انتصار حميد ||
أن عالم اليوم هو عالم سقوط الأخلاق، عالم تسيطر عليه الأنتهازية والنفعية والماديات، وأن أهل المفاسد أصبحوا هم النماذج في هذا العالم، وهذا أمر في غاية الخطورة، فحين يصبح الإنسان الفاسد نموذجاً للآخرين فكيف يتربى العالم على أيدي هؤلاء؟
ومن هنا نحتاج أن نركز ونفهم بشكل دقيق معنى البصيرة، فأن الإيمان الصلب ينشأ من البصيرة، والتي تعني المعرفة العميقة للحياة، والوصول إلى معنى الوجود الحقيقي، والبصيرة تؤدي إلى اليقين، كما قال الأمام علي (عليه السلام) " لا بصيرة لمن لا فكر له ".
وخير ما نقتدي به في معرفة البصيرة ونستلهمها من ذلك الأمام الذي هو قدوة الأحرار، وعَلَم الثوار، صرح الأخوة الشامخ، مدرسة الإيثار والتضحية، العباس بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهما السلام)، حيث كان أبي الفضل (عليه السلام) نافذ البصيرة، وأن شخصيتهِ تمثل كل القيم الأخلاقية والمعاني العظيمة.
أن جهاد الأمام العباس (عليه السلام) وتفانيه في سبيل الأمام الحسين (عليه السلام) لم يكن لأجل القرابة، بل كان يرى أن نصرة الأمام الحسين (عليه السلام) هي واجب، لأنه الأمام المفترض الطاعة والحجة من الله تعالى على الخلق.
فمن أبرز القيم التي يجسدها الأمام العباس (عليه السلام) يوم عاشوراء: هي عمق الحب والوفاء للإمام الحق، وشدة التفاني والذب عنه، وهذه هي خصال الأنصار الحقيقيين، وأن المجاهد المؤمن لا يخشى إلا الله عز وجل، ولا يرهب من الناس مهما جمعوا وجندوا لمحاربته، كما أن الدفاع عن الدين يبقى هم المؤمن إلى آخر لحظات حياتهُ، وأن صدق اليقين والإيمان بالعقائد الحقة هو الحصن الذي يحمي المجاهد من الأنهيار مهما اشتدت الصعاب.
فوفاء الأمام العباس (عليه السلام) وموقفهِ الكبير، وبصيرتهِ المتيقنة، في موُاجهة ورفض أغراءات سلطة يزيد بن معاوية، التي عرضت عليه يوم عاشوراء من اجل ترك امام زمانه وحيداً في سوح الحرب، لهو خير تجسيد على الثبات والأيمان الحق الذي لا تشوبهُ شائبة.
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha