حسن كريم الراصد ||
هكذا أصبحت بعد أن كانت تمثل رسالة أنسانية يتوخى منها النهوض بواقع المجتمعات الخدماتية وأيصال صوت المظلومين الى السلطة والتأسيس لرأي عام يدفع بأتجاه عقل جمعي متحضر واع ..
هذه رسالة الاعلام التي كنا نعتقد بها ونؤمن بصدقها حتى كنا نشببهها برسالة الانبياء الذين بعثوا ليهدون قومهم الى الصلاح والحكام الى العدل .. لكن الذي نراه اليوم لا ينتمي للاعلام الا بالأسم وهوية نقابة الصحفيين بعدما تحول الى حرفة العاطلين اللاهثين خلف الشهرة والظهور والمهرولين خلف المكانة في قلوب الناس والتمييز والظهور ..
هذه المهنة المقدسة تحول معظم ممتهينها الى نباشين في المزابل يبحثون عما يرضي فضولهم ويبتزون به المسؤل . وقد ألغيت فقرة حب الوطن والحفاظ على سمعته من قواميس هؤلاء النباشين فهم لا يبالون بتلك القيم والاولوية أصبحت للطشة وأن كان ذلك على حساب سمعة شعبهم وتجربتهم . تلك المقدمة القاسية كانت كزفرة خرجت بعدما حدثني زميل لي عن حادثة كشفت خسة هؤلاء الذين جاء وصفهم آنفا وهم كثير للاسف .
فالقصة تبدأ بفيديو يبثه أحد المهووسين بالطشة وان كانت على حساب الحقيقة والصدق .وفي الفيديو شخص يروي كيف نقلت جثة والدته المتوفية في أمريكا على متن الخطوط الجوية العراقية ليتفاجأ بسرقة نعش والدته بعد وضع الجثة في نعش كارتوني .. ثم يأتي دور الاعلامي ليلقي خطبة متدنية الالفاظ والمفردات يشهر بها بهذه المؤسسة ويتهم مسؤوليها بشتى التهم ويعيرهم بأقذع العبارات . فيصل الفيديو لاعلام الخطوط فيشكلون فريقا للبحث في تلك الفضيحة ليكتشفوا أن لا وجود لجثة نقلت على متن طائراتهم وأن الجثة المقصودة نقلت عبر الخطوط التركية وليست العراقية .
أتصلوا بصاحب الفيديو وأخبروه بالحقيقة ومع أعتراف الشخص المدعي الا أن الاعلامي التف على الموضوع بدهاء وسبق أصرار وترصد على التشويه حيث حول القضية الى أن دائرة مطار بغداد سرقت التابوت واستبدلته بآخر كارتوني طمعا به .. عاد الاعلام الحكومي هذه المرة الى صور الفيديوات في المطار الاميركي فوجد ان الجثة وضعت بتابوت هو نفسه الذي أنزل في مطار بغداد وتسلمه أهل المتوفاة .
أخبروا الاعلامي بذلك واكتملت القصة وبان بطلان القضية وكذبها ولكن القصة الاولى هي من رسخت بذهن المتلقي وتناقلتها الصحف والمواقع ومع ذلك فلم يكلف هذا الاعلامي نفسه لانتاج فيديو آخر يشرح فيه القصة الحقيقية ويقدم اعتذارا للمؤوسسات المعنية واعتذارا للجمهور الذي خدع بقصة وهمية ولا ان يقدم أعتذارا للوطن الذي أساء لسمعته ومكانته ..فهو لم يفعل ذلك ابدا .. فهو الحصيف الجهبذ المحنك الذي لا يعتذر . هكذا وصل حال الاعلام في بلادنا بعد أن تحول الى معول يهدم تجربتنا ويسيء لبلادنا ولمؤوسساتنا ما يأنف حتى الاعلام المعادي من فعله . قلت لكم سابقا أني بت أستحي أن يقال لي أعلامي بعد أن تحول زملاؤنا الى أدوات للتشهير والتشوية وتخريب التجربة من الداخل كما رفع البزاز ذلك الشعار فحذى خلفه الكثير حذو النعل للنعل .. للاسف..
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha