مصطفى الهادي.
يقول عبد اللطيف رشيد : (رئيس الجمهورية لوفد كردي : هناك نقص بإجادة اللغة العربية من قبل أفراد هذا الجيل ويجب تدارك هذا الخلل).(1)
تصريح رئيس الجمهورية يكشف مؤامرة يقودها مسعود برزاني والطغمة الفاشية التي تحكم شمال العراق ، ضمن سلسلة مؤامرات لا تُريد خيرا بالعراق وأهله، فقد تعمدوا تكريد شمال العراق وإلغاء اللغة العربية بعد سنة 1990 حين اصبح الشمال محميا أمريكيا ، ومُنع الطيران العراقي وتقلص عدد القوات العراقية وأصبحت (كردستان) شبه مستقلة. وبعد سقوط صدام ومجيء سلطة أو حكومة المحاصصات، التي لا تمتلك خبرة إدارة الدولة، استغلت الطغمة الكردية نقاط ضعف معينة في المكون الشيعي الأكبر خصوصا ، لتمرر تدريس اللغة الكردية في المدارس العراقية في الوسط والجنوب، مع عدم تدريس العربية في شمال العراق في محاولة لسلخه من محيطه العربي، وهكذا نشأ جيل كردي جديد لا علاقة له باللغة العربية. يضاف إلى ذلك ، ان الطغمة الفاشية في كردستان زرعت في قلوب أبناء الشمال حب إسرائيل (المنقذ) وبغض العرب وكره اللغة العربية، وكثيرا ما نجد بعض الأكراد يتكلمون العربية ولكنهم لا يتجاوبون معك إلا باللغة الكردية، والأغرب من ذلك كله أن نيجرفان برزاني عندما خطب في بغداد ، فقد خطب باللغة الكردية وكان هناك مترجم للعربية ينقل كلامه للمسؤولين.
اليوم إقليم كردستان يتمتع بكل مقومات الدولة المستقلة ، فلهُ لغته الخاصة ولهُ نفطه وثرواته ومنافذه وسدوده وحدوده ويتنازع على مناطق (متنازع عليها)، وفيه برلمان ورئيس ونائب رئيس ووزراء ، وله علاقاته الدبلوماسية مع دول العالم عن طريق القنصليات . ولهم مطاراتهم التي يطيرون بها إلى الدول من دون علم بغداد ، ولا يجرأ أي مسؤول أو شخصية عراقية الدخول لكردستان إلا بعلم مسبق، ناهيك عن إيواء كردستان للسرّاق الحرامية والفاسدين المخضرمين ورؤوس البعث الإجرامية العفنة، وكذلك إيوائها لميليشيا الشر الكردية التركية (حزب العمال الكردستاني) والتي بسببها احتلت تركيا أجزاء واسعة من شمال العراق وأسست قواعد لها وتقصف وتقتل ولا من رادع ، وكذلك منظمات الإرهابيين الانفصاليين الكرد الإيرانيين التي ترتع وتسرح وتمرح في شمال العراق مما تسبب في خرق للسيادة العراقية من قبل إيران لردع هذه الشراذم الانفصالية. ولعل اخطر ما فعلته كردستان هو إقامة اكبر قاعدة للموساد في أربيل و دوكان والمجاهرة علنا بإقامة مؤتمرات التطبيع. وعندما افتضح امر ذلك قال مسعود برزاني في السادس من يونيو الماضي : (أن العلاقات مع إسرائيل ليست جريمة طالما أن أغلب الدول العربية تقيم علاقات معها).(2)
أن التدخلات الأمريكية البريطانية الإسرائيلية الخليجية والفساد الذي اضعف الحكومة ونخر في مصداقيتها وافقدها هيبتها وجهل الحكومات المتعاقبة بالسياسة وإدارة الدولة ، هو السبب في كل ما حصل في العراق من تغييرات ديمغرافية أو ثقافية أو اجتماعية ، وإذا لم يتم اقتلاع الفساد من جذوره وكبح جماح أمريكا وإسرائيل وذيولها فإن أمر العراق إلى سفال ، والمستقبل لا يُبشّر بخير، وخير دليل على ذلك اختراقات الموساد الإسرائيلي الذي يصول ويجول في ربوع العراق مخربا مدمرا حيث جعل العراق مسرحا لتصفية واغتيال الكفاءات العراقية وإضعافه. ومركزا للتجسس على دول الجوار، وخصوصا مراقبة إيران وسوريا العدوان اللدودان في الشرق الأوسط .ولم تتدخل الحكومة لوضع حد للموساد وفساده فقامت بذلك بعض الفصائل وتوجت عملها باعتقال الجاسوسة (اليزابيث تسوركوف).(3) فكانت فضيحة مدوّية تبين مدى عجز الحكومة بكل مؤسساتها عن كشف ذلك وقيام فصيل صغير بذلك ، وتصوّر حجم الحدث وخطورته أن يقوم رئيس وزراء إسرائيل شخصيا بمتابعة ملف الجاسوسة وأعلن عن اختفائها في بغداد، ثم اعقب ذلك الزيارة المفاجئة لرئيس حكومة كردستان مسور بارزاني إلى إسرائيل. (4)
يا ليت حكومتنا العراقية تتخذ عبرة من قصة الجاسوسة الإسرائيلية المصرية (هبة عبد الرحمان سليم عامر) التي نجحت أيضا بتجنيد المقدم مهندس الصاعقة فاروق عبد الحميد الفقي مدير منصب قائد سلاح الصاعقة المصري. فقبضت عليها المخابرات المصرية فطالبت بها رئيسة وزراء إسرائيل شخصيا كولدا مائير، وتدخل وزير خارجية أمريكا حينها هنري كيسنجر . ولكن السلطات المصرية بادرت إلى إعدامها شنقا وتتخلص من شرّها. واليوم يتكرر نفس السيناريو المصري . فقد تدخل رئيس وزراء إسرائيل نتيناهو ، وتدخلت أمريكا ، وتم تحريك شراذم منظمات المجتمع المدني في بغداد والإيعاز إلى أبناء السفارات ليكتبوا في مواقع التواصل الاجتماعي مدافعين عن الجاسوسة الإسرائيل. فهل سوف تستسلم الحكومة العراقية لذلك أم أنها ستبادر إلى إعدامها في حال العثور عليها كما فعلت الحكومة المصرية.
المصادر:
1- ) وكالة أنباء براثا ، 9.7.2023. ومواقع أخرى.
2- الحوار المتمدن-العدد: 5122 - 2016 / 4 / 3.
3- باحثة إسرائيلية تعمل في معهد نيولاينز للاستراتيجية والسياسة وهي زميلة في منتدى التفكير الإقليمي وهو مؤسسة إسرائيلية. اختُطِفَت في أواخر شهر آذار/مارس 2023 في العاصمة العراقيّة بغداد، ووَجهت إسرائيل أصابع الاتهام لكتائب حزب في الوقوفِ خلف اختطافها.
4- الواح طينية عدد الثلاثاء . 11 يوليو 2023. مقال تحت عنوان : هل زار مسرور بارزاني إسرائيل سرا ، للكاتب يوسف الراشد.
https://telegram.me/buratha