علي الخالدي ||
عندما تسأل اي مسلم حول رسالة النبي صلى الله عليه وآله، فإن جوابه سيكون سطحياً ومسفهاً، محصوراً بالعبادة والأخلاق، وكأن الصراع بين الملائكة وآدم عليه السلام، كان في هذا المدار فقط.
منذ ان كنا صغاراً شاهدنا جميعاً مع الأباء والأمهات بشغف كبير، فلم " الرسالة " الإسلامي، وكنا ننتظر رؤيته في كل بداية شهر محرم, حيث نعيش دراماتيكية أحداث الدعوة السرية والعلنية, وصولاً لمرحلة الدفاع المسلح عن الإسلام، والذي كان منتج الفلم يحاول تجسيد فكرته ويختصر تاريخ وهدف النبوة في ساعتين، وهي ان رسالة النبي صلى الله عليه وآله، انحصرت في رفض عبادة الأصنام والاوثان، ونكران الرقيق وبيع النساء، وتحريم الرقص والغناء والخمور، وهي رسالة أخلاقية حقة, لتطهير المناصرين، وكانت في مطلع الإسلام وفي فجر بزوغه، وقد اهمل صانعي الفلم الجزء المهم من مشروع النبي، ألا وهو الجانب التشريعي والتنفيذي المقرر لكل هذه الممارسات.
إستكمالاً لما تقدم، فقد ملأت ذاكرتنا ومخيلاتنا نحن المسلمين بصور المسلسلات المشابهة لفلم الرسالة, او قل ان افكارها بثقت منه، وبعض القصص والمحاكاة الصورية, اخذت تعتمد مصادر الفلم، لما حققه من نجاح في العالم الإسلامي وخارجه، بسبب صعوبة البحث عن المعلومة والكتب الرصينة في ذلك الزمن، وكل هذه العوامل ولدت ذاكرة اعتمدت على التجميع المرئي او ما يسمى "التصوري " الغير قادر على إيجاد الفكرة الفاعلة والعاملة في الذهن.
قال تعالى (وما أرسلناك إلا كافةً للناس بشيراً ونذيراً ولكن أكثر الناس لا يعلمون) سورة سبأ - الآية 28 هنا في ذيل الآية الكريمة أشار إلى أن أغلب "أكثر" الناس لا يعلمون، فالعلم والمعرفة تم قتلتهما من قبل أعداء الدين منذ طفولتنا، وفي ابائنا على كبرهم للأسباب المذكورة في المراحل أعلاه، حتى "لا يعلمون" ليس "أكثر الناس" بل كل الناس، فما هو هذا الشيء المهم الذي ارسل الله تعالى به نبيه "وما أرسلناك " والذي تحاول اطفاءه وطمسه قوى الشيطان الأكبر على مدار العصور, وتريد من الناس ان (يجهلون) من خلال نشر الجهل والتفاهة، ولا يريدون ان تعلمه الحواضر والتجمعات البشرية؟ هل هو كما ذكرته القصص والافلام الصورية في العرض والمقدمة؟ فالأخلاق والعدالة والعبادة وتوحيد الله؟ هو أمر جاء به جميع الأنبياء والمرسلين: أم أن هناك فرض اخر؟
قال تعالى (يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك وان لم تفعل ما بلغت رسالته) سورة المائدة الاية 67 يتضح من الاية الكريمة, ان رسالة النبي صلى الله عليه واله تكمن في التبليغ, والتبليغ هو الاعلان والنشر والترويج لأمر مهم وهو الرسالة, التي اختزلت كل حياة النبي من تعاليم الدين الحنيف والاخلاق الحميدة والحسنة والعبادات والمعاملات, بمهمة الاشهار والافصاح عن مشروع الرسالة, وكان ذلك في غدير خم, حيث افصح رسول الله صلى الله عليه واله, عن الامر الذي فيه كانوا يختلفون, والمهمة التي كان صلوات الله وسلامه عليه, يكتفي بالإشارة اليها على مر سنين وجوده في مكة والمدينة, وصرح بالإمر الالهي ماسكا يد امير المؤمنين عليا عليه السلام, صادحا بصوته امام ومرى اكثر من مائة الف مسلم: من كنت مولاه فعلي مولاه, اللهم والي من والاه وعادي من عاداه.
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha