كوثر العزاوي ||
إنّ من العظمة التي تمثّلت بها نبوّة الخاتم محمد "صلى الله عليه وآله" وماتجلّى معها نور الهداية الربانية التي هي الصراط الوحيد للإنسانية الراشدة وضرورة من ضرورياتها، إذ بدونها يفقد الإنسان إنسانيته ويهوي إلى وادي الحيوانية السحيق ومن هذا المنطلق حرص رسول الإنسانية بوحي رأفته ورحمته التي حباه الله تعالى بها حينما قال:
{لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ}التوبة ١٢٨
فقد كان صلى الله عليه وآله غيورا على الرسالة الأسلامية الإنسانية العالمية الخاتمة، عندما لم يترك قضيّة الولاية من بعده خاضعة للاجتهادات حتى نزل أمر الله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} المائدة ٦٧
ويومئذ بايع من الناس رسول الله "صلى الله عليه وآله" وكانت يده فوق أيديهم والقرآن عبّر عنها أنَّها كانت بيعة مع الله، وعن يدِه أنَّها يد الله لأنَّه رسوله وهو الذي يمثّلهُ في اﻷرض، ما يتوضّح، أنّ بيعة الرسول هي بحقيقتها بيعة الله بنص القرآن الكريم! وبالتالي فأنّ بيعة أمير المؤمنين "عليه السلام" هي بيعة الرسول وهو وصيّه و خليفته ومَن أمرَ الله رسولَه لجَعلهِ الوزير والوصيّ والوارث في يومٍ تميز بالاهمية والقداسة في حادثة الغدير في أرض خم، وتَدخُّل السماء المباشر فيها بدا جليّا في صريح ماثبتَ في القرآن والسيرة النبوية المطهرة مما لاريب فيه! ليُصبح أمْرُ الخلافة والولاية في أهميّته ونتائجه المتمثّلة في استمرار خطّ الرّسالة والنبوّة والإمامة، ما يجعل التركيز على مسألة الخلافة والولاية وتأكيدها أمراً أساسيًّا في حركة التّشريع وبناء المجتمع وتربيته على ضوء الوعي لأهميّة القيادة في حياة الأمّة، ليكون هذا الاتجاه في التّفكير أساسًا للبحث من أجل مواجهة الهجمات الشرسة التي تحاك بالضد مقابل تأصيل الهوية الشيعية على ضوء إحياء عيد الغدير وموقعيته في بناء المجتمع الشيعي وفق منهج الولاية الإلهية يوم أشرقت شمسها عند الغدير في الثامن عشر من ذي الحجة الحرام للسنة العاشرة للهجرة. مبارك لجميع الموالين لآل محمد عليهم السلام عيد الغدير الأغر.
من جوار بيت الله الحرام
١٥-ذي الحجة ١٤٤٤هج
٤-تموز-٢٠٢٣
ــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha