قاسم سلمان العبودي ||
الحديث عن العملية السياسية العراقية يشبه الى حد كبير عمن يبحث عن دبوسا في كومة قش . فلا ثابت هنا في العملية السياسية سوى الأصرار على تقاسم أدارة الدولة وفق صراعات سياسية وحزبية ومحاصصة أضرت بالعراق منذ عام 2003 الى يومنا هذا . بالرغم من مضي أكثر من عشرين عاماً على التجربة الديمقراطية التي جاءت بعد الأحتلال الامريكي للعراق ، نرى أن تلك التجربة بحاجة الى تقييم وتقوييم .
فعندما نقول بأن التجربة الديموقراطية لم تنضج ، فأننا نظلم أنفسنا كثيراً . وأذا سلمنا بنضوج تلك التجربة نسأل ، لماذا لا نرى أثر ذلك النضوج على سلوك الشعب الساخط على الحكومات كلها منذ سقوط النظام البعثي الى يومنا هذا ؟ نرى بأن الثابت الوطني قد غاب تماماً لدى بعض رؤساء الكتل السياسية العراقية ولم يبقى سوى المتغير الذي يتغير بحسب مصالح تلك الفئة أو مصالح ذلك الحزب . وألا ، ماهو السبب الرئيسي الذي يلجم أغلب الكتل السياسية عن المطالبة بخروج القوات الاجنبية والأميركية ، بالرغم من وجود قرار برلماني سابق يطالب بخروج تلك القوات ؟
وليس هذا فحسب ، بل أننا لا نرى نشرة خبرية واحدة تخلو من زيارة السفيرة الامريكية لقيادات البلد بلا أستثناء ، غثهم وسمينهم وكأنها المشرف العام على الحكومة والشعب حتى أصبحنا للأسف أضحوكة امام العالم باسره . فهل يعقل ( مثلًا ) لحكومات متتالية وبموازنات انفجارية أن لاتستطيع أنشاء محطة واحدة لتوليد الكهرباء في صيف قائض تصل فيه الحرارة الى نصف درجة الغليان ، بل تتعداها في بعض الأيام ، والكل يعلم سبب ذلك هو الأحتلال . أذن لماذا هذا التصاغر أمام المحتل ؟
وغيرها الكثير من الأسئلة التي يتناقلها الشعب الذي خرج من ظلم الدكتاتورية الى ديمقراطية المحتل الامريكي . وحتى أؤلئك الذين كنا نتوسم فيهم المقاومة وأندكاكهم في مشروع مقاومة المحتل ، أكتفى البعض منهم بمقاومة المحتل عبر منصة تويتر التي لا تستفز ( أحساس ) السفارة وأدارتها لشؤون البلد . نرى أن جميع الحكومات تعيش وتتعايش مع المتغير على حساب الثابت . وأن لا نهضة حقيقية لهذا البلد مع غياب التخطيط الاستراتيجي لبناء دولة . والمضحك المبكي ان جميع الحكومات التي توالت بعد تغيير النظام السابق جاءت عن طريق نفس القوى السياسية العراقية التي تتحكم بالمشهد السياسي منذ عشرين عاما . وليس ببعيد مثلاً حكومة الكاظمي التي أتخمت العملية السياسية بشتى صنوف الفساد الاداري والسياسي والاقتصادي ، والتي تُسب اليوم جهاراً نهارًا على ألسنتهم ، وهم كانوا جزءا مهماً من تسلمها مقاليد السلطة .
مما تقدم نرى بأن الحلول لمعالجة أزمة الدولة العراقية ليس وفق مقترحات رجال الفكر والأعلام ، أو مراكز الابحاث الدراسية التي لم تتوانى بتقديم الحلول المناسبة في ادارة الدولة . بل أن جميع من يطلقون عليهم مجازًا أعلاميي الأطار التنسيقي بذلوا الغالي والنفيس من أجل الدفاع عن العملية السياسية وأركانها عبر وسائل الاعلام المختلفة . وماذا كانت النتيجة ؟ أدار الإطار ظهرهُ لكل من دافع بصدق عن المتبنيات الوطنية وأغلقوا الابواب أمامهم ولم يدعونهم حتى الى لقاء ( بروتوكولي ) ، وقربوا من كان لهم بالمرصاد من الفرق المناوئة . وحتى نكون منصفين يستثنى واحد منهم أو أثنان فقط مما ذكرنا .
لذلك نقول الحل الوحيد يكمن في :
🔺أولاً تفعيل قرار البرلمان بخروج القوات الاجنبية والأميركية من العراق ، ومن ثم العمل على سد الثغرات الدستورية والقانونية التي ينفذ منها الفاسدون .
🔺 ثانياً أعادة النظر برواتب الرئاسات الثلاث ونثرياتهم الفلكية ، مع رواتب النواب ونثرياتهم.
🔺 ثالثاً . رسم ستراتيجية أقتصادية جديدة تخدم مصلحة الشعب العراقي وأزالة الفوارق الطبقية الكبيرة والتوزيع العادل للثروة .
🔺 رابعاً . تفعيل لجان مكافحة الفساد بشكلٍ صارم وتقديم كل من سرق أو ساهم بسرقة أموال الشعب العراقي مهما كان أسمهُ أو رسمه .
وهناك كثير من النقاط التي يمكن العمل عليها للنهوض بالبلد مثل صعود قوى سياسية جديدة تستشعر الهم الوطني والتي ستكون كفيلة بأزاحة بعض من سياسي الصدفة الذين أعتاشوا ولا يزالون على أموال الشعب الذي طحنته صراعاتهم السياسية من أجل الأستحواذ على ما يمكن استحواذه وسرقته من أموال هذا الشعب ( المكرود ) . هنا تكمن قوة السياسي الذي يريد ان يتخلد أسمه وفق الثابت الوطني من خلال رسم السياسات الكفيلة بصناعة دولة . وخلاف ذلك فأنه خرط القتاد .
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha