للناس كلِّهم .

 و لذلك فإن الأعياد الإسلاميّة و المسيحيّة تلتقي في البُعد القيمي و الروحي الذي يمثّل الأصالة في المسيحية و الإسلام . إنَّنا نلاحظ أنَّ الأعياد أصبحت تمثّل الفرح الماديّ في تعبيرات المحتفلين بها وفي تطلّعات التوّاقين لساعاتها و لحظاتها في الزمن .

ولكنَّ الإسلام أراد للأعياد ـ كما أرادت المسيحيّة لها ـ أن تكون محطّة من محطات القيام بالمسؤوليّة ، و أن تكون منطلقاً للتأمل على مستوى حسابات الربح و الخسارة فيما هي النتيجة في حساب العمر ، ليكون الفرح المادي حركة في الفرح الروحيّ الذي يشعر فيه الإنسان بالطمأنينة في نطاق خدمته للبشرية و قيامه بالدور المطلوب منه بلحاظ إمكاناته و طاقاته .

 إنَّ العيد  في المفهوم الإسلامي يمثّل محطة الاحتفال في القيام بالمسؤوليّة بعد صوم شهر رمضان او الحجة بيت الله الحرام او اي عبادة كانت ، و الذي يمثل مساحة زمنية لصناعة الإرادة و التحلي بالصبر و تحسّس آلام الناس ، كما أن عيد الأضحى الذي يمثل تخليداً لمفهوم التضحية في استعداد إبراهيم ( ع ) للتضحية بولده إذا أراد الله منه ذلك… و هو ما يطل بنا على البعد الروحي و الحقيقي للعيد

اللهم احفظ الاسلام واهله

اللهم احفظ العراق وشعبه

 

ــــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك