سعيد البدري ||
تعرف الفلسفة الوعي بكونه جوهر الإنسان وخاصيته التي تميزه عن باقي الكائنات الأخرى، حيث إنّه يصاحب كل أفكار الإنسان وسلوكه، وهو ما يطلق عليه اسم (الوعي التلقائي)، وهو مرتبطٌ بمجموعة الأحاسيس والمشاعر التي تكمن في أعماق الذات وهذا ما يطلق عليه ب( الوعي السيكولوجي)، ويظهر هذا الوعي في الحياة العمليّة الذي يتجسد بسلوكياتنا وتناولنا للافكار وتكوين الاراء والتصورات حولها .
انطلاقا من هذه المعطيات فأن مظاهر الوعي وأشكاله عديدة، وقد وضعته الدراسات النفسيّة والفلسفيّة موضع نقدٍ، حيث اعُتبرته تلك الدراسات كغطاءاً خارجياً لا يمثل الجهاز النفسي العميق، بل يمثل مظهر الذات فقط ، أما اللاوعي فهو يمثل أعماق الذات الإنسانيّة ، وعليه فأننا كمجتمعات اسلامية يجب ان نتحصن بهذا الوعي وندرك خطورة ما نمر به من مراحل ونقيم ما يطرح من افكار واساليب تستهدفنا ..
ان تسخيف الانسان والاستهانة به عبر التأسيس لمفاهيم و مسميات جديدة تحوله من كائن عاقل ملتزم الى تابع منقاد لايدلوجيا متحكمة لا احد يعرف مساراتها واهدافها يضعنا في مهب نظريات المؤامرة ، فمثلا لا احد يعرف بالدقة ماهية وكنه دعوات الشذوذ الجنسي وما يسمى حسب ما يجري التأسيس له ب ( النوع الاجتماعي ) والى اين يمكن ان تقود مثل هذه الدعوات والتأسيسات المنافية للمنظومة القيمية للبشر كوجود مرتبط بالله ،حيث اكدت آياته الكريمة في محكم كتابه العزيز على وجود نوعين لا ثالث لهما هما ( الذكر والانثى ) كما أن تجريد البشرية من اعتقادتها الحقة يجري العمل عليه من قبل مؤسسات مشبوهة بشكل عبثي تنتهي بالحط من كرامة الانسان وتجعله أسير شهواته ونزواته التي تخالف فطرته والغرض من وجوده في هذه الحياة الدنيا ..
ان البشرية اليوم احوج ما تكون فيه الى وعي جمعي وثورة اخلاقية تنهي حالة الفساد القيمي التي يسعى الغرب ومؤسساته وقراره السياسي والثقافي لفرضها بقوة التكنولوجيا والتأثيرات النفسية العميقة التي تحدثها فأعداء البشرية هولاء ليسوا بالسهولة التي يتصورها البعض وامكانياتهم المادية والعلمية ومعاهدهم الشيطانية التي تحاكي سلوكيات الانسان لاجل تدجينه وقيادته وتحويله لكائن شاذ منقاد تافه بلا محتوى روحي و شيطاني النزعة ، وهو ما ينبغي مواجهته وعدم الركون اليه عبر التحلي بالوعي التام وادراك غايات هولاء الشياطين الشريرة ، ومحاربتها بكل الوسائل المتاحة ..
ان توظيف التطور التكنولوجي وادوات التفوق الثقافي والمعرفي والفهم العميق لمتطلبات هذه المواجهة لا ينبغي ان تنحصر بالنخب الواعية فقط ، بل يجب ان توظف بسياق اعم يشمل الجميع ويضعهم في مواجهة مفتوحة تنتهي بتحصين المجتمع الاسلامي فالجميع مدعو لأن يعزز معرفته وثقافته ويقتحم ميدان المواجهة ويسهم بشكل حقيقي وبفاعلية كبيرة بالتصدي لهذه المشاريع بدءا من محاولات نشر الالحاد مرورا بمواجهة الآفات المغيبة للادراك من مخدرات ومشروبات محرمة وصولا لفكرة تقبل الشذوذ والتعامل معه كخطر يتهدد القيم الاسلامية والبشرية بشكل عام ..
اننا بالوعي وحده نستطيع مواجهة هذه الهجمات الشريرة وبأمتلاك ادواته والمعرفة الكاملة بهذه الادوات يمكننا هزيمة من يستهينون ويستخفون بالانسان ككائن واجب التكريم كما اراد الله وسارت مشيئته جل وعلا .. وذلك يبدأ حتما من الاسرة والمدرسة والمؤسسات الدينية واماكن العبادة ناهيك عن النخب الاجتماعية والثقافية والفكرية التي ينبغي ان تنخرط في تعميم الوعي وبنائه وعدم التفريط بأجيالنا القادمة لأنها نتاج ما سنترك لها من تأسيسات صحيحة واعية ..
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha