واثق الجابري||
"لا تسرع يا بابا نحن بانتظارك"، عبارة تنبيه تستخدمها مؤسسات المرور، وتعني أن السرعة ربما تؤدي الى الهلاك، وهناك أطفال ينتظرون، مستخدمة الطفولة لبراءتها، ولكون معظم الناس يتأثر بالأطفال أكثر من الكبار مثلما يقلل على مستقبلهم.
يكبر الأطفال وهم في أعين ابائهم اطفال، وعينهم عليهم كما لو كانوا صغارًا، رغم ذلك يجهدون لأجلهم تربيةً وتعليمًا من أجل ضمان مستقبلهم.
تكمن أهمية التربية والتعليم، في تحسين أوضاع الاشخاص وإصلاحهم، وبتكرار الفكرة والممارسة، اصبحت ثوابتها أكثر رسوخاً من القوانين، والأكثر منها إذا كانت بتطبيق المعلم أو الأب، لكن المتربي يتمرد عندما يراها مختلفة عن مبدأ "التربية تطبيق لا وصايا"، والتربية الصحية تجعل الانسان أكثر أخلاقًا، وبالتالي أكثر سعادة، إلاّ مَنْ شذَّ فيظن أن المال هو ما يحقق السعادة، وبما أن الهدف غير نبيل، فيمكن أن تكون الوسيلة غير نبيلة أيضاً، لكن بعض الفلاسفة يرون أن المجرم المتعلم أكثر خطورة من المجرم الأمّي، والتعليم لا يعني الدراسة فحسب، بل التعليم المنزلي جزء أكبر في تعليم الفرد.
يأمل معظم الآباء رؤية أولادهم بحال أفضل منهم، ويحاولون ضمان مستقبلهم ولو كان ذلك بشقائهم، وقد يقبلون الكد والنكد من أجل تحقيق هدف سعادة مستقبل أبنائهم، حتى يقولوا: (نموت مرتاحين)، إلاّ ان بعضهم يفعل ما يحقق مستقبل أبناءه، دون أن يفكر بالطريقة التي تجلب لهم المال، ولا بعواقب الكسب غير الشرعي، كالمسرع في الطريق لا يفكر أنه في لحظة، يتحول الى أثر. وقد لا يذكر، أو بسبب ما يترك عليه وعلى أبنائه في طيلة حياتهم أثرًا سيئًا.
يظن الأبناء دائمًا أن الآباء مثلهم الأعلى، وكل ما يفعلون هو الصحيح ولمصلحتهم، وبالوقت نفسه فإن هؤلاء الآباء السلبيين دائمًا ما يحدثوا أبناءهم عن قصص الفقر والمعاناة التي عاشوها، لكنهم فعلوا المستحيل من أجل إسعاد ابنائهم وضمان مستقبلهم، لكن هذا لا يمنع الأبناء في لحظة من مراجعة أنفسهم وحساب كيف اجتمعت كل تلك الأموال عليهم بدون تعب، رغم أن أولئك الآباء يغرقونهم بالملذات تارة، وأخرى عن قيم خالفوها، ويظهرون أمامهم بصورة الإنسان الذي كابد فنال استحقاقًا، ولم يمنع محتاجًا بل كان عونًا له من حسابه الخاص.
إن الاعتقاد السائد عند الفاسدين الذين سرقوا المال العام، بأن أفعالهم ضمان لمستقبلهم ومستقبل أبنائهم، لكنهم لم يدركوا أنهم أسسوا الى جيل من الفاسدين والمجرمين، الذين لا تقف أمامهم تشريعات وقوانين من أجل الحفاظ على ما حصلوا عليه، وعند إكتشاف فساد الأب أو تنحيته على مصادر الحصول على تلك الأموال، فلا سبيل لهؤلاء من العيش الا باتّباع سبلًا غير مشروعة، وأن ظن بعض الآباء شراء بعض الشهادات الدراسية، فلن يكون أبناؤهم ناجحين في حياتهم، بل سيسيرون على منهج الآباء بالحصول على المال بالفساد.
لو يدرك الأبناء خطورة ما يفعله بعض الأباء من أجل الحصول على المال، لقالوا لهم: لا تسرق يا بابا فأنك ضيعت نفسك كمثل أعلى، وأضعتنا كعناصر فاعلة في المجتمع، وأنك أب لا تجيد التربية والتعليم، وإنما تتخذنا وسيلة للتذرع بما تقوم به من فساد، وأن هذا الفعل سيؤدي بنا الى الانحراف، وأدى كذلك بغيرنا، ومنهم من قتلته ونقتله بسبب سرقات الفساد.
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha