لمى يعرب محمد ||
حكايتي هذه المرة تدور حول رمزية شعب، اعبر فيها عن جذور تاريخ مرتبط بهوية وطنية، فلا يمكن لعراقي سومري أن يتجرد منها أبدا، "الشماغ" أو "أش ماخ"، وهي ملبوس سكان الأهوار، وفي موضوع تسمية الشماغ تسعفنا اللغة الاكدية، في معرفة اللفظ الصحيح والمعنى لاسم الشماغ باللغة العربية، ان كلمة شماغ كلفظ لكلمة واحدة بصيغة "شماغ" والتي تترجم إلى اسم وصفة الشموخ والسمو، أما في العصر البابلي فقد وردت مفردة، تعطينا معنى الشموخ والامتلاء بالحيوية وبلفظ "نشماغ"، وفي المعنى فان لبس الشماغ اليوم يدل على الشموخ والسمو، الذي يتحلى به من يلبس الشماغ من الملوك والحكام والأمراء والشخصيات الرفيعة.
فكلمة "إشماغ" بكسر حرف الابتداء، فإنها تتطابق مع المعنى واللفظ العربي بالكامل، وبصيغة كلمة "اشماغ" لتعني الشامخ، وبشكل مطلق فان المعنى العام للكلمة في المعاجم اللغوية الأكدية، يأتي مرتبط بشخص ذو مكانة عظيمة وعالية، وهو ما ينطبق تماما مع من يلبس الشماغ من أصحاب السمو والمعالي.
أخبرتنا المنحوتات والتماثيل، أن من أهم حكام بلاد الرافدين الذين لبسوا الشماغ، هو أمير مدينة لكش واسمه "كوديا"، وتماثيله المحفوظة في متاحف العالم ومنها متحف اللوفر، وهو يرتدي شماغا ملفوفا على الرأس.
يلبس سكان الاهوار في الوقت الحاضر اليشماغ، ذات الخطوط السوداء والتي تشبه عيون شباك الصيد، والموشح بخطوط عريضة في جوانبه وهي متموجة تشبه أمواج مياه الاهوار، وفي حافته خطوط ورسوم سوداء تمثل زعانف الأسماك تيمنا بما كان يعتقده السومريون.
أصبحت الكوفية أو الشماغ رمزية للنضال الفلسطيني عبر الأجيال، كما وجسد ملبوس الشماغ الثورات والانتفاضات، ووقف شامخا في المحافل الدولية وعلى منبر الأمم المتحدة!..
الموروث التاريخي ومنبت الهوية العراقية، التي خرج بها اليوم السادة الوزراء في حكومة السوداني، بعد انتهائهم من أداء فريضة الحج، واستقبال ولي العهد السعودي، إشارة تحمل في طياتها إن التراث يمتلك دائما مبدأ والية دفاعية، ودبلوماسية وسياسية واجتماعية، ومصدر ثقة قادرة على تحديد الهوية والحماية والتفسير ورؤية الشعوب لأصولها وتاريخها والانتساب إليها..
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha